لقد أتت الاتفاقية الايرانية الصينية على الأرجح لانقاذ وجود دول النهج المعارض للسياسات الأمريكية من ايران حتى لبنان مروراً بقسم من اليمن بعدما تمكنت حرب العقوبات الأمريكية عليها من انهاكها اقتصادياً وجعل الخور والوهن يعتري شعوبها جراء تدهور الاوضاع المعيشية فيها. لذا لا يمكن الجزم بتاتاً بأن الاتفاقية الصينية الايرانية حطت في الرحاب الايرانيةبهدف اقالة عثرة ايران فقط بل لتقوية كل الدول المذكورة آنفاً.
وتهدف الصين إلى اتمام مشروع طريق الحرير ليكون لها نفوذاً قوياً في الشرق الأوسط والعالم العربي تنافس من خلاله واشنطن، وبالفعل لقد شعرت بكين بأن الدول الدائرة في الفلك المعارض للسياسات الأمريكية تعاني شعوبها من فقر مدقع وعوز شديد.
ولا شك بأن التنين الصيني ينسق سياساته وانتفاضته مع موسكو، وبالفعل وبتاريخ 9 نيسان 2021 نشر معهد الشرق الاوسط تقريراً أعده صمويل راماني وهو الخبير المتخصص في العلاقات بين روسيا والشرق الأوسط وقد لحظ أن موسكو تدعم الحشد الشعبي في العراق والموالي بدوره للسياسة الايرانية وتدافع عن حزب الله عبر دعوتها إلى ازالة صفة الارهاب عنه وتخوض مفاوضات مع الحوثيين بغية انهاء الحرب في اليمن .
ويؤكد راماني أن هذه العلاقات تفعل الشراكة والعلاقات الروسية الايرانية وتحث الحشد الشعبي وحزب الله و الحوثيين على الاكثار من شركائهم حول العالم.. من هنا ندرك لم فُرضت العقوبات على ايران وسوريا وحزب الله.
أما بالنسبة إلى لبنان فالصين باتت عالمة بحجم البطالة فيه وبدرجة الهجرة وحتى بنسبة تناول المهدئات و العقاقير المضادة للاكتئاب وتدرك حجم نسبة الانتحار وأسباب حدوثها. وبالتأكيد فإن روسيا والصين يعلمان أيضاً مدى خطورة الحرب الاقتصادية على سوريا الحليفة لهما .
ولا يختلف عاقلان على ان الاطاحة بنظام الأسد مازالت أولوية رئيسية بالنسبة لادارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وأذكر انه بتاريخ 27 شباط 2021 كان الاعلامي الاميريكي جان بوسوبيك المذيع في شبكة أخبار أمريكا قد أكد على أن البيت الأبيض والادارة الجديدة يهدفان إلى ازاحة الأسد وجنرالات جيشه وأشار إلى أن هدف الرئيس الامريكي الجديد هو اعادة تسليح معارضي نظام الأسد وتمويلهم والعمل على رحيله، علماً أنه بتاريخ 14 كانون الاول 2020 قال المبعوث الامريكي السابق إلى سورية جيمس جيفري ان لواشنطن شروطاً كي توافق على بقاء الأسد في السلطة وأبرزها التوقف عن تشكيل خطر على جيران سوريا أي اسرائيل والتوقف عن دعم حزب الله وقطع العلاقات بالنظام الايراني، وكل ذلك أتى في الوقت الذي أعلن فيه نائب المندوب الامريكي لدى الأمم المتحدة بالانابة جيفري ديلوزيبس بتاريخ 20 آذار 2021 أن ادارة بايدن لن تعترف بنتائج الانتخابات في سوريا إذا لم يتم التصويت تحت اشراف الأمم المتحدة.
كما تشعر روسيا والصين بأن أمريكا وتركيا والفصائل الكردية حققت انتصاراً في سوريا لجهة سيطرتها على مجمل المناطق النفطية فيها وأحيلكم إلى ما كتبه الخبير الاقتصادي الأمريكي جيفري ساتشز البروفيسور والمحاضر في جامعة كولومبيا عبر مقالة له في وول ستريت جورنال بتاريخ 8 تشرين الاول 2020 حيث قال، أن سوريا قابلة لأن يعيش فيها 80 مليون نسمة بدخل للفرد الواحد يعادل دخل الفرد في هولندا وبلجيكا، فحقل كونيكو الواقع في دير الزور يستطيع أن يمنح العيش لـ 2 مليون انسان من الغاز .
اما حقل الجبسة في الحسكة فلديه القدرة على توليد الكهرباء من عنفات الغاز الموجودة فيه بسبب شدة تدفق الغاز، في حين أن حقل العمر في دير الزور يعتبر من أضخم حقول النفط في الشرق الاوسط ومن أغناها بينما يستطيع حقل التين الواقع في دير الزور رفع دخل المواطن السوري إلى قيمة دخل مواطن أوروبي أو خليجي.
من هنا لو لم تشعر روسيا والصين بالخطر الامريكي المحدق بالدول الحليفة لها لم تكن ربما لتُبرم اتفاقية مع ايران بقيمة 400 مليار دولار، ومن هنا عادت تلك الاتفاقية لتجعل نيران الصراع بين هذه الدول العظمة تستعر بشدة وهذا ما سيجعل أمد الحلول عبر تسويات أو أمور أخرى قد تكون عسكرية تطول مدتها ربما إلى سنين مقبلة ما يعني أن حروب الاستنزاف والأعصاب ستستمر بضراوة شديدة مع عدم استبعاد اندلاع حروب النار والحديد.