بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 حزيران 2022 08:07ص بارود لـ«اللواء»: الفراغ غير ممكن دستورياً والحكومة المستقيلة يُمكنها ممارسة صلاحيات الرئيس

حجم الخط
 قد تتجه البلاد في الفترة المقبلة نحو فراغ مؤسف دستورياً لن يقتصر على عدم القدرة على تشكيل حكومة، بل أيضا عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهذا يعني أن حكومة تصريف الأعمال الحالية، ستتولى زمام الأمور ولو في الإطار الضيق للصلاحيات، إلا أنها المرة الاولى التي ستتصدى بها حكومة كهذه لمهام رئاسة الجمهورية. 
 هذه الخشية تتقاطع حولها قراءات عديدة في البلاد، لكن الخبير الدستوري والأستاذ الجامعي زياد بارود ينصح في حديث لـ«اللواء»، بعدم استباق الأمور ويشير أولا الى أنه من المبكر الحسم على هذا الصعيد في اتجاه البلد نحو فراغ رئاسي، «ونحن لم ندخل في الأصل ضمن المهلة الدستورية التي تبدأ قبل شهرين من انتهاء الولاية الرئاسية».
 ويلفت في هذا المجال النظر الىأن ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون تنتهي في 31 تشرين الأول العام 2022، وبالتالي فإن مجلس النواب يستطيع أن يبدأ بانتخاب رئيس جمهورية جديد إعتبارا من الأول من شهر أيلول المقبل، وبالتالي فإن لبنان ما زال خارج المهلة الدستورية.
 يعود البعض إلى واقعة في العام 1976 عند انتخاب الرئيس الياس سركيس خلفا لسليمان فرنجية بعد تقريب موعد الانتخابات لأشهر، كان ذلك في زمن الحرب الأهلية أو خاصة بعد ما عرف بـ«حرب السنتين» قبل اتفاق الطائف بزمن طويل، لكن الخبير الدستوري يؤكد في مقاربته لإمكانية الفراغ الرئاسي المقبل، أن النص واضح في هذه المدة بين شهر وشهرين قبل انتهاء مدة الرئيس وليس قبل 1 أيلول، إلا اذا قرر المجلس تعديل الدستور وهو أمر صعب.         
وفي حال لم يُوفق مجلس النواب في انتخاب الرئيس في الأيام العشرة الأخيرة قبل 31 تشرين الأول،عندها يصبح في حالة انعقاد حكمي لانتخاب رئيس.«ولذلك من المبكر الحديث عن فراغ رئاسي محتوم قد يحصل، ولا أقول هنابالعكس ولكن ما أقصده أنه لا يمكن الحسم في هذا الاتجاه، وقد تحصل منذ الآن وحتى ذلك الحين تطورات معيّنة تُفضي إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية».
 ورداً على سؤال حول الافتراض جدلاً أن المجلس النيابي لن يُوفق في انتخاب رئيس جمهورية جديد قبل انتهاء ولاية الرئيس عون، فإن بارود الذي يرى بأن السؤال في محله، حول ما إذا كانت حكومة تصريف أعمال تستطيع أن تتولى مهام الرئاسة، يرد بالتذكير بداية بأن تولي الحكومة صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة هو بموجب نص دستوري. ومن الواضح جداً في الدستور أنه في حال خلوّ سدة الرئاسة لأي علّة، يقول النص إن صلاحيات الرئاسة تُناط وكالة بمجلس الوزراء مجتمعا حسب المادة 62 من الدستور.
 أما حول ما إذا كان مجلس الوزراء في حالة الحكومة المستقيلة وبالتالي في وضع تصريف الأعمال، فإن ليس من تمييز في الدستور لهذه الجهة ولكن المبادىء العامة الدستورية تقول ما يلي: أولا، إن الفراغ غير ممكن وبالتالي لا يمكن تصور عدم تولي أي سلطة مهام رئاسة الجمهورية.
ثانيا، إذا عدنا الى المادة 64 من الدستور التي تتعلق بالحكومة المستقيلة وصلاحياتها فهي واضحة جدا، إن الحكومة المستقيلة أو التي هي في حكم المستقيلة كما هو الحال اليوم، تمارس صلاحياتها بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال.
هذا المفهوم غير محدد في الدستور الذي يكتفي بالإشارة إليه، ولكن اجتهاد مجلس شورى الدولة اللبناني بقرارات مبدئية صدرت عام 1969 وعام 1995 و2004 ، يقول بكل وضوح إن حكومة تصريف الأعمال تمارس صلاحياتها بالمعنى الضيق أي بكل ما هو ملح وضروري، شرط ألا تُلقي أعباء مالية جديدة على الدولة وألا تُلزم الحكومة المقبلة بالتزامات لا يمكن الرجوع عنها. 
الحكومة المستقيلة تُمارس المهام بالمعنى الضيّق
«وبالتالي إذا طبقنا هذه المبادىء على ممارسة الحكومة المستقيلة لصلاحيات رئيس الجمهورية، تكون هذه الممارسة ضمن المعنى الضيّق لتصريف الأعمال، ولا تستطيع الحكومة المستقيلة التي تتولى مهام الرئاسة أن تمارس هذه المهام إلا أيضا وأيضا بالمعنى الضيّق لتصريف الأعمال،وهذا يعني تسيير أمور الدولة وعدم وقف المعاملات التي تستوجب توقيع رئيس الجمهورية والتي تدخل ضمن المعنى الضيّق لتصريف الاعمال، وهذا يجعل الحكومة أكانت مستقيلة أم لا، تمارس صلاحيات الرئيس، ولكن عندما تكون مستقيلة تكون هذه الممارسة بالمعنى الضيّق لتصريف الاعمال، وطبعا هذه واحدة من الثغرات الدستورية».
يعود الخبير القانوني بالذاكرة إلى سنوات مضت، تحديداً إلىحكومة الرئيس تمام سلام التي لم تكن حكومة تصريف أعمال بل حكومة مكتملة الأوصاف ومارست صلاحيات رئيس الجمهورية.
«نذكر تماما الجدل الذي علا حينها حول ما اذا كانت هذه الممارسة تتطلب إجماعاً أم اكثرية أم ثلثين، وثار جدل لم يحسم إلا من خلال إدارة الرئيس سلام يومها لهذا الملف بكثير من الدقة والحرص على التوافق ضمن مجلس الوزراء الذي كان مؤلفا من 24 عضواً، وكأننا أمام 24 رئيسا للجمهورية».