ما حصل في المجلس النيابي هو انجاز وهمي، ومجرد مسرحية سوريالية فولكلورية ساخرة، وبدعة في مجال «تبويس اللحى». هي في حدّها الأقصى «همروجة» هدفها تحسين صورة النواب وإيجاد تسوية وتوازنات ومُجاملة بين القوى السياسية.
لم تسمح قوى الفساد بإجراء تدقيق جنائي في مصرف لبنان، فكيف يُمكن إجراؤه في مروحة واسعة من دهاليز الإدارات ومؤسسات الدولة والصناديق والمصالح المستقلة والبلديات؟
وماذا يعني صدور قرار صيغ من 22 كلمة، وليس قانوناً؟! أين يُمكن صرفه سوى في الإطار الشعبوي؟! وهل هذه التوصية أو هذا «القرار» أقوى من قانون السرية المصرفية على سبيل المثال؟!
ثم ان الإجماع النيابي في لبنان بحد ذاته، على أي أمر، هو شبهة ومدعاة للشك! فهل هذا تدقيق جنائي أو تمييع دعائي؟!
اعتدنا ان تُدفن الحلول والحقائق عبر إحالتها الى اللجان، واليوم يُدفن التدقيق الجنائي عبر استصدار قرار في جلسة «مصيرية»! فهل سينام هنيئاً في غياهب الأدراج كمن سبقه من القوانين و«النتعات الاصلاحية»؟!
ان العبرة في التنفيذ وليس في «التنفيس»، فهل سيُطبَّق هذا القرار ويُحقّق الغاية المرجوّة منه، أين تفاصيله وكيف ووفق أي آلية تنفيذية وقانونية وقضائية سيُطبّق، ومتى يبدأ، وكم سيستغرق من الزمن لإنجازه؟! والكل في لبنان يعلم ان شياطين التمييع تكمُن في التفاصيل.
وفي حال حصلت المعجزة وتم التدقيق «الشفاف»، فمن يضمن ان الأدلة لم يتم اتلافها واخفاؤها، ومن يضمن ان لا يتحول «التدقيق» الى غطاء لتبرئة ذمم المتورطين وتجريم المواطنين، وتوطئة لإعلان اختفاء أموال المودعين إلى الأبد؟!
للأسف، واقع الأمر أنه في دولة «حاميها حراميها» ممنوع ان يعرف اللبنانيون من سرقهم وأفلس الدولة وحوّلهم الى شعب بائس دون رجاء.