تُشكل دائرة بيروت الأولى باكورة المعارك بالنسبة الى الحراكيين استنادا الى نتائج الدورة الماضية للانتخابات كما الى واقع اصطفاف المجموعات في اطار تحالف قوى 17 تشرين في وجه قوى السلطة من موالين ومعارضين.
للتذكير، تضم هذه الدائرة مناطق الأشرفية والمدور والصيفي والرميل، ذات الغالبية المسيحية مع وجود أقلية سنية كبيرة وأخرى شيعية أقل وزنا. من هنا رمزيتها المسيحية لا سيما الأرمنية والأخيرة تظفر بنصف المقاعد الثمانية للدائرة التي تتوزع على ثلاثة مقاعد للأرمن الأرثوذكس، مقعد للأرمن الكاثوليك، مقعد أرثوذكسي، مقعد ماروني، مقعد كاثوليكي ومقعد للأقليات.
وتتجه الانظار الى هذه الدائرة لقياس شعبية 17 تشرين كما لميزان مدى تراجع احزاب السلطة الذي بات أمرا مسلما به حسب الحراكيين والكثير من المراقبين.
ولعل النائبة المستقيلة بولا يعقوبيان تعتبر الوجه الأبرز على صعيد الحراك هنا والتي تتصدره لناحية قبول شرائح 17 تشرين لها، وهي تنشط على الارض كما مع المغتربين في الخارج. وتتحالف ممثلة لـ«تحالف وطني» مع مجموعات مدنية تقليدية مثل «بيروت مدينتي» وآخرين ضمن عباء «نداء 13 نيسان» الذي أُطلق من مقر «الكتلة الوطنية» ويضم مجموعات وشخصيات حراكية («اللواء» 20 نيسان 2021).
حسب الحراكيين، فإن ثمة ثقة لفوز يعقوبيان من جديد بمقعد عن الأرمن الأرثوذكس والذي كانت ظفرت به في العام 2018 وكانت حينها خاضت المعركة ضمن حزب «سبعة». وثمة تفاؤل حراكي بنيل هذا الحلف المدني مقعداً آخر للأقليات مستنداً الى احصاءات عديدة وجو عام على الارض.
أما لماذا لا تستطيع يعقوبيان ومن معها خوض معركة جديّة على مقعد أرمني آخر؟ فإن الإجابة تأتي لكون حزب
«الطاشناق»، وهو اللاعب الأرمني الرئيسي في الدائرة كما في لبنان، لديه قوة تاريخية كبيرة برغم تراجعه مثل غيره من احزاب السلطة، وهو يستطيع الظفر بمقعد دون الحاصل الثاني غير المؤكد، حسب حراكيين. ولذلك سيجهد الى هذا المقعد عبر تحالفه التقليدي مع «التيار الوطني الحر» الذي تراجع كثيرا والذي يستطيع نيل أحد الحواصل فقط.. حتى اللحظة «كما تُبيّن الاحصاءات».
وتتجه انظار المجموعات المدنية الى مقعد ثالث خارج المقاعد الارمنية، ومنها الأرثوذكسي الذي دونه صعوبات لا سيما ان «القوات اللبنانية» تضع ثقلها فيه وتريد ترشيح النائب الأسبق لرئاسة الحكومة غسان حاصباني، وهي تملك قوة انتخابية بنحو 4 آلاف صوت ستصب لصالحه.
ولذلك قد يكون المقعد الكاثوليكي هو المستهدف خاصة مع تراجع النائب نقولا الصحناوي اليوم وهو الذي حصل قبلها على 4800 صوت لعله فقد نحو 2000 صوتا منها حسب هؤلاء. كما ان الشخصية الكاثوليكية التقليدية وهي ميشال فرعون تعاني من تراجع هي الاخرى، ما يعني ان الحراكيين قد يفيدون من التناتش الذي سيحصل على هذا المقعد.
حتى هذه اللحظة، ثمة جو عام رافض لتحالف مع اي ركن من اركان السلطة حتى لو كان معارضا.
إستعادة «مؤقتة» لشعبية قواتية
نتحدث عن هذه الدائرة حيث حضور تاريخي لحزب «الكتائب» وطبعا «القوات اللبنانية» التي يتهمها الحراكيون كما «الكتائب» بعقد تحالفات من تحت الطاولة مع اركان سلطوية ما دلّت عليه انتخابات النقابات ولا سيما المحامين والصيادلة.
هنا يجب تسجيل استعادة القواتيين بعض شعبية مفتقدة خلال الاسابيع الاخيرة بعد ما حدث في منطقة تقاطع عين الرمانة والطيونة في 14 تشرين الاول، لكنها استعادة مؤقتة حسب الحراكيين، فالقواتيين الذين كسبوا نحو عشرة في المئة من شعبية بعد الأحداث وشدوا العصب، سيعودون الى التراجع مع الوقت، لا سيما مع حلفهم مع قوى في السلطة ومنها حركة «أمل» في السياسة والنقابات، ويردد احد الحراكيين متهكماً ان القواتيين كانوا مستعدين للتحالف مع اي كان في النقابات بما فيهم «الحزب السوري القومي الإجتماعي» في سبيل السلطة!
على ان بذلك تنجلي خارطة المعركة، حتى كتابة هذه الأسطر، على محاور أربعة: «نداء 13 نيسان»، «الكتائب» عبر خصوصية النائب نديم الجميل الذي يعقد تحالفا مع النائب جان تالوزيان، «الطاشناق» و«التيار الوطني الحر»، و«القوات اللبنانية» وميشال فرعون.
طبعا ستتمخض الأيام عن لوائح أخرى وشخصيات لم تعلن نيتها العلنية لخوض هذا الاستحقاق. وبالنسبة الى الحراك، فإن الخلافات التي تظهر سيكون ممكنا تجاوزها خاصة بين عباءتي «كلنا إرادة» و»نحو الوطن» اللتين تريدان دعم لائحة الترشيحات المدنية.
وتشير المجموعات الى ان شعار «كلن يعني كلن» سيبقى مرفوعا لعكس نقمة الناس وعدم استثناء أي أحد من السلطة مما حصل من انهيار للبلاد. وهي سيقدم لائحة انتخابية لم تكتمل حتى الساعة، «ستضم وجوها محترمة وحاصلة على التعاطف ولن تضم اصحاب رؤوس اموال او من تلطخت ايديهم في السلطة».