بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 نيسان 2018 06:02ص باسيل يخاطر في خياراته النيابية لتحقيق الكتلة القوية المساعدة للحُكْم

حلفاء التيار تفهّموا الدوافع.. وحاجتهم إلى الحسم لا تقل عن حاجته

حجم الخط

يعتقد قريبون من باسيل أنه نتاج مدرسة  تؤمن أن أدوات الحكم لا تستقيم  من دون الاتكاء على تجربة الديغولية السياسية من دون درع وسيف

يخاطر جبران باسيل، بالتأكيد، حين يقرر تبني هذه المروحة الثمانينية من المرشحين في الدوائر الخمس عشرة. مروحة واسعة من التلوينات السياسية والحزبية والعلمانية والمذهبية، تمتد على المساحة الديمغرافية للبنان بكامله، فيما ينتمي مرشحو التيار الوطني الحر والمدعومون منه الى كل العائلات الروحية بلا إستثناء، في طليعتها المذاهب المسماة أقليات التي طالما نظر اليها الساسة على أنها إما «كمالة عدد» وإما لزوم ما لا يلزم!
المحاولة على رونقها التعددي جعلها خصوم باسيل مادة لإستهدافه:
أ- بإتهامه أنه عمل على جمع ما لا يلتقي في بوتقة إنتخابية واحدة، من رجال أعمال (بعضهم يُنعت بالفساد فيما خطاب التيار وأدبياته قائمة منذ العام 2005 على مكافحة الفساد والإصلاح)، الى أحزاب عاداها التيار (أو عادته لا فرق) وخاصمها لعقدين من الزمن كالسوري القومي الإجتماعي والجماعة الإسلامية والبعث العربي الإشتراكي وغيرها من حلفاء النظام السوري أو أولئك اللاعلمانيين، بفعل مناقضتها وخطابها السياسي جوهر النضال التياريّ القائم على السيادة، المفردة الذهبية التي لمّت جمهورا مسيحيا ظلّ لأعوام عابرا للطائفة، وصفه وليد جنبلاط في العام 2005 بالتسونامي. 
ب- بالأخذ عليه أنه لم يجد من بين كل هذه المروحة غير المتجانسة من التحالفات، مطرحا للأحزاب المسيحية التي تعد خصما له في السباق على النفوذ والسلطة، ولاحقا رئاسة الجمهورية، ما يفترض به إقصاءها نيابيا وسلطويا، أو تحجيمها نفوذا وعددا، تحقيقا لغرض الحكم الرئاسي في السنوات الأربع ونيف الباقية في عهد ميشال عون، ولاحقا في حكم خليفته، الرئيس القوي الذي كرسته التسوية الرئاسية وعناد عون وحلفائه صفة لازمة لأي رئاسة، وهو بهذه الصفة (القوي) بات نسقا للسنوات المقبلة من الصعب أن يقفز عنه المعنيون بأي رئاسة في إتجاه العودة الى الوسطي، الضعيف والمتلكئ والمتلوّن في المفهوم العوني.
ج-بتعييبه أنه يجمع المرشحين – النواب من حوله كمّاً لا نوعا، بغية تشكيل جبهة تؤازر العهد وتكون درعه وسيفه على ما عبّر مرارا، غير آخذ في الإعتبار أن هذه الفسيفساء النيابية، بحسب معارضيه ومناوئيه، غير قادرة على الحياة والإستمرار، لأن الغرضية وحدها تجمعها، غرضية الوصول الى البرلمان. 
أمِنْ حقيقة في كل هذا؟
يخاطر جبران باسيل في خياراته النيابية، تماما كما فعل في حياته السياسية التي ناهزت – رسميا - الخمسة عشر عاما منذ أن تولى بدءا الإتصالات السياسية للتيار، ومن ثم ترشح الى الإنتخابات النيابية في العام 2005، ليفاوض في ضوئها على دخول أولى حكومات ما بعد رفيق الحريري (أقصي التيار عنها)، حكومة نتاج الإنتخابات – الإنقلاب الإيجابي- التي تلت الإغتيال، ليصبح محركا رئيسيا لسياسات التيار فحجر الرحى في التسوية الرئاسية وما بعدها.
طبعت المخاطرة سِنيه الحكومية منذ أن ولج الشأن التقريري، بداية في وزارة الإتصالات العام 2008، لتنساب مع شخصيته الدينامية، القاسية، الإنفعالية، جلّابة المشاكل، الإستعلائية يقول خصومه. لكن للرجل سمات شخصية أخرى بعيدة كل البعد عن المتداول - البائن، يحرص على إبقائها طيّ الكتمان وطي ما يعرفه القريبون منه والمقربون، ويعتقد هو- ربما- أن إفشاءها يعطّل عليه الإستمتاع بصورته القاسية والصلبة، والأهم جلد خصومه بها!
يخاطر في خياراته النيابية لأنه نتاج مدرسة باتت على يقين أن أدوات الحكم لا تستقيم من دون الإتكاء على تجربة الديغولية السياسية القائمة على الإستناد الى أوسع تمثيل للشرائح والفئات، كما من دون الدرع والسيف، وهما في الحال الراهنة الكتلة النيابية القوية والقادرة على العمل وعلى الإئتلاف مع كتل أخرى (تيار المستقبل وحزب الله بشكل أساس) بغية تحقيق ليس فقط ما فات العهد في عامه الأول، بل ما تكبّد لبنان من خسائر سيادية وسياسية وإقتصادية على إمتداد عقود، نتيجة التكلؤ والوهن الذي طبع العهود الرئاسية الوسطية وسياسات المهادنة والمداهنة، ومفهوم التسويات وهضم الحقوق بشعارات طنانة عن المشاركة (المنقوصة والمشوهة). 
هذا المنطق التسووي بالذات هو ما يقارعه باسيل اليوم، مع حلفائه قبل الخصوم، وهو ما صارحهم به، والأرجح تفهّموه، لحاجتهم كذلك الى الحسم والوضوح على مستوى الخيارات الدولية، من مكافحة الفساد والهدر ووقف السرقات والمحاسبة، الى الخيارات  الكبرى، في مقدمها الإستراتيجية الدفاعية التي ستكون في أولويات حكومة ما بعد الإنتخابات!