بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 تموز 2018 12:40ص حاجة الجميع لقيام الحكومة الجديدة واستمرار العرقلة يضرّان الجميع من دون إستثناء

دوافع الحريري لتعميم أجواء التفاؤل بقرب ولادة الحكومة رغم الصعوبات وتباعد المواقف

حجم الخط

لا يترك الرئيس الحريري مناسبة، إلا ويكرر فيها أن مهمة تشكيل الحكومة هي من صلاحيات رئيس الحكومة المكلف بالتعاون مع رئيس الجمهورية

يحاول الرئيس المكلف سعد الحريري تعميم أجواء تفاؤلية بخصوص عملية تشكيل الحكومة الجديدة، متجاوزاً المواقف التصعيدية التي تنتهجها بعض القوى والأطراف وساعياً قدر الإمكان إلى تنفيس أجواء الاحتقان السياسي السائدة على خلفية التشكيل وإعطاء الأمل بإمكانية إنجاز تأليف الحكومة المرتقبة في أقرب وقت ممكن، بالرغم من كل ما يشاع عن صوبات وعقبات لا يُمكن تجاوزها وسلة شروط تعجيزية ومطالب يطرحها البعض ولا تتلاءم مع ما روج عن تسهيلات لتسريع عملية التشكيل، لا سيما ما يتعلق بالحصص والحقائب الوزارية ونسب التمثيل لهذه القوى أو تلك.
إلامَ يستند الرئيس الحريري في توقعاته الإيجابية هذه؟
يواصل الرئيس الحريري مهمته بتشكيل الحكومة العتيدة بهدوء وروية انطلاقاً من صلاحياته الدستورية، يعمل على تبريد المواقف الساخنة لاعتقاده انها لا تساعد على تسريع عملية التأليف ولا يلتفت إلى ما يروّج من بدع واستنتاجات تتعارض مع النصوص الدستورية لأن هدفه بالنهاية هو تشكيل حكومة وفاق وطني تتسلم مسؤولياتها بإدارة السلطة، وليس التلهي بمشاكسات وتجاذبات سياسية جانبية تعيق مسار التشكيل ولا تؤدي إلا إلى إدخال البلد في متاهات الفراغ والفوضى وتعطيل مصالح النّاس.
وانطلاقاً من هذه السياسة، لا يترك الرئيس الحريري مناسبة، إلا ويكرر فيها أن مهمة تشكيل الحكومة هي من صلاحيات رئيس الحكومة المكلف بالتعاون مع رئيس الجمهورية، استناداً إلى النص الدستوري الواضح في هذا الخصوص، وكل ما يطرح أو يروّج خلاف ذلك لن يسير فيه أو يتغاضى عنه، مهما كانت الدوافع والذرائع المختلفة للترويج له.
وكما أن الرئيس الحريري يرفض أي تعدٍ أو تجاوز لصلاحياته الدستورية من أي كان، كذلك يرفض التعدّي على صلاحيات الرئاسة الأولى والثانية وأي مؤسسة دستورية كانت.
وتستند توقعات الرئيس الحريري الإيجابية بقرب عملية التشكيل انطلاقاً من نقطة مهمة وأساسية، وهي حاجة جميع الأطراف كلهم لوجود حكومة جديدة بمن فيهم الأطراف الذين يحاولون تحديد أحجام منافسيهم السياسيين أو التحكم بكيفية توزيع الحقائب خلافاً للدستور والأصول كما يفعل مثلاً «التيار الوطني الحر» باعتبار ان استمرار العرقلة والتعطيل على هذا النحو الجاري، تارة تحت شعار نتائج الانتخابات وتارة أخرى تحت عنوان أحجام الكتل النيابية بمن فيها المنتفخة اصطناعياً، لن يعود بالضرر على طرف واحد بمفرده أو على منافس أو خصوم أطراف معينين، بل سينعكس ويرتد الضرر على جميع الأطراف من دون استثناء والبلد كلّه ويكون عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من أكثر المتضررين جرّاء ذلك.
وانطلاقاً من هذا الواقع، يحرص الرئيس الحريري على ان تكون الحكومة التي يزمع تأليفها، حكومة توافق وطني تضم ممثلين عن أكثرية الأطراف والقوى الأساسية والفاعلة ومنسجمة بين مكوناتها ومتوازنة سياسياً ولا تشكّل خللاً في التركيبة السياسية القائمة أو أرجحية لهذا الطرف أو ذاك على حساب الآخرين، لأنه من الشروط الأساسية لتأمين انطلاقة سلسة وفاعلة لأي حكومة كانت وجود حدٍ مقبول من الانسجام والتوافق السياسي بين مكوناتها لتتمكن من اتخاذ القرارات المهمة ومعالجة الملفات الصعبة والمعقدة التي تنتظرها، في حين انه يستحيل قيام حكومة غير منسجمة أو يتنافر اعضاؤها بين بعضهم باستمرار على كل قضية أو ملف يطرح، لأن مصيرها الفشل المحتوم بالنهاية.
ومع أن البعض يربط تصاعد حدة الخلافات القائمة والتي تعوق عملية التشكيل ولا سيما ما يتعلق بتوزيع الحقائب المسيحية في إطار التنافس المستقبلي على الزعامة ومن يكون في الموقع الأفضل، وما يحصل حالياً هو في إطار السعي لتحسين مواقع هذا الطرف أو ذاك، الا انه في النهاية لن يستمر هذا التنافس والخلاف الحاصل إلى ما لا نهاية، لأن الجميع سيجد نفسه مضطراً في النهاية للقبول بالحلول الوسط المطروحة وللإنضواء تحت مظلة حكومة التوافق المرتقبة، في حين ان التشبث بالمواقف التصعيدية إلى ما لا نهاية، وبمعزل عن المطالب المقبولة، سيجر البلد إلى متاهات صعبة ومعقدة قد تكون فوق طاقة أي طرف كان مهما كان قوياً وفاعلاً، وهذا مستبعد في ظل الظروف المحلية والإقليمية والدولية ا لسائدة.