بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 كانون الثاني 2019 12:11ص تفعيل حكومة تصريف الأعمال هل هو مناورة للإسراع في تشكيل الحكومة؟

مرجع دستوري لا يشاطر برّي رأيه ووزني يُؤكِّد الحاجة إلى موازنة

حجم الخط
مع استمرار الفراغ الحكومي منذ سبعة اشهر، وعلى الرغم من بدء تشغيل محركات التأليف بشكل خجول غداة عطلة الاعياد، فان الاجواء لا تزال ضبابية في ظل الحديث عن ان لا افكار جديدة تطرح لحل المعضلة الحكومية حتى الان، بانتظار اجراء المزيد من الاتصالات والمشاورات التي قد تجد ربما مخرجاً للمأزق الحكومي. وفي هذا الوقت كان اللافت ما نقل عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري امس الاول حول استطاعة حكومة تصريف الاعمال الاجتماع واقرار موازنة ٢٠١٩، واحالتها الى المجلس النيابي لدرسها واقررها، مستندا الى سابقة حصلت في العام ١٩٦٩ في عهد حكومة الرئيس الشهيد رشيد كرامي.
مصادر سياسية اعتبرت ان ما قاله رئيس المجلس قد يكون مناورة لحث القوى السياسية على الاسراع لتشكيل الحكومة في ظل وضع اقتصادي ومالي صعب ودقيق.
«اللواء» سألت الاستاذ المحاضر في القانون الدستوري الدكتور انطوان صفير عن دستورية طرح الرئيس بري فاكد انه لا يشاطر رئيس المجلس رأيه، لان في روحية التشريع فإن الحكومة هي حكومة تصريف الاعمال ولا يمكنها ان تقوم بأي موضوع يخرج عن سياق تصريف الاعمال في معناه الضيق، فعندما تتمكن الحكومة المستقيلة والتي هي في وضعية تصريف الاعمال من الاجتماع واقرار الموازنة هذا يعني ان بامكانها القيام بكل الاعمال، وكأنها حكومة عادية، لانه وفق القاعدة المعروفة اي ان الذي يمكن القيام بصلاحية كبيرة يمكنه ايضا ان يقوم بصلاحية اقل اتساعا.
ويعتبر صفير ان الموضوع واضح، ويجب ان تكون هناك حكومة جديدة وهي التي تقر مشروع الموازنة، ولكن ان تجتمع حكومة تصريف الاعمال لاقرار المشروع فهذا الامر لا يتناسب مع روحية تصريف الاعمال ومع ما يعتبره الدستور ان الحكومة مستقيلة ليس بقرار من رئيسها او باستقالة اعضائها، انما مستقيلة بحكم النص جراء الانتخابات النيابية، والدستور ينص على انه عند اجراء الانتخابات النيابية تصبح الحكومة مستقيلة وصلاحياتها تصريف الاعمال فقط.
ويضيف صفير قائلا: حتى لو كان هناك سابقة هذا لا يعني انه اصبح في سياق العرف، لان العرف يحتاج ان يكون مستمرا لكي يصبح عرفاً مستمراً لفترة طويلة او بسبب احداث متشابهة، ولكن هنا الاحداث غير متشابهة فهناك مجلس نيابي جديد ويجب ان تكون هناك حكومة جديدة، واذا اعتبرنا ان الحكومة قادرة لاقرار الموازنة يعني ان هذا الامر مناقض لتصريف الاعمال.
من ناحيته يعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور غازي وزني «للواء» ان الرئيس بري يستند الى اجتهادات قانونية ودستورية بناءً على ما حصل في العام 1969 في عهد حكومة الرئيس رشيد كرامي، وفي الوقت نفسه فهو يستند ايضا الى الوضعين الاقتصادي والمالي الصعب والدقيق جدا، والذي يحتاج الى موازنة والتوقف عن الانفاق على القاعدة الاثني عشرية التي تتبع حاليا، وتعتبر هذه القاعدة خارج الانضباط المالي.
ويشير وزني الى ان من اهداف الموازنة هي وضع رؤية اقتصادية واجتماعية للعام 2019، وضبط العجز في المالية العامة ضمن الشروط الرئيسية لمؤتمر «سيدر»، لان العجز يتجاوز حاليا العشرة في المئة من حجم الاقتصاد. ويعتبر بأن الموازنة يجب ان تأخذ اجراءات لتحفيز النمو الاقتصادي، كما ان اقرارها هو احد الشروط الاساسية للمؤسات المالية الدولية، ان كان بالنسبة الى صندوق النقد الدولي او البنك الدولي او وكالات التصنيف الدولية.
ويرى وزني انه اذا استطعنا خفض العجز في المالية العامة يمكن عندها ان تحسن وكالات التصنيف الدولية نظرتها المستقبلية للاقتصاد اللبناني، ويتبع ذلك في المرحلة المقبلة خفض معدلات الفوائد، واهميتها هو الانضباط المالي من خلال لعب المؤسسات الرقابية دورها ان كان ديوان المحاسبة او السلطة التشريعية المجلس النيابي على الانفاق والجباية. ويؤكد حاجة لبنان الى موازنة وضبط الهدر والفساد واعطاء السلطات الرقابية القضائية والتشريعية القدرة على الرقابة على الانفاق والجباية.
ويشير الدكتور وزني الى ان موازنة 2019 اعدت منذ فترة طويلة وحسب قانون المحاسبة العمومية في اول ايلول يفترض على وزير المالية التقدم بمشروع موازنة 2019 الى مجلس الوزراء لمناقشتها والمادة 93 من الدستور تنص على انه بعد 15 تشرين الاول تحال الى مجلس النواب لاحالتها واقرارها يعني الموازنة معدة ومنتهية، وهي ليست بحاجة ليتم اعدادها من قبل الوزراء وعلى كل الاحوال فان من يعد الموازنات الوزارات وليس الوزراء، واقرت وزارة المال منذ اشهر عدة احترامها للمهل الدستورية وان مشروع موازنة 2019 جاهز لديها منذ نهاية شهر اب 2018.
وحول ربط مقررات مؤتمر«سيدر» بإقرار الموازنة يشير وزني ان من شروط المؤتمر ان تلحظ موازنة 2019 ضبط العجز في المالية العامة اي خفضها مقارنة مع العام 2018، وأن لا تتضمن اجراءات ضرائبية لان ليس باستطاعة المواطن تحمل اي اجراءات ضرائبية، كذلك فان الاقتصاد لا يستطيع تحمل مثل هكذا اجراءات، كذلك ضرورة تحسين الجباية من خلال اتخاذ الخطوات الاصلاحية، لتكون بنظر المجتمع الدولي موازنة ايجابية تنعكس على التصنيف الائتماني للبنان في مرحلة 2019.
وحول التحركات العمالية والمطلبية اليوم يرى فيها وزني ايجابيات وذلك لحث القوى السياسية على تأليف الحكومة، ولكن يقول ان بعض الاطراف تخشى من وجود طابور خامس في هذه التحركات قد تؤدي الى اشكالات امنية، ويشدد على ان الاوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية تتطلب تشكيل حكومة من دون اي تأخير وهذا الامر يطالب به المواطنون لانه لا يجوز الاستمرار في المماطلة بتشكيل الحكومة التي هي اولوية.
ويتوقع ان تكون التحركات اليوم محدودة وان الاعتراضات ستكون في المنازل، مستبعدا ان تكون الاحتجاجات واسعة النطاق.