بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 تشرين الثاني 2022 08:06ص تجارب الشغور الرئاسي في لبنان 1988 - 2022 (2/2) تمديدان بعد الطائف وفراغ الكرسي الأولى الثالث يُنهي أسبوعه الأول

حجم الخط
إذا كان لبنان قد شهد التمديد لرؤساء الجمهورية ثلاث مرات كان أولها للرئيس الاستقلالي الأول بشارة الخوري الذي انتخب رئيسا عام 1943، وجدّدت ولايته عام 1949 حتى عام 1955، لكنه استقال من منصبه في 21 أيلول عام 1952 بعد ثورة بيضاء. وعرف لبنان التمديد مرتين بعد اتفاق الطائف: الأولى مع إلياس الهراوي الذي انتُخب عام 1989، وانتهت ولايته عام 1995، لكن مجلس النواب مدّد ولايته 3 سنوات انتهت عام 1998. أما الثانية فكانت مع انتهاء ولاية الرئيس العماد إميل لحود عام 2004، وجرى تمديدها 3 سنوات إضافية حتى عام 2007.
وكان الوحيد الذي رفض تجديد ولايته هو الرئيس اللواء فؤاد شهاب رغم أن أكثر من 79 نائبا وقّعوا على مشروع قانون لتعديل الدستور، 99 نائبا كان هو عدد أعضاء المجلس النيابي، علما أنه كانت هناك تعزز حظوظ الرئيس شهاب على تجديد ولايته، فالوضع الأمني والسلام الداخلي كانا ممسوكين، وكانت العواصم العربية والدولية الكبيرة ذات الشأن والتأثير مرتاحة لبقاء الرئيس شهاب على رأس الحكم في لبنان، أو غير معارضة له، لكن المفاجأة التي لم ينتظرها أحد، إلا بعض المقرّبين جدا منه ، هو الرئيس شهاب نفسه. وإذا كانت الأكثرية النيابية لم تستسلم لرفض شهاب للتجديد، فقد وقّع 79 نائبا على مشروع قانون لتعديل الدستور، الذي أحاله رئيس المجلس الى الحكومة التي تبنّته، وألحّت مع النواب على الرئيس شهاب لقبوله، آملة أن يستجيب الرئيس ويقبل بالتجديد، لكن الرئيس شهاب رفض توقيع قانون التعديل وردّه الى المجلس، وبدا واضحا للجميع ان تجديد الرئاسة لفؤاد شهاب قد طوي.
قبل الرئيس شهاب، كان الرئيس كميل شمعون (1952-1958) الذي سعى بشتى السبل لتجديد ولايته بما فيها تزوير انتخابات 1957 لهذه الغاية، ويروي الوزير والنائب الراحل يوسف سالم في كتابه (50 سنة مع الناس) انه حصل اجتماع في منزله حضره بالإضافة إليه كل من: بيار الجميل، هنري فرعون، شارل الحلو، غسان التويني، الدكتور يوسف حتي، بهيج تقي الدين، جورج نقاش، محمد شقير، جان سكاف، غبريال المر، ونجيب صالحة. وقرر المجتمعون قيادة حوار بين جميع الأطراف والاتصال بأطراف السلطة والمعارضة، وأطلقوا على أنفسهم اسم «القوة الثالثة»، غير ان بيار الجميل وشارل حلو، سرعان ما تركا هذه القوة دون أن يحددا الأسباب.
بدأت «هذه القوة اتصالاتها مع الأطراف المختلفة، وكان اللقاء الأول مع الرئيس شمعون حيث طلبت هذه القوة من شمعون إعلان عدم رغبته في التجديد في هذا الجو المشحون بالقلق»، لكن شمعون ردّ بحدّة قائلاً: «لا أستطيع أن أعلن ذلك، لأنني إذا لم أجد في الميدان مرشحاً يستطيع أن يكمل السياسة التي سرت عليها، عند ذلك أرى نفسي مكرهاً على العمل للتجديد».
حتى أن الرئيس الأميركي آنئذ دوايت ايزنهاور أوفد مساعده الى لبنان روبرت مورفي الذي زار «شمعون ونصحه بأن لا يفكر في التجديد حتى لا يقال انه استعان بالجيش الأميركي ليجدد الرئاسة لنفسه»، فأعرب له الرئيس شمعون «عن خيبة أمله في أصدقائه الغربيين وفي طليعتهم الأميركيين» وقال له: «اني أحصد ثمار موقفي معكم ضد الشيوعية، وها أنتم الآن تقفون مع المعارضة ضدي».
بأي حال ، فأن تمديدين حصل بعد اتفاق الطائف، كان الأول للرئيس إلياس الهراوي، حيث أخذت منذ العام 1994 تطرح مسألة خلافته، فكان أن أطلق الرئيس الشهيد رفيق الحريري شرارة التمديد من دارة الرئيس الهراوي في حوش الأمراء في زحلة بمناسبة عيد شفيع الهراوي في ذاك العام، وظلت الأمور تراوح بين مد التمديد وجزر انتخاب رئيس جديد الى أن صدرت الكلمة التي دعت للتمديد للرئيس إلياس الهراوي يإيحاء سوري لمدة ثلاث سنوات جديدة، وهكذا اجتمع مجلس النواب في 18 تشرين الأول 1995، وأقرّ بأكثرية 110 نواب ومعارضة 11 نائبا وتغيّب سبعة نواب عن الحضور تعديل المادة 49 من الدستور الذي استمرت بموجبه ولاية الهراوي من 24 تشرين الثاني 1995 الى 23 تشرين الثاني 1998.
أما التمديد الثاني بعد الطائف فكان للرئيس العماد اميل لحود، حيث اجتمع مجلس النواب في الثاني من أيلول عام 2004 وقرر التمديد للرئيس لحود لمدة ثلاث سنوات، بأكثرية 96 نائبا ومعارضة 29 نائبا وتغيّب اثنين، لتستمر ولايته حتى 24 تشرين الثاني 2007 من دون أن يتمكن مجلس النواب من انتخاب خليفة له، ليستمر الشغور الرئاسي حتى 25 أيار بانتخاب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيسا للجمهورية والذي جاء مع احتدام الخلافات وانفلات الوضع الأمني في لبنان، ووقوع أحداث 7 أيار، تداعى الأفرقاء اللبنانيون إلى الدوحة في 21 أيار/ مايو من العام 2008 حيث وقّعوا اتفاقاً، أدّى إلى إنهاء الخلافات ومهّد الطريق أمام تولّي ميشال سليمان رئاسة الجمهورية.
وفي 25 أيار/ مايو 2008 انتخب سليمان رِئيساً للجمهورية وسط حضور عربي ودولي كبير تقدمهم أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس وزرائه حمد بن جاسم آل ثاني والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ورئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان ووزير خارجية السعودية الأمير سعود الفيصل ووزير الخارجية السوري وليد المعلم ووزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي ووزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنار ورئيس البرلمان العربي محمد جاسم الصقر ورؤساء عدد من المجالس التشريعية العربية ووزراء خارجية عرب وأجانب.
وانتهى عهد الرئيس سليمان الى الشغور الرئاسي في 25 أيار 2014 واستمر حتى 31 تشرين الأول 2016 بانتخاب رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، الذي كان بعد إعلان الرئيس سعد الحريري في 20 تشرين الأول 2016 تأييده الرئيس عون بعد ما سمّي بـ«التسوية الرئاسية»، ثم «اتفاق معراب». ليبدأ بعد ست سنوات شغور رئاسي جديد، ينهي اليوم اسبوعه الأول.