بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 كانون الأول 2020 12:14ص تقاطع مصالح الفريق العوني و«حزب الله» يطيل أزمة تشكيل الحكومة أكثر مما هو متوقع

المسار الحكومي مؤجل والبعض يربطه بصفقات مأمولة اقليمياً على حساب لبنان

حجم الخط
لم يفاجأ الوسط السياسي بحالة التشنج السياسي ولعبة عض الاصابع التي تظلل مسار تشكيل الحكومة الجديدة، بين الفريق الرئاسي ممثلاً بالنائب جبران باسيل من جهة ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، بل كانت كل التقديرات التي سبقت تسمية الحريري لرئاسة الحكومة وخلالها، تتوقع حدوث هذه الاجواء المتأزمة على خلفية العلاقات المتردية بينهما طوال الفترة الماضية وكون هذه التسمية حصلت بمعزل عن موافقة هذا الفريق وخلافاً لارادته وذلك للمرة الاولى منذ بداية عهد الرئيس ميشال عون قبل أربع سنوات.

ولذلك، بقيت كل محاولات التهدئة وفتح صفحة جديدة من التعاون بين عون والحريري لتجاوز تداعيات الخلافات السابقة محدودة النتائج ومحكومة بتكرار اسلوب التوافق والتشاور المسبق بين الرئيس المكلف والنائب باسيل، مواربة او بايحاء مباشر من رئيس الجمهورية للتفاهم والاتفاق على صيغة التشكيلة الحكومية المرتقبة تحت عنوان تكثيف التشاور مع الكتل النيابية، كما كان يحصل سابقا، كشرط ضروري لا بد منه لتسهيل ولادة الحكومة العتيدة، وهو ما رفضه الحريري رفضاً قاطعاً، انطلاقاً من ان عملية تشكيل الحكومة تحصل بالتشاور بينه وبين رئيس الجمهورية استنادا للدستور، في حين ان التشاور مع الكتل النيابية جرى حسب الاصول ولم يتم استثناء اي كتلة او طرف من هذا التشاور ومن ضمها كتلة التيار الوطني الحر.

ويلاحظ ان تعثر تشكيل الحكومة الجديدة اصبح مكشوفاً وسببه كما هو معروف حالياً، الشروط المسبقة والاستئثار بأكبر عدد من الوزراء بالتشكيلة الحكومية تحت مسميات «وحدة المعايير» تارة وحصة الرئاسة مرة اخرى، والهدف هو الالتفاف على المبادرة الفرنسية مواربة والسعي لتفريغ حكومة المهمة الانقاذية التي سميّ الحريري على اساسها من مضمونها، إما لتكون الحكومة الجديدة، حكومة محاصصة ومستنسخة في بعض جوانبها عن حكومات المرحلة الماضية وتلبي طموحات ومصالح «التيار العوني» بالاستمرار في الاستئثار بالوزارات والمرافق التي تدرُّ اموالاً ومنافع كبيرة له ولحلفائه على حد سواء، او الاستمرار في عرقلة وتعطيل كل مساعي تشكيل الحكومة العتيدة وابقاء حالة الفراغ قائمة والانهيار متواصل ولو كان ذلك على حساب مصلحة الشعب اللبناني كله.

تعثر تشكيل الحكومة اصبح مكشوفاً وسببه الشروط المسبقة والاستئثار بأكبر عدد من الوزراء

ولكن في ضوء ما يطرح ويتردد سياسياً واعلامياً، هل ان سبب تعثر تشكيل الحكومة الجديدة هو مطالب الفريق الرئاسي التوزيرية وشروطه حصراً، ولكن ماذا عن موقف حليفه، «حزب الله» من هذا التعثر؟

يلاحظ بوضوح من خلال تتبع المواقف الصادرة عن قيادات «حزب الله» بالنسبة لمسار تشكيل الحكومة الجديدة المتعثر، ان الحزب ليس في وارد التدخل الفاعل لدى الفريق الرئاسي العوني لتذليل العقد وتسهيل تسريع تشكيل الحكومة، لانه لا يرى داعياً لمثل هذا التدخل، لانه في مكان ما، يعتبر ان تأخير التشكيل، لا يضرُّ ولا يؤثر على مصالح الحزب المرتبطة اقليمياً ودولياً بما يتعدى لبنان، ولو طال التعثر والفراغ الحكومي الى وقت اطول، لا سيما مع ما يتردد سياسياً واعلامياً بأن المسار الحكومي مؤجل حالياً، تارة لترقب سلوك الادارة الاميركية الجديدة تجاه المنطقة وكيفية تعاطيها مع ايران، وتارة اخرى يربط البعض التأخير باحتمال اجراء صفقات مأمولة بخصوصها مع الجانب الاميركي، تكرّس مكاسب ونفوذ ايران وحلفائها على حساب الدول والاطراف الاخرى.

واكثر من ذلك، يذهب بعض السياسيين للقول، ان الحزب ليس في وارد ممارسة نفوذه على حليفه الفريق الرئاسي العوني، اولاً مجاراة لباسيل وتعاطفاً معه بعد العقوبات الاميركية المفروضة عليه، وثانياً تردد الحزب في تسريع ولادة حكومة اختصاصيين صرفة لا تضم وزراء سياسيين ممثلين عنه او حلفاء له، لانها قد لا تجاريه في توجهاته او يكون نفوذه فيها محدودا ولا تخدم مصالحه وسياساته في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة التي تشهد تقلبات وتداعيات متسارعة لا يمكن التنبؤ بنتائجها ومخاطرها.

ولذلك، في ضوء هذه الوقائع، يبدو ان هناك تقاطع مصالح بين الفريق الرئاسي العوني و«حزب الله» في ابقاء مسار تشكيل الحكومة الجديدة على حاله، لا يستدعي تذليل العقد والصعاب وتقريب وجهات النظر بين مختلف الاطراف لتسهيل ولادة مهمة حكومة الانقاذ المرتقبة، ولو استدعى الامر زيادة المشاكل والضغوط التي يتعرض لها الشعب اللبناني معيشياً واقتصادياً ومالياً، واذا لم تحصل تدخلات وضغوط خارجية فرنسية وتضافر جهود تلاقي مصالح، فإن ازمة تشكيل الحكومة ستطول الى امد غير معلوم.