بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 تشرين الثاني 2019 12:03ص تذرُّع الفريق الرئاسي بجواب نهائي من الحريري لتحديد موعد الإستشارات غير واقعي ولتبرير التعثُّر بعملية التشكيل

موقف الحريري منذ بداية أزمة التأليف وحتى اليوم لم يتغيَّر وشرطه لترؤس حكومة إختصاصيِّين مايزال على حاله

حجم الخط

مع إنقضاء مهلة كل سبب، تضاف مهلة جديدة مع سبب آخر، وهكذا انقضت مُـدّة ما يقارب الشهر وأزمة تأليف الحكومة تزداد تعقيداً


 
لم تعد الأسباب التي يتذرع بها الفريق الرئاسي للتهرب من تحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس جديد للحكومة تقنع أحداً، بعد إنكشاف حقيقة كل سبب يطرح وانقضاء المهلة الطبيعية المطلوبة للمباشرة بهذه الاستشارات للانطلاق قدماً في عملية تشكيل الحكومة العتيدة، بعدما تبين ان التأخير الحاصل يُخفي وراءه العجز في إدارة شؤون الرئاسة والالتزام بتطبيق الدستور وعدم القدرة على استيعاب مفاعيل الحراك الشعبي المتصاعد والاستمرار في التماهي مع ضغوطات واملاءات «حزب الله» وحلفائه لإبقاء أزمة التأليف مفتوحة على مصراعيها بالرغم من تداعياتها الخطيرة ولا سيما على الصعيدين المالي والاقتصادي.

فمن الادعاء بداية ان سبب تريث رئيس الجمهورية ميشال عون بالدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة ان الرئيس الحريري لم يُنسق موضوع استقالة الحكومة مسبقاً مع الرئاسة الأولى، الأمر الذي فاجأ رئيس الجمهورية وفريقه وهذا يتطلب بعض الوقت لاستيعاب ما حصل للمباشرة بالخطوة الأولى في عملية التشكيل، ثم تدرج الأمر إلى القول ان رئيس الحكومة المستقيل متردد ولم يحسم خياره النهائي بعد في مسألة قبوله تشكيل الحكومة أم يرفض ذلك وهو ما قاله الرئيس عون شخصياً في مقابلته التلفزيونية الأخيرة وصولاً إلى ترداد مقولة ان دوائر القصر الجمهوري تنتظر رداً نهائياً من الرئيس الحريري في مسألة قبول تسميته للرئاسة الأولى أو تسميته للشخصية التي يراها ملائمة وتتوافر فيها المواصفات المطلوبة لتولي رئاسة الحكومة في هذه الظروف الصعبة والمعقدة.

ومع انقضاء مهلة كل سبب، تضاف مهلة جديدة مع سبب آخر، وهكذا دواليك انقضت مُـدّة ما يقارب الشهر بعد أيام قليلة وأزمة تأليف الحكومة تزداد تعقيداً والمشاكل الناجمة عنها تتراكم وتلقي بثقلها وتداعياتها على كاهل المواطنين وتزيد من صعوبة وتكاليف معيشتهم اليومية.

إزاء ما ينسج من روايات مزعومة ويطرح من أسباب غير واقعية للتهرب من موضوع تحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس جديد للحكومة إستناداً للدستور وللمباشرة عملياً بتشكيل حكومة تتولى مقاليد السلطة وإدارة أمور البلاد واستجابة لمطالب النّاس عموماً وللحراك الشعبي المتصاعد، لا بدّ من التذكير بما حصل بعد قيام الرئيس الحريري بتقديم استقالة حكومته.

منذ اللحظة الأولى، أبلغ رئيس الحكومة المستقيل الجميع من دون استثناء، بدءاً من رئيس الجمهورية وسائر الأطراف السياسيين عدم رغبته بتولي رئاسة الحكومة الجديدة، آملاً ان يتولى غيره هذه المهمة ومؤكداً في الوقت نفسه انه إذا اصرت الكتل النيابية بأكثريتها على تسميته لهذه المهمة مرّة جديدة، فإن شرطه الأساس للقبول بهذه المهمة، تأليف حكومة إنقاذ وطني تضم نخبة من الاختصاصيين «تكنوقراط» تكون مهمتها مركزة على وضع الحلول اللازمة للمشكلة الصعبة والخطيرة التي تواجه البلاد، وهي المشكلة المالية والاقتصادية التي تنذر بتداعيات خطيرة قد تؤدي إلى الانهيار التام في حال لم يتم استلحاقها بسرعة وحرفية واهتمام ملحوظ، على ان لا يتعدى عمر هذه الحكومة الأشهر الستة وتقوم خلالهابوضع قانون جديد للانتخابات النيابية المقبلة.

وعلل الرئيس الحريري شرطه بتشكيل حكومة اخصائيين بعدة اسباب أوّلها، الانسجام بين أعضائها والعمل يداً واحدة في سبيل حل المشكلة الاقتصادية والمالية المتدحرجة بسرعة، ومن خلال هذه الآلية يُمكن اختصار الوقت وتفادي المناكفات والانانيات السياسية التي تعيق حركة وانطلاقة أي حكومة بتركيبة مغايرة، إن كانت سياسية بالكامل أو مطعمة بسياسيين، لا سيما وأن تجربة الحكومة المستقيلة لا تشجّع على التكرار إطلاقاً لأنها فشلت في القيام بالمهمات المطلوبة منها بسبب استفحال الخلافات بين أعضائها.

اما السبب الثاني فهو امتصاص نقمة الحراك الشعبي والاستجابة لمطلبه بتشكيل حكومة إنقاذ من اختصاصيين وهذا عامل ضروري وأساسي، واما السبب الثالث فهو إعادة ثقة المجتمع الدولي بلبنان وتشجيعه لمد يد المساعدة للدولة اللبنانية وتقديم ما يمكن من مساعدات وهبات وقروض ميسرة لكي يمكنها من تخطي المشاكل المالية والاقتصادية وتمنع من انزلاق لبنان نحو الانهيار المالي.

وعندما ووجه شرط الرئيس الحريري بتشكيل حكومة اختصاصيين بالرفض من قبل تحالف «التيار العوني» و«حزب الله» وحركة «أمل»، وإصراره على هذا الشرط، تمّ طرح ان تتولى شخصية أخرى مقبولة هذه المهمة على ان تحظى بتأييده وعندما طرح اسم القاضي نواف سلام لتولي المهمة تمّ رفضه، كما تمّ رفض أسماء أخرى، في حين طرح الوزير باسيل اسم الوزير السابق محمّد الصفدي الذي لم يواجه رفضاً ولكن إعلان ترشيحه على لسان الوزير باسيل في وقت لاحق أدى إلى رفضه واسقاطه نهائياً.

كل هذه الوقائع المذكورة، منذ بداياتها وحتى الساعة لم تتغير، وموقف الرئيس الحريري على حاله لم يتغيّر قيد أنملة خلافاً لكل الادعاءات والاستنتاجات التي يتذرع بها الفريق الرئاسي أو غيره والأزمة ما تزال تدور في دائرة مفرغة، ولم يحصل اختراق في مسألة تشكيل الحكومة الجديدة، اما ما يقال أو يتردد عن جواب نهائي من الرئيس الحريري لتحديد موعد الاستشارات النيابية، فهو مغاير للواقع تماماً، لأن جواب الرئيس الحريري أبلغ إلى الجميع منذ البداية، الا إذا كان الهدف محاولة كسب مزيد من الوقت لتبرير التعثر الحاصل في عملية تشكيل الحكومة العتيدة.