بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 أيار 2022 12:05ص بعد الخامس عشر من أيّار، أي دور ينتظر السنّة سياسياً؟

حجم الخط
يحلو للكثيرين إسقاط أحداث تاريخية على وقائع ومتغيّرات آنية، في محاولة منهم لإثبات نظرية «التاريخ يعيد نفسه». وتوضيحاً للأمر، فقد إنتشرت مؤخراً وبعد نتائج الانتخابات النيابية، مقارنات بين وضع الطائفة السنيّة على ضوء ما أفرزته تلك الانتخابات من نتائج، وبين وضعها في فترة ما قبل الحرب الأهلية، وتحديداً لناحية إنتفاء حصريّة وقطبيّة التمثيل السياسي، فقد إعتمد البعض في تحليله لوضعية الطائفة السنية برلمانياً على تعدد التمثيل السنّي مناطقياً، وأجرى بالصدد مقارنة بين ما كان قائماً سابقاً لناحية تعدّد الأقطاب مع الواقع الذي أفرزته انتخابات العام 2022.
قد تكون المقارنة صحيحة من الناحية الشكلية، خاصة مع عدم وجود مكوّن سنّي إنتظم تحت لوائه عدد من النوّاب المنتخبين، كما كان حاصلاً في حقبة الرئيس سعد الحريري ومورثه الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لكن المقارنة تصبح غير جائزة من الناحية الموضوعية مع الأخذ بالإعتبار الثقل السياسي الذي كان يمثله زعماء السنّة وهم أفراد بيوتات سياسيّة ويملكون من الرصيد السياسي ومخزون الخبرات السياسية ما يكفي لدحض المقارنة مع من فاز في الدورة الحالية، خاصة أنّ العديد منهم يدخل البرلمان للمرة الأولى، ومنهم أيضاً من فاز بمقعده وهو يعتبر نفسه ممثلاً لكافة شرائح المجتمع وليس لطائفته فحسب. ما يؤكّد عدم صوابيّة الرأي القائل بعودة الطائفة السنية نيابياً الى فترة ما قبل الحرب الأهلية.
أمام نواب المجلس الحالي مهمات جِسام، ونواب الطائفة السنيّة قد تكون مسؤولياتهم مضاعفة، بعد أن قال الناخب السنّي كلمته وأوصل عدد كبير من النواب الجدد الباحثين عن التغيير في ذهنية الحكم في لبنان، لكن في ظل نظام طائفي ومذهبي، يصبح إنتاج خطاب وطني «كطائر يغرّد خارج سربه»، ومرد ذلك أن المكونات المذهبية اللبنانية الباقية إنتظمت الى حد ما ضمن مجموعات واضحة المعالم سياسياً، فالطائفة الشيعية أعطت حصرية التمثيل للثنائي الحزبي، كما أعطى الدروز وكالة حصرية للنائب وليد جنبلاط، حتى الطوائف المسيحية تمثّلت في غالبيتها ضمن مكونين أساسيين. وحدهم السنّة، وفي ظل قرار الرئيس سعد الحريري بالإبتعاد عن العمل النيابي حالياً تفرّقوا الى مجموعات من النواب يجمعهم خوضهم للإنتخابات على المقاعد السنية ويباعد بينهم الكثير.
وعليه، تطرح الإشكالية، أي دور ينتظر السنّة في المجلس الجديد؟ في ظل أزمة إقتصادية ومالية غير مسبوقة، وإنهيار لمقومات الدولة، التي لطالما كانت ملاذهم الوحيد.
إن السؤال المذكور أعلاه يطرح في العديد من الأروقة السياسية، خاصة مع ما يحكى عن إمكانية عقد مؤتمر دولي يبحث في الأزمة اللبنانية المستمرة فصولاً منذ ستينيات القرن الماضي بأشكال مختلفة. قد يقول قائل : لماذا الحديث عن موقف السنّة تحديداً؟ والجواب: بإختصار: وضعية السنّة نيابياً وتفرّقهم مقابل صفوف متراصة لدى باقي المكونات الطائفية.
كثيرة هي المتحولات والمتغيّرات التي عصفت بالطائفة السنيّة في لبنان، فهم إنتقلوا من أكثرية في العام 1918 ممتدة على مساحة الدولة العثمانية الى طائفة في وطن قائم على التوازنات الطائفية في العام 1920، ناهيك عن إغتيالات طالت كبارهم، ورغم ذلك بقوا طائفة أساسية في النظام اللبناني، لا يمكن الحكم بدونهم.

* كاتب - باحث سياسي