بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 آب 2022 12:00ص اللي عند أهله... على مهلُه!

حجم الخط
في عام 2018 تم تجربة تشجيع وتسهيل عودة السوريين طوعاً إلى المناطق الآمنة في بلدهم عبر ترتيبات قام بها جهاز الأمن العام اللبناني وجهود اللواء عباس إبراهيم، وباءت التجربة بالفشل السريع والذريع، والآن يحاول وزير المهجرين عصام شرف الدين عبثاً إعادة تجربة المُجرَّب لأن عقله مخرَّب!
حقيقة الأمر أن عودة السوريين طواعيّة غير واردة... عودة السوريين بالقوّة غير مُمكنة... عودة السوريين عبر الاغراءات والتقديمات الماليّة غير متوفرة!
معظم السوريين لا يرغبون في العودة وقد استطابوا الإقامة في لبنان، منهم من أصبح له أعماله الخاصة ومحلاته وتجارته واشترى العقارات، ومنهم من يقبض «دكّة» من المنظمات الدوليّة والمنظمات غير الحكوميّة، ومنهم من حصل على الجنسيّة اللبنانيّة، ومنهم من لديه مشاكل امنيّة أو مطلوب من قبل سلطات بلده ولا يجرؤ على العودة.
وعلى أي حال أصبحت معظم الأماكن آمنة في سوريا، ونرى العديد من السوريين «رايحين جايين» بين سوريا ولبنان لتمضية الأعياد والمناسبات وزيارة الأهل والعلاج والتموين والزواج والأعراس، مما ينفي صفة تعرّضهم للخطر أو المضايقات، بل أصبحوا مصدراً لرفد النظام السوري بـ«الفريش» دولار حيث فُرض عليهم رسم دخول مئة دولار على الشخص الواحد في كل زيارة!
السُلطة في سوريا لا ترغب في عودة مواطنيها السوريين من لبنان، وهل تذكرون تصريح بشار الأسد عن «سورية المفيدة»؟!
دول أوروبا لا ترغب في هجرة السوريين إلى بلدانها بطريقة غير شرعيّة. الدول الغربيّة والمنظمات الدولية (لغرض في نفس يعقوب) لا ترغب في عودة السوريين إلى بلدهم إلاً ضمن ما يُسمّونه طوعاً ودون إكراه وبعد تهيئة الظروف المواتية للعودة الآمنة والمُناسبة، وذلك ضمن شروط تعجيزيّة، ويوحون بضرورة تثبيت النازحين السورييّن في لبنان (تعبير مموّه للتوطين) أو منحهم امتيازات ومميّزات وتقديم المزيد من التسهيلات.
وأيضاً هناك بعض الجهات اللبنانيّة التي لا ترغب بعودة السوريين إلى ديارهم لحسابات ومُعطيات خاصة بها أو لأنها مستفيدة من الوضع الراهن. ومن هذه الجهات من كان يُراهن على الكثافة العدديّة السوريّة في تغليب كفّته في معادلات الداخل، أو لمحاولة استخدامهم ضد النظام السوري... إلى حين شاهدوا مواكب السوريين الحاشدة تتجه إلى السفارة السوريّة في اليرزة في أيار 2021 لتجديد البيعة للرئيس القائد!
وتُفيد بعض المعلومات الصحفيّة أن «عدد العاملين في المشاريع الخاصة بالنازحين السوريين في وزارتي الداخلية والبلديات والشؤون الاجتماعية يناهز 125 متعاقداً بموازنة شهرية توازي 150 ألف دولار ما عدا كلفة الاتصالات والمحروقات والسيارات».
وللتذكير أنّه منذ بداية الحرب الأهليّة السوريّة عام 2011 تم دسّ تعبير «النازحين» صفة للسوريين الذين لجأوا إلى لبنان، بينما هم وفق القانون الدولي وواقع الأمر «لاجئين» انتقلوا من بلد إلى آخر عبر الحدود، وليسوا نازحين انتقلوا من منطقة إلى أخرى ضمن حدود البلد ذاته.
وختاماً للتذكير أيضاً بحجم جرائم القتل والاعتداء والاغتصاب والسرقة والمخدرات والدعارة والسلاح والتزوير والنصب والاحتيال والتهريب ووضع اليد عنوة على الأراضي والممتلكات والمشاعات، قبل التذكير بحجم استهلاك الكهرباء والخبز والماء والسلع المدعومة، أو الاستئثار بالوظائف والعمالة!
بعدا هذا كلّه، ألا ينطبق المثل المعروف «اللي عند أهله... على مهلُه» على هذا الوضع الخطير المُتفلّت والمُستعصي!