في الذكرى الاولى لجريمة العصر والتي ادت بحياة اكثر من مئتي مواطن بريء واصابة الاف الجرحى وتدمير وخراب عاصمة بأكملها لا يزال لبنان والعالم بإنتظار مصير التحقيقات القضائية لكشف اسباب ومسببي اكبر ثالث انفجار شهده العالم. في هذا الوقت يستمر اهالي الشهداء والمصابين بتحركاتهم دون كلل او ملل وفي كل الاتجاهات على امل معرفة سبب استشهاد احبائهم، فمنذ انفجار المرفأ في الرابع من اب الماضي ولبنان يعيش تداعيات هول الجريمة التي لا يمكن ايجاد وصف لها، والكلام والتضامن والمواساة وحده لم يعد يكفي فجميع اللبنانيين بإنتظار الافعال وليس تنظير المسؤولين لا سيما بالنسبة الى موضوع رفع الحصانات، فقضية انفجار المرفأ ليست بالعادية بل اصبحت قضية رأي عام دولي.
وعن مسار وتطورات الدعوى قضائيا تحدث ممثل نقابة المحامين والضحايا في دعوى المجلس العدلي يوسف لحود «للواء» فقال: «ما يهمنا في مسار الدعوى المحاسبة الشاملة افقيا وعاموديا، افقيا يجب ان تشمل المحاكمة كل الجهات التي لها علاقة داخل لبنان وخارجه من شركات وافرد وايا يكن، ولكن عاموديا يهمنا محاسبة المتسبب داخل لبنان وان لا تقف هذه المحاسبة عند مدير عام خصوصا ان هناك ربما عرقلة من قبل البعض للوصول اليه».
هناك امل للوصول الى الحقيقة
اضاف:» نريد ان تبدأ المحاسبة من رئيس مجلس الوزراء وما دون، لانه لا يمكن ان نقول من رئيس الجمهورية وما دون فالمادة 60 من الدستور تمنع القضاء من ملاحقة الرئيس مهما كانت نوع الجرائم التي يرتكبها، بينما يمكن محاسبة رئيس الوزراء وما دون امام القضاء، من هنا نؤكد ان اهالي الشهداء لن يستكينوا ولن تكون دماء الضحايا واشلائهم مرتاحة الا من خلال المحاسبة حتى الاخر».
وحول ما اذا كان هناك من امل للوصول الى الحقيقة ومحاكمة مسببي هذا الانفجار، خصوصا بعد ما شهدناه من حكم من قبل المحكمة الدولية في قضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري، يؤكد لحود التمسك بالقاضي طارق بيطار وبالقضاء اللبناني لان لديه فاعلية اكثر من المحاكم الدولية بالنسبة لكشف المجرمين، وهو اعتبر ان النتيجة التي صدرت عن المحكمة الدولية في قضية الرئيس الشهيد الحريري كانت هزيلة امام الجريمة التي تم التحقيق بهاعلى الرغم ان عملها استمر مدة 15 عاما وكلفت مئات المليارات حيث اظهرت النتائج بان مرتكبا واحدا هو الذي نفذ هذه الجريمة وهذا امر غير منطقي.
القاضي بيطار جريء وممتاز
ويشير المحامي لحود الى ان الوضع في لبنان مختلف، حيث كان لدى القاضي فادي صوان جرأة كبيرة والقاضي بيطار جريء ايضا وممتاز ومتابع لتفاصيل القضية، وتم الوصول حتى الان الى نسبة ما بين 60% الى 70% بالدرجات الافقية والعامودية، كما ان لا يزال هناك المزيد لان المجال متاحا رغم وجود العراقيل من ناحية الحصانات والاذونات للمثول امام قاضي التحقيق العدلي، ولكن صلابة القاضي بيطار ووقوف نقابة المحامين الى جانبه بشخص النقيب الدكتور ملحم خلف ومكتب الادعاء الذي تم تشكيله وانا احد اعضائه من خلال تمثيلي لنقابة المحامين واهالي الضحايا بصلابتنا وعدم تخاذلنا مهما كان الثمن لا بد من الوصول الى نتيجة.
اقتراح قانون رفع الحصانات غير قابل للتنفيذ
وعن اقتراح القانون المقدم من كتلة المستقبل النيابية المتعلق برفع الحصانات وامكانية مساعدة هذا الاقتراح في التحقيقات، يرى لحود ان الاقتراح
جيد لكنه نظري و غير قابل للتطبيق، لانه عمليا عندما تكون الحصانة دستورية فالموضوع يحتاج الى تعديل للدستور، ولكن لو كانت الحصانة قانونية كنا بحاجة لقانون فقط، لذلك هناك فرق بين القانون والدستور الذي يحتاج الى اكثرية معينة للتعديل اي اكثرية الثلثين وهذه الاكثرية ليست متاحة حاليا في المجلس النيابي، خصوصا ان نصاب النصف زائد واحد لا يمكن تأمينه، فكيف يمكن تأمين اكثرية الثلثين لتعديل الدستور فهذا غير متوفر، ولكنه كرر تأييده لاقتراح رفع الحصانات الذي كان اقترحه سابقا، معتبرا ان ما يهم الناس هي النتائج العملية .
وعن تهديدات عدد من اهالي الشهداء للمسؤولين خصوصا بعد ما شهده لبنان نهاية الاسبوع الماضي من جريمة بدافع الثأئر بسبب تخاذل القضاء عن تحقيق العدالة يقول لحود: «كمحامي وقانوني انا ضد موضوع الاخذ بالثأر والا عندها نعود الى شريعة الغاب، وهذا يعني فلتان كلي للدولة وتلاشيها، وهذا الامرغير جيد للبنانيين جميعا، شريعة الغاب سيئة للجميع وانا ضد مخالفة القانون او التحايل عليه».
على الشعب محاسبة المسؤولين في الانتخابات
اضاف: «هناك جريمة اسمها جريمة العصر ادبيا كان من المفروض ان يضع كل المسؤولين انفسهم في تصرف قاضي التحقيق، ويتنازلون عن كل حصاناتهم، وهذا الامر يسمى المحاسبة الذاتية والادبية، للاسف فهذا الامرغير متوفر في دولتنا، اما بالنسبة للمحاسبة الشعبية فالناس عليها ان تحاسب كل مسؤول ن في الانتخابات المقبلة، ولكن يبقى الخوف من سيطرة المذهبية والعصبية والفئوية على وعي الشعب، وعندها تكون المحاسبة الشعبية غير متوفرة لذلك ليس لدينا الا المحاسبة القضائية، فالقاضي بيطار هو قاضي جريء ولديه ضمير و نعول على المحاسبة القضائية.
لا ثمن مادي للدم مهما كان كبيرا
وعن ما بعد الرابع من اب قضائيا، يؤكد المحامي لحود انه علينا الانتظار من اجل الحصول على نتيجة ممتازة، لان السرعة في الحكم قد تصل الى نتيجة هزيلة، هناك الكثير من الامور تحتاج للانتظار مثلا الحصانات النيابية، خصوصا انه حاليا هناك حكومة مستقيلة و المجلس النيابي يعتبر في دورة انعقاد استثنائية وهو بحاجة لاذن في موضوع الحصانات ولكن اذا تم تشكيل حكومة يمكن لقاضي التحقيق السير في الموضوع دون طلب الاذن، ويشير الى ان من يحمل الجمرة ليس كمن يراها.ويختم قائلا: «ليس للدم ثمن مادي مهما كان هذا الثمن كبيرا، ولكن يمكن ان يبرد قلب الاهل الشهداء عندما يتأكدون ان دماء ابنائهم لم تذهب سدى وهي كانت سببا لنشوء دولة القانون وانتزاع المسؤولين الفاسدين من مراكزهم ومحاسبتهم، عندها يفتخر الاهالي انهم قدموا شهداء في سبيل اقامة دولة يحكمها القانون والعدل.