يحفل شهرا نيسان وأيار بمجموعة من الاستحقاقات المحلية (الإنتخابات النيابية)، وخصوصا الإقليمية والدولية المؤثرة بشكل أو بآخر في المسار اللبناني. هذه الاستحقاقات ناتجة بغالبيتها من الاستدارة المتوقعة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، بدءا بنقل السفارة من تل أبيب الى القدس، وليس إنتهاء بالقمة غير المسبوقة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون. وبينهما تجثم المسألة الإيرانية بإمتداداتها النووية والعراقية (الإنتخابات النيابية العامة) كأكثر الملفات إلحاحا وخطورة، انعكاسا لتغيّر الاستراتيجية الأميركية مع الناظر الجديد للخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي المرتقب جون بولتون، واحد من أبرز صقور الإدارة وأحد عرّابي الفوضى التي لحقت بالمنطقة منذ ما بعد ١١ أيلول ٢٠٠١.
تراقب إسرائيل، من كثب، مجمل هذه التطورات، وتنتظر بصبر المقاربة الأميركية الجديدة في المسألة الإيرانية وتشعباتها اللبنانية خصوصا، من منطلق ما تسميه تل أبيب احتمال وجود منشآت صناعة عسكرية لإيران في لبنان.
في المعطيات، أن هذه المنشآت كانت محورا رئيسيا في المحادثات التي جمعت في 29 كانون الثاني الفائت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، انطلاقا من «المخاوف الإسرائيلية من إمكان تحويل القذائف إلى صواريخ دقيقة التوجيه قادرة على استهداف البنية التحتية والمراكز السكانية في إسرائيل»، وهو ما تناوله نتنياهو بحديثه عن أن «الأسلحة الدقيقة الصادرة عن لبنان تشكل تهديداً كبيراً لإسرائيل ونحن لن نقبله، وإذا استدعت منّا هذه المسألة التصرف أيضاً، فلن نتردد في ذلك».
كما سعى نتنياهو إلى الحصول على دعم روسيا لجهود أوسع نطاقاً للحد من النشاط الايراني في المنطقة. ولكن موسكو لم ترد علناً على مثل هذه الطلبات، والتزم نتنياهو الصمت أيضاً حول هذه المسألة، مكتفياً بالقول ان العلاقات الإسرائيلية الروسية «ممتازة» وأن هناك تقارباً بينهما حول القضايا الرئيسية.
وسبق لرئيس الوزراء الإسرائيلي أن أثار أمر المنشآت مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في 28 آب 2017 ، متحدثا عن «تحصينات» إيرانية في لبنان، ومن بينها بناء مصانع لإنتاج الصواريخ، ومشيراً إلى أن «هذا أمر لا يمكن أن تقبله إسرائيل، وهذا أمر لا يجدر بالأمم المتحدة أن تقبله».
تعتبر مصادر غربية أن تصريحات نتنياهو تؤشر الى أن تل أبيب «تنظر بجدية الى التهديد الناشئ عن منشآت إنتاج الأسلحة المتطورة في لبنان باعتباره يغيّر مقاييس اللعبة نظراً إلى قدرتها على تجهيز حزب الله بصواريخ دقيقة التوجيه».
وتعتقد هذه المصادر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي تقصّد من إثارة هذه المسألة مع الرئيس الروسي «وضع موسكو أمام هذا الواقع انطلاقا من دورها الواسع في سوريا وتأثيرها الحاضر في مختلف وجوه الميدان السوري العسكري والسياسي، بما فيه تأثيرها غير المباشر على حزب الله من خلال علاقاتها مع إيران». وتلفت الى أن تل أبيب تعتبر أن على موسكو «تقع مسؤولية وضع إطار كابح لأي نشاط عسكري غير دولي في سوريا، واستطرادا في لبنان، بالنظر الى الخطورة المتأتية من التفلّت الحاصل في انتقال السلاح، الكلاسيكي منه والاستراتيجي، الى أيدي حزب الله والمنظمات المرتبطة، بما ينذر باندلاع حروب إقليمية غير محدودة التوقيت أو السقف في حال تواصلت عملية الإمداد بمنظومات الأسلحة الاستراتيجية وبناء منشآت تطوير السلاح الكلاسيكي في لبنان على وجه التحديد».
وتلفت المصادر الغربية الى أن «تل أبيب تعتبر جازمة أن خطر التصعيد سيكون حقيقياً للغاية في حال فشلت محادثات نتنياهو مع بوتين، فضلاً عن تحذيراته العلنية وغيرها من الأساليب الديبلوماسية المحتملة الأخرى في ردع إيران وأعوانها عن وقف سباق التسلّح الحاصل».
وتنبّه المصادر الى واقعة أن «تل أبيب قد لا تتوانى عن استخدام أي تصعيد سياسي أو عسكري أميركي في المسألة الإيرانية، لتنفيذ تهديدها لبنانيا باستهداف المنشآت العسكرية الإيرانية التي تتحدث عنها، بصرف النظر عن المخاطر الناشئة من أي تطور حربي ضد لبنان وعن الرد المتوقع لحزب الله».