بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 حزيران 2022 07:08ص انطلاقة المجلس تثير شكوكاً حول قدرة النواب على التغيير .. وتحذيرات من الانقضاض على الأكثرية

ما كان بالإمكان فوز بري إلا بأصوات نواب من «لبنان القوي»

حجم الخط
أساءت كثيراً الأجواء الفوضوية التي سادت جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه، وأثارت شكوكاً عديدة حول مستقبل العمل التشريعي والبرلماني، في ظل هذه الانطلاقة المتعثرة للمجلس المنتخب، من خلال ما رافق الجلسة من ممارسات لا تبشر بالخير، بالشكل والمضمون، ما رسم علامات استفهام كبيرة عن مدى قدرة وجدية النواب على التعبير عن تطلعات ناخبيهم التواقين إلى التغيير والخروج من هذا النفق .
وعلى الرغم من كل ما قيل من جانب «التيار الوطني الحر» ورئيسه النائب جبران باسيل، إلا أنه كان واضحاً من خلال ما أفرزته نتائج الانتخابات أن هناك نواباً في تكتل «لبنان القوي» قد منحوا أصواتهم للرئيس نبيه بري، حتى استطاع الفوز بال 65 صوتاً، مقابل تصويت كتلة «التنمية والتحرير» بأكملها للنائب الياس بوصعب، ما مكنه من أن يتبوأ هو الآخر منصب نائب رئيس المجلس النيابي، على حساب النائب غسان السكاف الذي خذله زملاؤه «التغييريون»، في وقت لم يكن «حزب الله» بعيداً من هذا السيناريو الذي جرى إخراجه بكثير من الاتقان، لضمان فوز الرجلين ولو بالحد الأدنى . في مقابل، إخفاق الأكثرية الجديدة في إثبات قوتها وتماسكها، من خلال الأخطاء التي ارتكبت . وهذا ما يفرض، كما تقول مصادر نيابية، إعادة قراءة الحسابات جيداً، تفادياً لارتكاب أخطاء جديدة قد يستفيد منها الفريق الآخر في المرحلة المقبلة، بالنظر إلى ما ينتظر لبنان من تحديات، على قدر كبير من الأهمية.
وقد دعت المصادر، إلى التوقف ملياً عند الموقف التحذيري الكثير الدلالات، لرئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي»وليد جنبلاط، الذي أشار فيه، إلى أنه «وبعد هزيمة الأمس للأغلبية الجديدة في المجلس النيابي في انتخاب نائب رئيس نتيجة سوء التنسيق، قد يكون من الأفضل صياغة برنامج مشترك يتجاوز التناقضات الثانوية من اجل مواجهة جبهة آذار السورية الإيرانية التي للتذكير ستنتقم لهزيمتها في الانتخابات بكل الوسائل ولن ترحم احد في لبنان». وأشارت إلى جنبلاط يدرك جيداً أن «الفريق الآخر لن يستسلم لهزيمته، وسيحاول بشتى الوسائل الانقضاض مجدداً على الأكثرية الجديدة، لضربها وتشتيتها، بهدف جعلها عاجزة عن توظيف انتصارها في الاستحقاقات السياسية المقبلة».
لكن في المقابل، فإن المصادر النيابية، شددت على الانتصار الهزيل الذي حققه الرئيس بري، قياساً إلى ما كان يحققه في الدورات النيابية السابقة، يؤكد أنه لم يعد ممكناً أخذ الأمور التشريعية كما كان يحصل ، وأنه سيكون للنواب السياديين والتغييريين، بعد توحيد مواقفهم من الاستحقاقات المنتظرة، دورهم الأساسي في رسم سياسة البرلمان الجديد»، مشددة، على أن «المكونات النيابية المعارضة، ستكون في خدمة المنحى التغييري الذي عبر عنه اللبنانيون في صناديق الاقتراع».

هل يعمد رئيس الجمهورية إلى التمهل مجدداً في الدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة؟

ومن الطبيعي، أنه بعد الانتخابات المجلسية، أن تتجه الأنظار إلى الخطوة التالية المنتظرة، والمتمثلة بالاستشارات النيابية الملزمة التي يفترض أن يدعو إليها رئيس الجمهورية ميشال عون، وفقاً لنصوص الدستور. وإذا كان الرئيس بري، قد تمنى على الرئيس عون، عندما التقاه في قصر بعبدا، أول أمس، بعيد انتخابه رئيساً للبرلمان برفقة أعضاء هيئة مكتب المجلس، باستثناء أمين السر النائب هادي أبو الحسن، الدعوة إلى إجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس حكومة مكلف في أسرع وقت، فإن مصير هذه الدعوة لم يتم حسمه بعد من جانب دوائر الرئاسة الأولى، دون ظهور مؤشرات، توحي بإمكانية تحديد موعد سريع لهذه الاستشارات . ما يثير أسئلة عما إذا كان رئيس الجمهورية، سيعمد إلى التمهل مجدداً، كما حصل عند تكليف الرئيس سعد الحريري، والذي لم يتمكن من تشكيل الحكومة، بسبب العقبات التي اعترضته؟ . وهل سيقوم الرئيس عون بإجراء مشاورات مع الحلفاء، من أجل بلورة الموقف الذي سيتخذه حيال هذا الأمر؟، وإن كان هناك من يعمل على الترويج أن الأمور معقدة، وأن رئيس الجمهورية لن يدعو إلى هذه الاستشارات الملزمة، إلا في حال كان هناك شبه توافق بين الكتل النيابية، على الاسم الذي سيكلف تشكيل الحكومة، وهو أمر صعب التحقيق، في ظل الانقسامات النيابية الواضحة التي برزت جلية، في جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه .
ورغم ما أبدته أوساط دبلوماسية من ملاحظات، على ما رافق الانتخابات المجلسية، إلا أنها اعتبرت أن «الخيار الديموقراطي يبقى الأسلم في لبنان لسير عمل المؤسسات الدستورية، على نحو ما جرت عليه انتخابات رئيس البرلمان ونائبه، بعدما قال اللبنانيون كلمتهم في صناديق الاقتراع بالانتخابات النيابية الأخيرة»، مشددة على أن «ما حصل في جلسة الانتخاب من نتائج، يجب أخذ العبرة منها، من أجل رسم صورة واضحة لمسار الأمور في لبنان في المرحلة المقبلة» .
وإذ حثت الأوساط النواب على الإسراع في إقرار المزيد من القوانين الإصلاحية التي يحتاجها البلد، للخروج من أزمته المستعصية، فإنها دعت، إلى «الإسراع في تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة، لتكليف رئيس حكومة جديد»، متمنية أن «يصار إلى تأليف حكومة بسرعة دون شروط مسبقة، لأن وضع لبنان لا يحتمل أي تأجيل، بالنظر إلى الاستحقاقات الداهمة التي تنتظره على مختلف الأصعدة» .
وفي وقت يعاني لبنان انهيارات اقتصادية ومالية، انعكست تردياً مخيفاً على مختلف المستويات الاجتماعية والحياتية، فإن ما رسمه البنك الدولي من صورة سلبية عن مسار الوضع في لبنان، فإنه يؤشر بكثير من الوضوح، إلى عدم وجود رغبة في الإصلاح، وأن البنك لا يرى إمكانية لخروج لبنان من مأزقه في ظل استمرار الوضع على هذا النحو من التسيب والاهتراء على مختلف الأصعدة، بعدما أضحت صورة لبنان ضبابية إلى أقصى الحدود، ما يستلزم خطوات إنقاذية على جناح السرعة، تفادياً للكارثة الكبرى، وتالياً الإسراع في تشكيل حكومة موثوقة تأخذ على عاتقها وقف الانهيار الذي تجاوز كل الحدود.