فاجأ رئيس التيار الوطني الحر الوسط السياسي لا سيما المسيحي في الكلام الذي اطلقه الاحد الماضي بمؤتمره الصحافي باستعانته بصديقه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في موضوع تشكيل الحكومة ودعاه لان يكون حكما ويأتمنه على حقوق المسيحيين، واللافت ما اعلنه باسيل بقوله للسيد نصر الله»اقبل بما تقبل به انت لنفسك»، ولكن كلام رئيس التيار الوطني الحر رأه البعض بأنه ربما احرج نصر الله نفسه خصوصا تجاه رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي هاجمه بقوة ناعيا مبادرته التي لا يزال يراها رئيس المجلس حية بسبب عدم وجود مبادرة اخرى، ولكن ورغم كل ما قاله باسيل فإنه يبدو ان هناك قرارا من قبل قيادتي حركة امل و»حزب الله» بعدم التعليق على كلام باسيل وذلك من اجل إبقاء الخطاب السياسي هادئا قدر المستطاع.
اما على صعيد الساحة المسيحية فقد لاقى كلام باسيل استغرابا واستهجانا من عدد كبير من المسؤولين المسيحيين، السياسي المخضرم الدكتور توفيق الهندي اعتبر «للواء» ان ما قاله النائب باسيل يؤكد دعمه الكامل للامين العام «لحزب الله»، ويرى ان هناك استحالة لفك علاقة باسيل والتيار الوطني الحر ومعهما رئيس الجمهورية ميشال عون مع «حزب الله «، وبأن لا مصلحة لهما بالتخلي عن بعضهما، خصوصا ان باسيل يطمح بالوصول الى رئاسة الجمهورية وهو حتى الساعة المرشح الفعلي للحزب.
ويشدد الدكتور هندي على ان لوضع اللبناني مرتبط بشكل مباشر بالوضع الاقليمي، ويلفت الى ان» حزب الله» ممسك بشكل كلي بوضوع تأليف الحكومة، ويعتبر الهندي انه لو اراد الحزب تشكيل الحكومة لشكلت فورا، من هنا فهو لا يبذل اي جهد لحل موضوع التشكيل بل دوره هو مراقبة الخلافات بين السياسيين، الذين يعلمون بدورهم ان «حزب الله» لا يريد ان تتشكل الحكومة لابقاء لبنان ورقة ضغط بيد ايران من اجل تحسين شروطها في عملية العودة الى الاتفاق النووي، من هنا فالمسؤولون الايرانيون يضغطون في كل الاتجاهات من اجل كسب المزيد في هذا الاتفاق ويعتبرون ان لبنان من ضمن الاوراق التي يتم الاستفادة منها.
وفي الوقت عينه، يعتبر الهندي ان فوز الرئيس الايراني الجديد ابراهيم رئيسي لن يغيير شيىء بالنسبة للوضع الداخلي اللبناني، لان القرار الاستراتيجي في الجمهورية الاسلامية يعود للمرشد علي خامنئي وليس لرئيس الجمهورية، ولكن اللافت ان رئيسي مقرب جدا من المرشد الايراني وهناك كلام انه قد يخلفه في المستقبل، ويرى الهندي ان لدى خامنئي جدية بالوصول الى نتائج بالنسبة الى الاتفاق النووي، وهو يسعى لرفع العقوبات عن بلاده، عندها يكون عاد وارتاح لوضعه دوليا.
ويشير الهندي الى ان الرئيس المكلف سعد الحريري يستفيد من خلافه مع باسيل بإستعطاف الطائفة السنية التي تعتبره ضحية من ضحايا باسيل وعون ، كذلك يفعل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي يتحرك بإتجاه اقطاب طائفته ويلتف حولهم، ويرى الهندي ان كل هذه التحركات السياسية تعطي زخما اضافيا للقوى التقليدية الطائفية الممسكة بقرارات البلد.
ويعتبر الهندي ان «حزب الله» غير منزعج من هجوم باسيل على الرئيس بري على الرغم من انه حليفه وهو متمسك بهذا الحلف ولكنه متمسك ايضا بتحالفه مع عون وباسيل، والحزب يعلم انه الاقوى داخليا وان جميع السياسيين بحاجة له وهم تحت امرته ورهن اشارة منه .
وينتقد الدكتور الهندي رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي هو من اوصل مرشح «حزب الله» الى رئاسة الجمهورية ، وهو ايضا من شارك بشكل اساسي بوضع قانون الانتخابات الذي اعطى الاغلبية الى الحزب وهو من اطلق على القانون تسمية «قانون جورج عدوان « ويعتبر الهندي ان تصرفات جعجع هذه تهدف لان يكون رئيسا لجمهورية غير موجوده.
وعن موضوع الانتخابات النيابية يعتبر الدكتور الهندي انه رغم ان السيد نصر الله يعلن انه مع اجراء الانتخابات بموعدها، فهو فعليا لا يريد ان تجري لانه في المجلس النيابي الحالي يملك الاغلبية مع التيار الوطني الحر، وهذه الاغلبية اذا استمرت كما هي ستأتي برئيس الجمهورية المقبل، من هنا فإنه لا يمكنه المخاطرة بإجراء الانتخابات واضعاف باسيل التي قد لا يحصل تياره على عدد النواب التابعين له حاليا، ويصبح عندها لديه صعوبة بوصوله الى سدة الرئاسة رغم ان القانون الحالي لن يغير الكثير في التركيبة السياسية كما يتوقع الهندي.
وحول ما قاله باسيل عن الانتخابات النيابية يرى الهندي ان كلامه عن الانتخابات هو من اجل اضاعة البوصلة مع العلم ان «حزب الله» سيتحدث دوما عن ان الانتخابات اتية .
واعتبر الهندي انه في الوقت الراهن ليس هناك حل داخلي في لبنان في ظل وجود هذه الطبقة السياسية القاتلة الحليفة لـ»حزب الله» المهيمن على مفاصل الدولة بسلاحه مما يؤكد ان لا وجود لدولة تحت الاحتلال الايراني، ويشير الى ان ليس علينا سوى انتظار حل دولي ينهي الحالة المأساوية التي نعيشها. وعن امكانية الوصول الى حل دولي يختم الهندي بالقول سيأتي الحل عندما ترى الدول الكبرى ان مصالحها ستتضرر خصوصا ان لبنان ليس سوريا فهو يحتوي على اكبر قدر من القدرة على خربطة الاوضاع في المنطقة .