بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 تشرين الثاني 2022 12:00ص «المعادلة الخشبية» والتدخّل الأميركي سبّبا تصلّب الحزب في اختيار الرئيس

الهدف حماية رأس المقاومة وتوقّع اصطفافات تحت عناوين جديدة

حجم الخط
جاء كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أمس الأول في «يوم الشهيد» حول مواصفات رئيس الجمهورية الذي يريده الحزب، ليؤكد ان الهدف الأول لدى الحزب هو «حماية رأس المقاومة من الطعن في الظهر»، مستنداً الى تجارب سابقة، لعل أبرزها إشارة السيد غير المباشرة ومن دون تسميات إلى الانقلاب على المعادلة التي يعتبرها الحزب ذهبية وتوصيفها من قبل بعض المرجعيات والسياسين بالـ «معادلة الخشبية»، مع ما تلا ذلك من تصعيد سياسي واسع ضد المقاومة بدءاً من العام 2013-2014، وحيث أصرّ الحزب على عدم انتخاب رئيس للجمهورية لا يتعهد حماية المقاومة، فكان الشغور الرئاسي أكثر من سنتين حتى انتخاب من يطمئن له ظهر المقاومة الرئيس ميشال عون.
أضاف السيد نصر الله في خطابه سبباً آخر لتوصيف الرئيس العتيد، هو التدخل الأميركي في موضوع الاستحقاق الرئاسي، حيث اعتبر ان الأميركي يريد رئيساً تابعاً له بالكامل، ولا يحمي المقاومة بل يعمل ضدها، وهذا ما لا ولن يسمح به الحزب مهما طال الشغور الرئاسي. وعليه ستشهد المرحلة المقبلة اصطفافاً سياسياً تحت عناوين أخرى مختلفة عمّن يؤيد الحوار ومن يرفضه، وكيف نفسّر المادة 49 والمواد الأخرى من الدستور المتعلقة بإنتخاب الرئيس، وسواها من خلافات شكلية كانت بمثابة الذريعة للنواب لعدم انتخاب الرئيس حتى الآن، إلى أن ظهرت أسباب أخرى أكبر من الشكليات وتتعلق بجوهر الخلاف في لبنان حول سلاح المقاومة ودوره وما هو المطلوب من القوى السياسية المعارضة له وكيف ستتصرف القوى الأخرى المؤيدة للمقاومة.
وهذا الانقسام الجديد والجدّي، بات يحتاج تدخلات خارجية توافقية لا صدامية كما هو حاصل الآن، تؤمّن التوافق على رئيس للجمهورية مقبول من الجميع أو من الأكثرية النيابية، وهذه التدخلات غير متاحة الآن وفي القريب المنظور، وعلى ما يقول مصدر نيابي فقد «ملّت دول العالم العربية والغربية من لبنان ومن خلافاته التي ترهق الجميع، والدولة التي تتدخل تحاول أن تفرض خيارات لا تتناسب مع الوضع الداخلي المعقّد فيفشل سعيها».
عاد الموضوع إذاً الى المربع الأول، لا رئيس بلا توافق على شخصية مقبولة من الجميع، ولا سيما من المجموعات النيابية التي تؤيد المقاومة وتشكّل نصف أعضاء المجلس إن لم يكن أكثر، هذا عدا الشروط الأخرى الواجب توافرها في الرئيس وهي بالتأكيد ليست «رئيس المواجهة أو رئيس التحدي أو الرئيس السيادي»، وغيرها من عبارات عامة فضفاضة أظهرت توجّه العديد من القوى السياسية المؤيد لمشروع نزع سلاح المقاومة القديم - الجديد.
ويقول متابعون للموقف، انه إذا كانت المقاربات لإنتخاب الرئيس داخلية بحت فالتوافق والحوار يبقى قدراً مكتوباً على اللبنانيين للتوصل الى تفاهم على من ينتخبون. أما إذا كانت العوامل الخارجية كما يبدو هي الضاغطة أكثر فالشغور الرئاسي لا يعود صنيعة اللبنانيين وحدهم بل صنيعة الخارج، الذي ما زال يمارس ضغوطاً على لبنان بأساليب مختلفة أخطرها المعيشي، ولكنها ضغوط أظهرت التجربة انها لا تؤدي الى نتيجة حاسمة بل يدفع ثمنها الشعب اللبناني كله بكل اتجاهاته، ولا تعني سوى إطالة عمر الأزمات.
وبناء على ذلك، يُفكّر عدد من النواب غير المنضوين الى كتل وأحزاب سياسية كبيرة بوضع مقاربات مختلفة للوضع الداخلي، وثمة كلام في الغرف المغلقة عن توجهات جديدة لدى بعض النواب التغييريين والمستقلين، بعد الفشل الذي منيوا به نتيجة خلافاتهم وعوامل أخرى داخلية وخارجية، وبهدف تحقيق خطوات ومساهمات إنتاجية أكثر على صعيد التشريع والتعاطي مع كل الاستحقاقات، وبدأت فعلاً المداولات بين أوساط هؤلاء وجمهورهم للتوصل الى هذه المقاربات الجديدة، وما خروج بعض نواب التغيير من التكتل الحاضن لهم سوى بداية على هذا التوجه.