كل المؤشرات تدل على أن الأزمة اللبنانية الخليجية، تسير نحو مزيد من التعقيد المفتوح على شتى احتمالات التصعيد، بعد فشل مهمة الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي في إحداث خرق في جدار الأزمة، حيث ثبت لديه بالدليل القاطع أن «حزب الله»، هو من يمسك بقرار استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، وليس رئيسا الجمهورية والحكومة . وقد برزت نذر التصعيد الخليجي، أمس، من خلال تشدد الكويت في منح التأشيرات للبنانيين، وسط مخاوف من أن يكون ذلك مقدمة لقرارات خليجية أوسع وأشمل، دون استبعاد أن تصل إلى حد منع إرسال التحويلات المالية إلى لبنان . وفي حال اتخذ مثل هذا القرار، فإنه سيكون بمثابة الضربة القاضية على رؤوس اللبنانيين .
وتوازياً، قفزت إلى الواجهة حملة رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط المتجددة على «حزب الله»، في حمأة الاشتباك السياسي والقضائي القائم في الداخل، المتزامن مع تفجر الأزمة بين لبنان والدول الخليجية الأربع، على خلفية المواقف التي أطلقها وزير الإعلام جورج قرداحي، في وقت ينتظر أن يتفاعل كلام جنبلاط على الساحة الداخلية، ويضيف مادة جديدة للصراع السياسي القائم بين القوى الداخلية .
وتشدد أوساط «اشتراكية»، على أن موقف جنبلاط، هو «بمثابة إعلاء الصوت، رفضاً لنقل لبنان من محور إلى محور، أو لإقحامه في صراع المحاور، وهو لا يستطيع أن يتحمل ذلك في ظل وطأة الأزمة الاقتصادية المعيشية التي من غير المسموح للحكومة أن تعالجها بسبب منعها من الاجتماع»،مشيرة إلى «أننا لا نستطيع الانسلاخ عن محيطنا العربي والتخلي عن هوية لبنان العربية، أما على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، لا بد من أن تجتمع الحكومة وتبدأ مفاوضاتها مع صندوق النقد، وتتخذ الإجراءات الكفيلة بمعالجة الوضع المتأزم» .
«حزب الله» يعمل على ضرب المؤسسات لتحقيق أهدافه
وتلفت، إلى أنه «من الواضح أن حجم الانقسام السياسي في البلد كبير جداً، كذلك يبدو واضحاً أن القبض على القرار الوطني اللبناني الحر، يأخذه في اتجاهات لا تعكس رغبة الأكثرية الجامحة من اللبنانيين، خصوصاً في موضوع علاقات لبنان العربية، ولا يستطيع لبنان، ليس من الناحية الاقتصادية ، وإنما أيضاً من الناحية السياسية، أن ينسلخ عن هويته العربية، بعدما حسم اتفاق الطائف هوية لبنان العربية بعد عقود من الصراع، ولا يمكن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء» .
ويأتي الإجراء الكويتي، غداة كشف السلطات الأمنية عن خلية تؤمن الدعم المالي لـ«حزب الله»، وهي الثانية بعد خلية العبدلي، ما يضع الكثير من علامات الاستفهام، حول أهداف الحزب من وراء ذلك، وما له من انعكاسات بالغة السلبية على علاقات البلدين، وعلى الجالية اللبنانية في الكويت، في وقت أكدت مصادر معارضة لـ«اللواء»، أن «ما تم كشفه في الكويت، يأتي في السياق الطبيعي لحزب الله، فهذه هي مهمته، ويخطئ من يظن أن الحزب قد يتحول إلى جمعية خيرية. فعمله يقتصر على الأمن والعسكر، أكان في الكويت، أو سوريا أو العراق أو اليمن، أو في أي مكان في العالم، وبالتأكيد في لبنان، وليس لديه طريقة أخرى ليعبر من خلالها عن نفسه»، مشددة، على أن «اكتشاف هذه الخلية، سيزيد من التعقيدات اللبنانية الخليجية»، ومتوقعة، «تدهوراً أكبر في المستقبل على صعيد العلاقات بين لبنان والدول الخليجية» .
وترى المصادر، أن «كل ما يحصل على صعيد العلاقات اللبنانية الخليجية، ناتج عن كل هذه الأمور، وبدلاً من أن يكون لبنان دولة لها سيادة ودستور وقوانين، وتفرض إرادتها، انطلاقاً من شرعيتها على جميع اللبنانيين، وتمنع أن تكون حدودها سائبة، وتمنع أن تتحول منصة لاستهداف الدول الأخرى. ولهذا فإن الخليجيين لا يمكن أن يكونوا إلى جانب الدولة اللبنانية، وهذه الدولة مخطوفة من قبل حزب الله الذي يستخدمها لأغراضه، ولأغراض المحور الذي ينتمي إليه . ولذلك على الدولة اللبنانية أن تستعيد مقوماتها وحضورها وتفرض سيادتها. وبالتالي، كيف يمكن أن تثق بنا الدول، فيما حدودنا مفتوحة لتهريب المخدرات، ولتصدير الخلايا الأمنية إلى الدول الخليجية وغيرها من الدول؟» .
وتؤكد، أن «حزب الله يعمل على ضرب المؤسسات اللبنانية، لتحقيق أهدافه، وهذا أمر غير مقبول بشتى الوسائل، ولا يمكن للحزب أن يظل ممسكاً بالأمور على هذا النحو، وهذا ما يفرض على الدولة اللبنانية أن تواجه محاولات اللادولة، وتعمل على التصدي لكل من يحاول تقويض عمل المؤسسات، من أجل ترتيب علاقاتنا مع العالم العربي» ، مبدية خشية كبيرة من «استمرار الحزب في الإساءة للدول الخليجية، نظراً لمخاطرها الفادحة على لبنان وعلاقاته العربية والدولية، وما يمكن أن تتركه من تداعيات على صعيد الجالية اللبنانية في دول مجلس التعاون» .