بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 آب 2021 12:05ص «تمريك» ومواجهة سياسية مفتوحة على أرض لبنان

بين سفينة إيران ومسعى شيا للكهرباء وموقف سوريا...

حجم الخط
يبدو انه سباق بين وصول السفينة الإيرانية الناقلة للمحروقات بطلب من حزب الله، وبين مسعى الادارة الاميركية عبر سفيرتها في بيروت دوروثي شيا لإستجرار الكهرباء من الاردن والغاز عبر مصر الى معمل كهرباء دير عمار في عكار، لكن السباق يتّخذُ طابع «التمريك» السياسي كل طرف على الآخر والمواجهة السياسية على ارض لبنان، وعلى الارجح ستكون مواجهة مفتوحة طالما ان الحزب يتهم اميركا مباشرة «بفرض الحصار الاقتصادي والمالي والتجويعي على شعب لبنان لكسر ارداة شعبه عبر كسر المقاومة فيه، وإخضاعه للتوجهات الاميركية في مواضيع استراتيجية كالمفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية وسلاح المقاومة وكسر التوازن القائم ليصبح في مصلحة الكيان الإسرائيلي»، وطالما ان اميركا تتهم الحزب وإيران «بالهيمنة على لبنان».
يحمل كلام السيد نصر الله نوعاً من التحدّي السياسي للإدارة الاميركية بإمكانية كسر الحصار ولو جزئياً وبدعم من الاصدقاء الحلفاء في ايران وسوريا والعراق، لتغطية جزء من حاجات جمهور المقاومة على الاقل في بيروت وضواحيها والجنوب والبقاع إن لم يكن بالإمكان تغطية كل لبنان اومعظمه.
عبّر عن هذه المواجهة المباشرة السيد حسن نصر الله في خطاب العاشر من محرّم وردّ السفيرة الاميركية عليه بالشخصي والإسم. وكالعادة انقسم لبنان بين مؤيد لهذا الطرف او ذاك، بينما الناس تنتظر عند محطات الوقود والغاز والافران والمستشفيات والصيدليات الفرج. متى يصل الوقود الايراني ومتى يمكن إستجرار الكهرباء والغاز «الأميركيين» ومَنْ يسبق مَنْ؟
وإذا كان الوقود الإيراني مرجّحا ان يصل قبل الكهرباء الاميركية من الاردن، سواء سلكت السفينة طريق قناة السويس (15 يوماً) او التفّت عبر القارة الافريقية (45 يوماً)، فإن دون الكهرباء الاردنية والغاز المصري عوائق قانونية وتقنية اكثر تعقيداً، ذلك ان الموقف السوري الرسمي يربط خطوة نقل الكهرباء والغاز بمفاوضات رسمية مباشرة بين دولتي لبنان وسوريا لتوقيع اتفاقية جديدة لإستجرار الكهرباء وتفعيل اتفاقيات سابقة حول تبادل الخدمات ومنها الكهرباء، عدا عمّا يتطلبه ذلك من تفاوض بين لبنان والاردن وربما بين لبنان ومصر ايضاً. وعدا ما يتطلبه تصليح خط نقل الكهرباء بين الاردن وسوريا المتضرر بشدة في منطقة درعا نتيجة الحرب في سوريا، والذي يستغرق إصلاحه بين ستة اشهر وسنة على ما افادت معلومات مصادر على صلة وثيقة بالجانب السوري.
وبغضّ النظر عن الشق التقني المقدور عليه، فإن الشق السياسي يطغى على الموضوع. وثمّة من رأى ان سوريا قد ترفض حتى التفاوض مع لبنان وتطلب من الادارة الاميركية التفاوض معها طالما ان يدها مباشرة في الموضوع. والتفاوض مع الاميركي هنا لا يتعلق بالشق التقني والمالي بل بالشق السياسي، والذي قد يتناول قضايا اخرى عالقة بين سوريا واميركا، كموضوع وضع اليد الاميركية على حقول النفط والغاز في شمال شرق سوريا الذي يتم وضعه بتصرف جماعة «قسد» الموالية لأميركا والذي يتم بيعه عبر تركيا!
لا شك ان حزب الله يعي ما يفعله، وهو قَلَبَ عملياً الضغط الاميركي على جمهوره إلى عامل إستقطاب شعبي وسياسي في المواجهة، بينما لا تعي الادارة الاميركية - او ربما تعي ولا تهتم - ان إجراءاتها بالتضييق على لبنان إنما تخنق كل الشعب اللبناني حتى المؤيد لها والمعارض لإيران وسياستها في لبنان. ولعل إعلانها ان ادارتها تفاوض البنك الدولي لتمويل عملية نقل الكهرباء والغاز كشف قدرة الادارة على تحريك المساعدات للبنان ساعة تريد وحيثما تريد ولأي هدف تريد. لكن يبقى المهم كيف ستنعكس هذه المواجهة وكيف سيستفيد الشعب اللبناني من النفط والكهرباء، من من دون ان يدفع ثمنها لاحقاً في امكنة اخرى وفي شؤون حياته اليومية وفي السياسة العامة، خاصة إذا تصاعدت المواجهة واحتدمت وتحولت من باردة الى ساخنة بتدخل اسرائيل عسكرياً فيها؟.