بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 تشرين الأول 2018 12:14ص المعايير الحسابية فرضت حكومة الضرورة وحتّمت تواضعا وتنازلات

أوساط «التيار الحر» تعتبر انها قدمت كل التضحيات وما بقي ليس من عندها

حجم الخط

ما يحصل راهناً، وفق مصادر معنية، محاولة أخيرة لتحسين موقع وزاري من خلال مطالبة «القوات» بحقيبة العدل

غدا متى تتشكل الحكومة، سينصرف الجميع، الخاسرين قبل الرابحين، الى إدعاء أبوتها والجهر بمكسب وموقف وطموح رئاسي، وسيتقلّب الرأي العام، الغائب الأكبر، ويغرق في نشوة فوز فيغرف من معينِها أوهاما. 
خريطة الطريق لتشكيل الحكومة التي كشفتها هذه الزاوية (السبت، 12 تشرين الأول 2018)، أخذت طريقها واسعا في الساعات الـ72 الأخيرة، بحيث باتت الحكومة أقرب الى الحياة من أي وقت مضى. فالأشهر الخمسة الفائتة انطوت على كثير من المدّ والجزر، بعضه لضرورات التفاوض عبر رفع السقوف ومن ثم خفضها تحقيقا لمكسب، وجلّها كان انعكاسا لرغبات خارجية غير مسهّلة ربطا بملفات المنطقة، مع العلم أن المسألة السورية ليست العامل المؤخر الوحيد. 
كان كلام جبران باسيل، وخصوصا في المعايير، حاسما هو الآخر في التمهيد لشق سبيل الحكومة، رغم قصور البعض عن فهم مراميه وانصراف البعض الآخر الى اتهامه بالعمل على تعطيل العهد(!)، في حين ذهب سيئو النيّة الى محاولة الإيقاع بينه وبين سعد الحريري عبر التسويق بأن كلام باسيل إستهداف مباشر لرئيس الحكومة المكلف، رغم ان مراميه واضحة تطال حصرا القوات اللبنانية.
المهم أن التواضع أخذ حدّه هذا الأسبوع، فغَلب المنطق واستقام النقاش، وأضحت المعايير سبيلا وحيدا لاحتساب الأوزان والحصص، بعدما سبق أن هُتكت ورميت بأقذع الألفاظ، وجُرّم من قال بها.
قُرنتْ هذه الليونة بتطورات إقليمية، من مثل القول إن اختفاء جمال الخاشقجي كان العنصر الاساس في تسهيل التسهيل الحكومي، أو إن اقتراب استحقاق العقوبات الأميركية على إيران في بدايات تشرين الثاني، شكل إقناعا قسريا لطهران وحزب الله كي يحسما المسألة اللبنانية ويقفلانها على أي مفاجآت، فينصرفا الى مواجهة العقوبات والحصار المتوقع أن يسبب أذى كبيرا لكلا الطرفين، أو أن إيمانويل ماكرون تحدث بإسهاب في يريفان عن مخاطر أي انهيار مالي وانسحاب الدول الداعمة من التزامات مؤتمر سيدر.
قد تكون كل تلك الافتراضات صحيحة، نظرا الى أن معظم المسائل اللبنانية تتحوّل بسحر ساحر اهتمامات إقليمية وإنتظارات دولية، ورهانا لتحقيق فوز أو سداد فاتورة أو قفل دين أو حتى رد صفعة، لكن المهم أيضا أن حكومة الضرورة فرضت نفسها على الجميع، وحتّمت تضحيات يقدمها مختلف الأفرقاء، وكذلك تواضعا واتزانا لدى من كان يراهن على خارج لتحصيل موقع، أو تسييل طموح لمقعد متخيَّل.
ما يحصل راهنا، وفق مصادر معنية بمساعي تشكيل الحكومة، محاولة أخيرة لبعض الأطراف لتحسين موقع وزاري، من مثل ما تقوم به تحديدا القوات اللبنانية من خلال مطالبتها بوزارة العدل بعدما تأمنت لها نيابة رئاسة الحكومة بقرار شخصي من رئيس الجمهورية.
ويوصّف قيادي بارز في التيار الوطني الحر المناخ السابق للولادة الحكومية، بالايجابي، لافتا في الوقت عينه الى أن التيار قام بكل ما توجّب عليه من تضحيات. أما ما بقي فليس بالتأكيد عنده بل عند من يخترع حججا في سبيل العرقلة والتأخير المتعمّد الذي لا طائل له بعد اليوم، ولا رغبة عند أحد من المعنيين في التشكيل في الوقوف عنده أو أخذه في الاعتبار. 
ويقول القيادي البارز ان البعض يحاول في كل وقت استنباط ذرائع العرقلة، حينا عبر المطالبة بوزارة العدل دون غيرها من الوزارات المصنفة أساسية كوزارة الاتصالات على سبيل المثال وهي الأكثر ثقلا والأوفر موارد وخدمات، أو حتى وزارة العمل، وحينا آخر بالتوزيع المذهبي في الحقائب المخصصة للمسيحيين، ليعود فيطالب بأربعة حقائب كاملة. وكل هذا التخبّط لم يعد يجدي نفعا لأن لحظة الحقيقة اقتربت.
وما لم يكشفه القيادي عن سبب هذا الإلحاح القواتي على وزارة العدل، يتحدث عنه باقتضاب مصدر واسع الإطلاع، مختصرا المسألة بـ «ابحث عن الـ LBCI»!