بعث المغتربون اللبنانيون، من خلال نسبة المشاركة المشجعة في الانتخابات النيابية، برسالة قوية إلى المقيمين من أجل السير بعملية التغيير المرتجاة، في الاستحقاق المنتظر، الأحد المقبل . وقد برز بوضوح من خلال مجريات انتخابات المغتربين، أن توقهم كبير من أجل حصول هذا التغيير، للتخلص من الطبقة السياسية الفاسدة التي أوصلت البلد إلى ما وصل إليه . وهذه الرسالة ستشكل بالتأكيد حافزاً لكل المترددين حتى الآن، من أجل الدفع وبقوة للمشاركة في الاستحقاق النيابي في 15 الجاري، ليقول الشعب كلمته في مواجهة سياسة الإفساد والإفقار التي يتحمل مسؤوليتها أركان المنظومة بكافة انتماءاتهم .
وتشير أوساط سياسية لـ«اللواء»، إلى أن اندفاعة المغتربين التي كان يمكن لها أن تكون أكثر قوة وفاعلية، وتسجل نسبة أكبر في عملية الاقتراع، لو كان التحضيرات اللوجستية أفضل من تلك التي اعتمدت في هذه الانتخابات، سترفع من حرارة المواجهة الديمقراطية المرتقبة في الأحد الكبير، في ظل أوضاع سياسية بالغة التعقيد والدقة يعيشها البلد، حيث الاحتقان والتعبئة الشعبية والطائفية في أوجهما. وبالتالي فإن الأنظار ستكون مشدودة إلى هذا اليوم المفصلي من تاريخ لبنان»، مشددة على أن «نتائج الاستحقاق النيابي، سترخي بتداعياتها على المشهد الداخلي للسنوات المقبلة . فإما أن يؤكد اللبنانيون مرة جديد، تمسكهم بالخيار العربي الذي لا يمكن أن يحيدوا عنه، وإما أن تتكرس الهيمنة الإيرانية في حال حصول «حزب الله» وحلفائه على الأكثرية النيابية، وهو أمر تحاول القوى المعارضة والتغييرية منعه، بدعوة الناخبين إلى عدم الاقتراع للوائح التي تدور في الفلك الإيراني» .
وتشدد الأوساط، على أن «أهمية هذه الانتخابات، تكمن في أن نتائجها ستحدد مسار التعامل العربي والدولي مع لبنان المنهك والغارق في مشكلاته، وما أكثرها على مختلف الأصعدة . وإذا كانت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ستتحول إلى تصريف الأعمال، فور الإعلان عن نتائج الانتخابات، فإنه يخشى أن ترحل المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد الدولي إلى العهد الجديد، مع ما يكتنف الانتخابات الرئاسية المقبلة من غموض، في ظل الانقسامات السياسية الداخلية، وفي حمأة الاشتباك الإقليمي الذي سيرخي بتعقيداته على هذه الانتخابات، في ظل محاولات إيرانية لم تعد خافية على أحد، للإمساك أكثر فأكثر بالورقة اللبنانية، مع انحسار التفاؤل بقرب التوصل إلى اتفاق بشأن النووي الإيراني» .
وفي السياق، تخشى مصادر اقتصادية من خطورة ما يمكن أن يترتب على لبنان من تداعيات، إذا كانت الغلبة في الانتخابات النيابية للمحور الإيراني السوري الذي سيحاول جاهداً انتخاب رئيس للجمهورية من فريقه، وهذا لن يكون في مصلحة لبنان، على غرار العهد الحالي الذي ناصب الدول الخليجية العداء ، ما أدخل لبنان في جهنم فعلاً. ولذلك فليس من الحكمة بشيء، انتخاب رئيس جديد للجمهورية من صفوف هذا المحور، وإنما ينبغي أن يكون العهد الجديد، على وفاق تام مع الأشقاء والأصدقاء، ليستطيع البلد تجاوز محنته، وسلوك طريق التعافي والنهوض، مشددة على أن هناك خطوات تنفيذية وعملية إيجابية على المعنيين القيام بها من إجراءات أمنية لضبط المعابر الشرعية البحرية والجوية والبرية، وتأكيد بسط سيطرتها عليها، توازياً مع ضرورة تأمين الاستقرار السياسي والأمني، وهذا الأمر مرتبط ايضاً بما يمكن ان تسفر عنه الانتخابات النيابية وألا يكون لبنان مقرّا لتنظيم مؤتمرات لقوى معارضة للنظام السعودي والخليجي. وعلى لبنان وحكومته التأكيد على الالتزام بكل ما يطمئن الأشقاء والأصدقاء .
وتؤكد المصادر، أن دول الخليج والمجتمع الدولي بحالة ترقّب لما ستسفر عنه نتائج الانتخابات النيابية المقبلة التي ستحدّد دور لبنان وهويّته في المنطقة، ليبنى على الشيء مقتضاه في تعاملها وعلاقاتها مع لبنان، مع الأخذ بعين الاعتبار، أن انتخاب برلمان إيراني الهوى، سيجعل لبنان عرضة لمزيد من العزلة والعقوبات. وسيصبح عندها حصوله على مساعدات تنقذه من أزماته، أمر بالغ الصعوبة على كافة المستويات .