بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 حزيران 2022 12:02ص النفط أولوية بايدن في زيارته السعوديّة.. لماذا تبدو الحرب مُستبعدة؟

حجم الخط

يَكثُر الحديث هذه الأيام عن إحتمال تدهور دراماتيكي للوضع في المنطقة وصولاً إلى نشوب حرب على خلفية ملف ترسيم الحدود البحرية على الحدود الجنوبية للبنان.

في موازاة ذلك، تتصاعد الأسئلة من دون إجابات حاسمة حتى اللحظة حول نتيجة زيارة الموفد الأميركي آموس هوكستين للبنان والتي لا يبدو أنه ستليها زيارة أخرى لإبلاغ لبنان رسمياً بالإجابات الإسرائيلية على ملاحظاته، لا سيما الخط 23 كاملاً ومعه وعبره حقل قانا.

أغلب الظن أن هذا الاحتمال، أي تدهور الأمور ناراً نحو الحرب، مُستبعد. وسيبقى الستاتيكو القائم بينما ستكون الأولوية للجهود الديبلوماسية وذلك لأسباب عديدة.

فقد أعلن "حزب الله" أنه يقف خلف الدولة اللبنانية في موقفها من القضية، وبذلك فهو لا يستعجل الخروج بموقف تصعيدي في الوقت الذي يوحي به باستعداده لهذه الحرب كما هو دائماً.

ومن ناحية الطرف الإسرائيلي فهو ربما انتهى من عملية التنقيب وبدأ بالإستخراج ولا يبدو مستعجلا هو الآخر لتصعيد الأمور كونه بدأ فعلاً ويستطيع شراء الوقت في هذه الفترة الزمنية الضبابية.

المشكلة تمثلت دوماً في موقف لبنان الرسمي الغريب الذي كان سلبياً في العملية برمتها منذ سنوات سواء في تحديد منطقة ثروته البحرية غازاً ونفطاً، أو لناحية البدء فعلاً في العمل تحت الماء، مهما كان الحديث عن حصار خارجي على شركاته ومنعها من استهلال هذه العملية التي ستتخذ بدورها زمناً طويلاً.
واليوم تتوجه الأنظار إلى ما ستؤول إليه الأمور، مع ملاحظة أن الخائفين من تصاعد الأمور لا يلحظون أن التهديدات الاسرائيلية الأخيرة لم تكن الأولى وغالباً ما حصلت نتيجة عوامل داخلية. وفي هذه اللحظات تقف الحكومة الإسرائيلية مرتبكة وسط مخاوف من سقوطها، وتخرج الأصوات المُصعِّدة مع لبنان لتمتين الموقف التفاوضي وليس للتمهيد للحرب.

وفي الوضع الحالي لا تبدو الأطراف المعنية مباشرة بالحرب العسكرية مقبلة على توتير دراماتيكي تدميري بينما تبغي كل الأطراف إبقاء هذا الستاتيكو والبناء عليه. هذا على رغم قول البعض في لبنان إن ليس هناك ما يخسره من الدمار، وهو كلام فارغ في ظل كارثة إقتصادية هي الأكبر منذ تأسيس الكيان. والأمر يُسقط نفسه على الإسرائيلي غير المستعد لهزّة قد تتطور لتصبح كيانية وهو الذي يخرج عاجزاً داخلياً أمام الانتفاضات الشعبية التي لا تتوقف والتي يطفىء فتيلها دائماً في اللحظة الأخيرة قبل انفجارها.

على أن العامل الحاسم في منع الحرب في هذه اللحظة، يتمثل في الحرب الروسية – الأوكرانية. فمن غير المحتمل اندلاع حربين في هذا الجزء الشرقي من العالم، كون الحرب في الجنوب اللبناني قد تتوسع في أية لحظة، فمن السهل إطلاق شرارة الحرب لكن من الصعب إخمادها وتحديد نطاقها. ناهيك عن كون الحرب في منطقتنا من شأنها تهديد مصادر الطاقة التي يُعوّل عليها غرباً لكي تشكل بديلاً عن الغاز الروسي.

هنا تحضر وجهتا نظر حول مهمة المبعوث الأميركي في لبنان. ثمة مصادر ديبلوماسية غربية تشير إلى أن العرض اللبناني غير مقبول إسرائيلياً. أكثر من ذلك، تريد إسرائيل المطالبة صعوداً نحو الخط رقم واحد، إلى ما بعد الخط 23 شمالاً. ما ينسف كل المطالب اللبنانية التي تطالب بالحد الأدنى وسط الضجة المثارة في البلاد حول اتهامات بالتنازل عن الخط 29.

في مقابل وجهة نظر أخرى تشير الى أن الوسيط الاميركي كان راضياً عما سمعه في لبنان، وستجري التسوية برعايته بما ينزع فتيل الأزمة. ولا تعني عدم عودة الوسيط الى لبنان أن مؤشرات الأمور سلبية، بل لانشغالات رسمية للمبعوث أهمها زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة.

قد يكون العدو الوحيد لهذه التسوية هو عامل الزمن. ذلك أن أوروبا خاصة التي تضغط لاستبدال الغاز الروسي تبدو متجهة، كما غيرها، نحو الطاقة النظيفة، بعد مدة ليست بقصيرة لكن يجب أخذها في عين الإعتبار. وهو ما يدفع الجميع ومنهم لبنان الى محاولة استثمار ما لديهم من ثروات سريعاً، فما هو ثمين اليوم قد لا يكونه غداً.

على أن أزمة الطاقة هذه هي من أجبرت الرئيس الأميركي جو بايدن، على مضض، على محاولة كسب الود السعودي والخليجي في زيارته أواسط الشهر المقبل.

ماذا عن صفقة القرن وإيران؟

يشير البعض الى أولوية الدفع بصفقة القرن إلى الأمام، ومنهم من يقول بحصار إيران كأولوية للزيارة وحماية دول الخليج في وقت ليس تعثُّر الاتفاق النووي ببعيد عن الحرب في أوكرانيا. هذان العاملان هما على قائمة جدول الزيارة التي ستشمل الأراضي الفلسطينية، لكن الأهم هو موضوع النفط.

فبعد ترداده بعزل السعودية المتحالفة مع سلفه الجمهوري دونالد ترامب، يأتي بايدن لحلّ موضوع أسعار النفط التي لن تنخفض من دون زيادة الإنتاج. فهو بعد بدء معاناة الاقتصاد الأميركي نتيجة التضخم، سيكون عليه إقناع الرياض بهذه الزيادة التي ستساهم في الموازاة في خفض المداخيل الروسية من النفط، ويبدو هنا أن الحرب في أوكرانيا لا أفق زمنياً لها بل هي طويلة وتشهد تقدما روسياً مضطرداً.

وبينما سيُقدِّم بايدن ما هو مقابل في زيارته التي ستشهدها دول عربية، مصر والعراق والاردن، إضافة الى دول الخليج، لن يكون هذا المقابل ضوءاً أخضر لإسرائيل لشن حرب على لبنان حتى ولو حصل الخلاف الكبير في موضوع الترسيم، إذ ان ذلك سيسبق الانتخابات الأميركية النصفية بأشهر فقط، ومن غير المرجح أن تكون الإدارة الأميركية في وارد دفع الأمور نحو الأسوأ بل الحافظ على إستقرار ولو هشٍّ فيها.