على أهمية الخرق الذي تحقق في جدار العلاقات اللبنانية السعودية، من خلال اللقاء الذي جمع في الرياض، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وهو الأول على هذا المستوى منذ أربع سنوات، إلا أن عودة هذه العلاقات إلى وضعها الطبيعي، تستلزم المزيد من الخطوات التي ينبغي على بيروت القيام بها، في سياق المبادرة الكويتية، من أجل طمأنة الدول الخليجية التي لا تزال على موقفها، بأن لبنان لم يلتزم بما نصت عليه هذه المبادرة، لناحية كف يد "حزب الله" عن قراره الداخلي الذي ما زال في عهدة الفريق "الممانع" .
ورغم عودة الرئيس ميقاتي من السعودية مظفراً، بلقائه الأمير محمد بن سلمان والرئيس الصيني، إلا أنه لا يتوقع أن تتبدل النظرة السعودية تجاه لبنان في المرحلة المقبلة، طالما بقيت الأمور في لبنان على حالها من التخبط والإرباك، وسط عدم وضوح الرؤية بالنسبة للحوار الذي دعا إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري، بشأن الملف الرئاسي العالق بين تناقضات الموالاة والمعارضة . ولم يبرز أي توجه سعودي جديد تجاه لبنان، وهو أمر مرشح للاستمرار في الأشهر المقبلة، باعتبار أن لبنان لم ينفذ ما سبق والتزم به للدول الخليجية، في وقت يستمر الحزب وقادته في التهجم على السعودية، واتهامها بالتدخل في الاستحقاق الرئاسي، سعياً منها لفرض رئيس من مؤيديها . وهو أمر نفته الرياض وما زالت في أكثر من مناسبة .
واستناداً إلى المعلومات المتوافرة ل"موقع اللواء"، فإنه وعلى أهمية اللقاء بين الأمير محمد بن سلمان والرئيس ميقاتي، فإن السعودية لم تغير نظرتها إلى الملف اللبناني، باعتبار أن لاشيء نوعياً طرأ على مسار العلاقات اللبنانية السعودية واللبنانية الخليجية. وما زالت دول مجلس التعاون تنتظر الكثير من جانب بيروت، وعلى أكثر من صعيد . فلا الحملات العدائية ضد المملكة توقفت من جانب الحزب وحلفائه، ولا نجحت الحكومة في منع أن يكون لبنان منصة لاستهداف الدول الخليجية، وهذا أمر بالغ الخطورة، يحمل في طياته تداعياته لا يمكن التكهن بنتائجها . كما أن لبنان لم يستطع حتى الآن، تنفيذ البرنامج الإصلاحي الذي تعهد به للدول المانحة . وهذا أمر ليس في مصلحة اللبنانيين، لأن لا مساعدات قبل أن ينفذ لبنان ما هو مطلوب منه .
وتشير المعلومات، إلى أن السعوديين والخليجيين، ليسوا مستعدين لتغيير النظرة تجاه لبنان، ما لم يلمسوا تبدلاً حقيقياً في المواقف اللبنانية الرسمية والشعبية من دول مجلس التعاون . كما أنهم ليسوا في وارد تقديم أي دعم مالي، قبل أن يصار إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتشكيل حكومة موثوقة، تضع على رأس جدول أعماله، إعادة العلاقات مع الخليج إلى سابق عهدها، أي أن يتخذ لبنان خطوات تؤكد انتماءه العربي، وابتعاده عن المحور الإيراني . وبما يطمئن الدول الخليجية إلى أن لبنان لن يشكل أي مصدر تهديد لأمنها واستقرارها، بعدما تحول منصة استهداف لها ولشعوبها . وهو أمر أزعج الدول الخليجية، وساهم في تردي العلاقات مع لبنان على أكثر من صعيد .
وأكثر ما يهم المملكة ودول مجلس التعاون، أن يأتي رئيس للبنان، يدرك أهمية تحسين مستوى العلاقات اللبنانية مع الدول الخليجية، وأن يضع مصالح بلاده العربية فوق كل اعتبار، أي أن يعمل على إصلاح الأخطاء التي ارتكبها العهد السابق الذي أساء كثيراً إلى هذه العلاقات، ما يحتم انتخاب رئيس لا ينتمي إلى المحور الإيراني، لأن تكرار تجربة العهد السابق، سيشكل خطراً كبيراً على لبنان، في ظل إمكانية بقائه على وضعه المتردي، سيما وأن الدول الخليجية لن تبادر إلى مساعدته، إذا كان العهد الجديد استكمالاً لما سبقه .