بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 آذار 2019 12:00ص بومبيو يدعم نتانياهو من بيروت!

حجم الخط
أطلق وزير الخارجية الأميركي مايكل بومبيو العنان لتهديداته فور وصوله إلى بيروت، آتياً من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتوعّد اللبنانيين بتصعيد الضربات الأميركية التي سترتفع وتيرتها، إذا لم يتمّ التخلّي عن دعم حزب الله. 
لا شك في أنّ طبيعة الكلام والموقف الصادر عن بومبيو، الذي ابتدع من أجله زيارة لبنان من ضمن جولته الى المنطقة، تدلّ على الطابع الاستعراضي والإعلامي للزيارة الهادفة الى إرضاء واسترضاء الكيان الصهيوني، وحشد الدعم من اجل المعركة الانتخابية لرئيس وزراء كيان العدو بنيامين نتانياهو. ويبدو الانحياز الأميركي تجاه العدو الإسرائيلي وأمنه القومي واضحاً من خلال القرارات المتتابعة، التي اتخذت من ضمن حملة الدعم الاميركية غير المسبوقة لنتانياهو والعدو الإسرائيلي، والتي تجلّت في مساندة العدو في بسط سيادته على الجولان المحتل، واعتبار القدس عاصمة له، إضافةً الى رعاية مؤتمر وارسو، الذي سعت اميركا من خلاله الى حشد وتعزيز الدعم للكيان الإسرائيلي.
أمّا ادّعاء الولايات المتحدة حرصها على لبنان، وتمسكها بمتابعة دعمها للدولة اللبنانية ومؤسّساتها واقتصادها، فتناقِضُه أفعال الإدارة الاميركية في تغطيتها للاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وشرعنتها، وسعيها لتحقيق هدفها الأساسي بكسب النفوذ على مؤسّسات الدولة اللبنانية، وهو ما يفسّر المساعدات التي قدمتها الولايات المتحدة للبنان عام 2018 بقيمة 800 مليون دولار.
وبومبيو «الحريص على مصلحة اللبنانيين»، كما صرّح خلال زيارته، هو نفسُه الذي غرّد بعد زيارة الكيان الاسرائيلي قائلاً: «الولايات المتحدة تقف جنباً الى جنب مع اسرائيل، وستواصل مكافحة جميع اشكال معاداة السامية»، فلو كانت الولايات المتحدة حريصة على لبنان، لكانت ضغطت على العدو كي يلتزم بالقرار 1701، وينسحب من الأراضي اللبنانية، ويمتنع عن خرق أجواء لبنان! ولو كانت مهتمّة بأمن لبنان، لقامت بتزويد الجيش اللبناني بالأسلحة الدفاعية المتطوّرة والمروحيات الهجومية والمنظومات الحديثة لمحاربة الإرهاب والتعامل مع أمن الحدود والدفاع عن الأرض بوجه أي اعتداء!
والمؤكد ان النغمة الاميركية الكاذبة في «الحفاظ على استقرار لبنان»، والتي ردّدها بومبيو على مسامع المسؤولين اللبنانيين، بدّدتها مساعيه لتحقيق الأطماع الإسرائيلية في النفط والغاز اللبناني عبر محاولته إيجاد حل لترسيم الحدود النفطية البرية والبحرية بين لبنان وكيان العدو. فقد طلب بومبيو بوقاحة من المسؤولين اللبنانيين ان يقبلوا بتقاسم المنطقة البحرية المتنازع عليها، وهي الواقعة على الحدود البحرية اللبنانية مع فلسطين المحتلة ضمن مساحة 860 كيلومتراً مربعاً، مع الكيان الصهيوني وفقا لـ»خط هوف»، لأن هذه المنطقة غنية بالغاز، الذي يريد الكيان الاسرائيلي الاستيلاء عليه.
ومن الواضح أن جوهر التصعيد الاميركي الجديد يكمن في مساندة رئيس وزراء العدو في الانتخابات الاسرائيلية المقبلة، خصوصاً ان الرئيس الأميركي يراهن عليه لإمرار مشروع «صفقة العصر»، وهنا خطورة السياسية الاميركية الراهنة، التي تتبرّع من خلالها واشنطن للكيان الإسرائيلي من مال غيرها، فبالأمس اعترفت الولايات المتحدة بالقدس الشريف عاصمة للكيان الإسرائيلي الغاصب، والآن تمهّد لضم هضبة الجولان الى أراضي الكيان. وغداً ربما تُقرر أن تعطيه قطعة من حدود لبنان البحرية جنوباً، تتبعها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا!
يمكن تلخيص زيارة بومبيو لبنانياً بطرح معادلة استقرار الوضع اللبناني في مقابل التخلّي عن حزب الله ومحاربته، وإسرائيلياً بالمساعدة في تخفيف الضغط عن الكيان الإسرائيلي واعطائه حصّة من الغاز اللبناني. وربما لم يتوقّع المنبهرون بالقدرات الأميركية أن تنتهي زيارة بومبيو، والمواقف الحادة التي أطلقها، دون تمكّنه من انتزاع قدر ذرّة يعود بها الى أصدقائه الصهاينة.. فهو رحل كما جاء خالِ الوفاض. لكن العبرة في ما سيدفعه لبنان لاحقاً نتيجة الضغوط والتصعيد السياسي الأميركي المتوقّع، مع استبعاد حصول عدوان صهيوني – أميركي مثلما يتوقّعه أو يراهن عليه البعض.