بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 آذار 2023 12:00ص بحث في إئتلاف تغييري جامع وسط الانقسامات: نقاش حول الرئاسة مع المعارضة و"التيار الوطني الحر"

حجم الخط

مع اقتراب العام على دخولهم الندوة النيابية، شكل عمق انقسام النواب التغييريين مفاجأة توازي وصول هؤلاء بهذا العدد المُعتد به الى المجلس النيابي.

المفاجأة الثانية كانت مؤسفة بعكس الأولى التي كانت لتشكل فعلاً أكبر وأشد وقعاً لو كانت ظروف البلاد أكثر مناسبة لخوض مرشحي انتفاضة 17 تشرين تلك الانتخابات في أيار 2022، وعلى رأس تلك الظروف قانون الانتخاب الذي، وإن كان أفضل من سابقه، إلا أنه كان قاصراً عن التمثيل الشعبي الحقيقي ولو نسبياً.

ذلك أن إذا أضفنا الكتلة الوازنة من مئات الألوف التي صوتت للتغييريين، ناجحين وساقطين، وللنواب المستقلين، من أفلح منهم ومن فشل، إلى النسبة الكبرى التي لم تصوت، نرى أن الغالبية الصامتة ليست في صف الطبقة السياسية الحالية.

وبغض النظر عن النقاش الذي لا ينتهي حول ما حققته 17 تشرين التي وضعت، كسابقتها التي سميت بانتفاضة النفايات العام 2015، اللبنة الأهم لمزاج التغيير، فإن الصورة التي سيطبعها التغييريون لدى الرأي العام عبر أدائهم في ولايتهم النيابية ستكون جوهرية، وان كانت غير نهائية، في تعزيز مناخ التغيير سيما وان الكارثة الاقتصادية التي تسببت بها المنظومة الحاكمة مرشحة للاستمرار لفترة طويلة.

والحال أن كثر من المراقبين شبهوا 17 تشرين بتاريخ 14 آذار وحاولوا المزج بين مبادىء انتفاضة شعبية سيادية، أي الثانية، وانتفاضة مطلبية، أي الأولى. بمعنى ان كلا منهما تكمل الأخرى.

ولعل بعض أصحاب وجهة النظر هذه، وبينهم نواب تغييريين، قد برروا انتقالهم الى ضفة قوى 14 آذار تحت هذا العنوان.

يمين ويسار و"بين بين"

ربما طغى مزاج 14 آذار على 17 تشرين أكثر من مزاج خصوم الاثنين معا من قوى 8 آذار (وهي تسمية لم تتعنون رسميا على الاطلاق)، لكن رغم ذلك فإن غالبية نواب التغيير ومعهم نواب من المستقلين، تمكنوا من كبح جماح تماهي 17 تشرين مع 14 آذار.

على ان انقسامات التغييريين باتت واضحة مع كلام يتسم بالشخصي بين بعض نواب هذا التكتل وآخرين اتخذوا خيارات مغايرة، لكن الاصطفافات لبعض النواب غير واضحة تماما وهناك من يتحدث عن خلفية آذارية ويمينية لقايدات تغييرية مثل وضاح الصادق ومارك ضو وربما ميشال دويهي، وأخرى لا تريد القطع مع محور "حزب الله" وفيها الياس جراده الذي يتهم باليسارية، وبين الرؤيتين التكتل الآنف الذكر الذي يحتفظ بآرائه السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تجعله يقف "بين بين" من دون تشكيل بلوك ثابت حول كل الأفكار.

واليوم تمكنت وجهة نظر غالبية نواب التغيير من تكتيل هؤلاء في إطار ائتلاف واحد يجتمع على "الإستقلالية" ويرفض "الإزدواجية" عند بعض نواب التغيير.

هذا الإطار ليس حديدياً وغير مُختزل بقرار واحد وليس الخلاف على اعتصام خلف ونجاة صليبا في المجلس النيابي سوى مثالاً بسيطاً على تباينات في هذا الموضوع وغيره.. لكن الإطار يصر على تمثيله لنبض 17 تشرين مع أن فيه رموز آذارية سابقة مثل بولا يعقوبيان، ومعها رموز خرجت من الشارع ضد الطبقة السياسية كلها مثل إبراهيم منيمنة وحليمة قعقور وملحم خلف وسينتيا زرازير..

ينسق هذا الإطار مع مجموعات تغييرية قررت تنظيم قواها وتبحث ائتلافا موحدا على مختلف الأراضي اللبنانية من الجنوب الى الشمال والبقاع والجبل وطبعاً بيروت.

شرع هؤلاء في اجتماعات متقطعة تتسم بالبطء إلا انها تُجري نقاشات عميقة وتبحث خارطة طريق للحل، وإن كانت خارطة نظرية لكنها ضرورية، لتشكيل مظلة تنضوي القوى تحتها وتفاوض الآخرين من أنصار التغيير عبرها وتريد اجتذاب شرائح صامتة استنكفت عن التصويت العام الماضي.

يصف متابعون هذا الائتلاف بأنه المُعبّر الحقيقي عن قوى التغيير و"الثورة" والذي يُعمل على تشكيله رأيا موحدا في إسم رئيس الجمهورية وسط بحث مُعارض لإسم مغاير للنائب ميشال معوض وجس نبض التغييريين باكثر من إسم، علماً أن نقاشات تجمع تغييريين مع "التيار الوطني الحر" حول هذا الأمر أيضاً لم تصل إلى نتيجة حتى اللحظة.

كما سيبحث الإطار الحالي في الاستحقاقات المجلسية الأخرى، وسيكون له معركته في الاستحقاق البلدي المقبل رغم الشكوك حول إجرائه.. فمن الواضح أن الانسجام الحالي سيُسقط نفسه على استحقاقات تالية وشرط الانضمام إليه الإستقلالية عن قوى السلطة التي ثار التشرينيون عليها في 17 تشرين الأول 2019.

لكن النقاشات في المناطق اليوم لم تتخذ سمة الاستمرارية وثمة تشتت خاصة في المناطق حيث كان لـ"الثورة" جمهورها الكبير. وهناك خطة لتنظيم العمل إنطلاقاً من بيروت لتشمل الأطراف، ويردد كثيرون في مناخ 17 تشرين أن التركيز سيكون على عدم اعتبار أداء التغييريين الحاكم على "الثورة" ككل، بل اعتبار 17 تشرين فعلاً مستمراً في الشارع قبل المجلس النيابي، وهو العنوان الذي سيكون له تحدياته المقبلة.