لم تعد تجدي كل الإجراءات التي يتخذها مصرف لبنان، أو التدابير القضائية للحد من استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء، وتوقيف المضاربين على العملة الوطنية، بقدر ما أن المطلوب التوصل إلى حلول جذرية وفي العمق، للانهيار الاقتصادي والمالي المستمر . وفي مقدمها وجوب الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، يخرج البلد من هذا المأزق الذي يتهدد بمزيد من الانهيارات وعلى مختلف الأصعدة . ومن أجل تفادي الأخطار المحدقة، فإن الأيام المقبلة ستشهد تحركاً لافتاً لرئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط على الخط الرئاسي، لإحداث ثغرة في الجدار . حيث يتوقع أن يزور جنبلاط رئيس مجلس النواب نبيه بري، على أن يزور رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب تيمور جنبلاط بكركي، للقاء البطريرك بشارة الراعي.
وكشفت معلومات ل"موقع اللواء"، أن التحرك الجنبلاطي يأتي على خلفية ما يحدق بلبنان من أخطار داهمة تنذر بالأسوأ، إذا لم تتضافر الجهود للإسراع في التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية، تفادياً لاستمرار الشغور الرئاسي الذي لن يكون أبداً في مصلحة اللبنانيين . وفي ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية وعلى مختلف المستويات . ويحاول جنبلاط العمل مع الرئيس بري على إمكانية السير بمرشح توافقي لا يشكل تحدياً لأي فريق، بالرغم من الصعوبة التي تعترض هذا التوجه، من خلال إصرار "حزب الله" على الاستمرار في دعم حليفه رئيس "تيار المردة" في معركته الرئاسية . وهو ما دفع رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل إلى تصعيد مواقفه لتطال الحلفاء والخصوم على حد سواء.
وفي الوقت الذي يتوقع أن يعلن النائب باسيل ترشيحه للرئاسة الأولى في وقت قريب، كرد على استمرار تبني الحزب لفرنجية، في محاولة منه لإعادة خلط الأوراق الرئاسية، وسعياً من أجل إحراج حليفه الشيعي بالدرجة الأولى، فإن هجومه الناري على قائد الجيش العماد جوزف عون، مرده إلى أن أسهم الأخير الرئاسية، تتصاعد أكثر من أي وقت مضى، وهو من الأسماء التي طرحه رئيس "الاشتراكي" مع وفد الحزب في لقائهما الأخير . كما أنه من المتوقع أن يكون اسم العماد عون، محور اللقاء الذي سيجمع النائب جنبلاط بالبطريرك الراعي، في ظل وجود قناعة لدى معظم القوى السياسية، بأنه يستحيل انتخاب رئيس دون أن يحظى بتوافق داخلي، لتسهيل انتخابه وإيصاله إلى قصر بعبدا.
وفي الوقت الذي لا زالت تداعيات الصراع القضائي ترخي بثقلها على الساحة الداخلية، فإن المعطيات المتوافرة ل"موقع اللواء"، لا توحي بإمكانية تطويق انعكاسات ما جرى من شرخ عميق في الجسم القضائي، بعد الشكويين اللتين تقدم بهما النائب علي حسن خليل بحق المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار، في إطار المحاولات التي لا تزال جارية لتعطيل عمله، بعد قراره بمعاودة عمله، وما أعقبه من استدعاءات أصدرها بحق سياسيين وأمنيين وقضائيين، للاستماع إلى أقوالهم في هذه الجريمة .وإن أشارت معلومات إلى أن وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري، يحاول القيام بمساع لرأب الصدع في الجسم القضائي، بعد انفجار الخلاف بين القاضيين البيطار والمدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات.
وفي غمرة الصراع القضائي الذي يتركز على الإطاحة بتحقيقات جريمة انفجار المرفأ ، كان لافتاً تلقي القاضي البيطار، جرعة دعم قوية من جانب البطريرك بشارة الراعي في عظته، أمس. وهو ما رأت فيه مصادر كنسية بأنه "يمثل موقفاً قوياً من جانب بكركي للبيطار لاستكمال مهمته، لكشف الحقيقة كاملة في هذه الجريمة، في مواجهة خصومه الذين يحاولون تعطيل عمله، للتعمية على الحقيقة"، مشددة على أن "حقيقة ما جرى لا يمكن أن تضيع، وأن هذه الجريمة، وكما قال البطريرك لا يمكن أن تمر دون محاسبة".