بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 أيار 2020 12:01ص بلدية بيروت إلى أين!؟!؟ (3/3)

حجم الخط
أكاد أقول بيروت الى أين؟؟

هل المطلوب أن تتحوّل بيروت الى ضيعة مهملة كما هي عليه اليوم حيث حوّلها المسؤولون البلديون مجالساً ومحافظين الى قرية متخلّفة، فبعض القرى أصبحت مدناً تضاهي مثيلاتها في دول العالم بفضل رؤساء وأعضاء مجالسها البلدية، والمدن عندنا أصبحت مع الأسف قرى متخلفة لغياب ممثليها أيضاً من نواب ووزراء ورؤساء، وذلك لإنشغالهم بمصالحهم الشخصية، حيث لا هم عندهم سوى ذلك، وبيروت بهذا المعنى متروكة تماماً دون أي رعاية أو اهتمام لا من مسؤوليها، ولا من أبنائها والمقيمين فيها، والسبب الرئيس في ذلك هذه الخصوصية العجيبة والهجينة والتي لا مثيل لها في النظم البلدية في العالم كله، وسببها ليس مبني على المحاصصة فحسب بل أضيف إليها تجريد رئاسة المجلس البلدي من صلاحياتها التنفيذية لصالح المحافظ دون أي أسباب قانونية أو واقعية أو نظامية أو مُدُنية أو اجتماعية بحيث أعطى محافظ بيروت امتيازاً أيضاً عن غيره من المحافظين الآخرين، وهو الذي لا علاقة له بتاريخ المدينة ورجالها ومفكّريها وأدبائها وشعرائها وأئمتها ورجال الدين فيها وعاداتها وتقاليدها ونضالها وطبيعتها وشهدائها، وهؤلاء لا يعرفهم إلا أبناء المدينة والمحافظ هو الغريب عنها بنص القانون.

بناء لذلك ان نضال أهل بيروت يقتضي أن يوجّه الى تعديل المادة (67) من قانون البلديات التي تنص على أن:

«يتولى السلطة التنفيذية في البلدية رئيس المجلس البلدي، وفي بلدية بيروت يتولاها المحافظ...».

من هنا يبدأ منع المناكفات والتناقضات والتجاوزات والكيديات والاستنسابية كما وتقف بدعة استحداث أعراف وممارسات، والاعتداءات المتكررة على صلاحيات المجلس البلدي وتهميش دوره. 

نعم ان بيروت بكل أبنائها يقتضي أن تقف صفاً واحداً لإنهاء هذه البدعة القاتلة للمدينة والمقيمين فيها، وان تعديل هذا النص الوارد أعلاه لا علاقة له بطائفة أو مذهب، وان وجوده يشكّل خطأ وخطيئة في آن وقع فيها المشروع فيقتضي الإزالة الفورية قبل أي تعيين لمحافظ جديد، لوضع الأمور في نصابها الإداري والقانوني الصحيح، مع تأكيدنا الدائم على أن تكون كل المناصب لكل الطوائف دون تمييز.

من هنا فإن عدم فعالية رئيس وأعضاء المجالس البلدية المتتالية وسكوتهم عما كان يجري معهم من تجنيدٍ لقراراتهم، وعدم تحركهم في فضح هذه التصرفات وأسبابها ونتائجها للرأي العام، والخضوع لمشيئة السياسيين الذين كانوا يعملون على تسويات للخلافات والمناكفات، تنتهي بإنتهاء المشكلة إياها وتبدأ المشاكل من جديد وهكذا، بحيث كان يعتبرها السياسيون وما زالوا فرصة للبيع والشراء في كل ما يحقق رغباتهم ومصالحهم الشخصية.

أخيراً ان ما طرحه رئيس البلدية السابق الدكتور المهندس بلال حمد ولو متأخّراً في مقاله الذي نشره في جريدة «اللواء» يوم 22/5/2020 إخباراً للقضاء الذي نحترم، ويقتضي إجراء تعديل المادة (67) من قانون البلديات وفق ما أوردناه قبل أي تعيين لمحافظ جديد في بيروت وبذلك فقط نكون قد وضعنا مدينة بيروت في طريقها الانمائي الصحيح، لنشهد في عاصمتنا منارة الشرق عملاً وفعلاً لمثل ما قام به كل من رئيس بلدية باريس السابق جاك شيراك ورئيس بلدية اسطمبول رجب طيب أردوغان من نهضة شاملة لعاصمتيهما.


* الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب.

مستشار قانوني ومحامٍ سابق لبلدية بيروت.