بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 نيسان 2021 12:02ص حرب القرن بين التنين الصيني والعم سام

حجم الخط
مصطلح الحرب الباردة إنتهى إستعماله فعلياً عقب إنهيار الإتحاد السوفياتي في مطلع تسعينيات القرن الماضي، ليشهد العالم أحادية على مستوى القيادة في السياسة الدولية، إنقعد لوائها للقطب الوحيد وهي الولايات المتحدة الأميركية.

وفي الألفية الجديدة، بدأت تظهر الى الساحة الدولية تباشير حرب باردة جديدة بين العملاق التجاري القادم من شرق اسيا والمتمثل بالصين في مواجهة الدولة المسيطرة على القرار الدولي ومركز قرارها واشنطن العاصمة، هذا فضلاً عن عودة روسيا الى ممارسة دور محوري في السياسة الدولية، توضّح اكثر بعد تدخلها العسكري في الحرب السورية وسبقها في حسم صراع القرم مع أوكرانيا وحسم الأمور في جورجيا.

إن أبرز مظاهر الحرب الباردة بين الصين وأميركا تجلّى في مشروع طريق الحرير الجديد الذي أطلقه الرئيس الصيني، وهو ترجمة فعلية للسيطرة على طرق التجارة الدولية، فبدأت الصين في شقّ الطرق البرية مع باكستان وإقامة الجسور المعلّقة الضخمة، التي تمر عبر روسيا بإتجاه أوروبا تسهيلاً لتجارتها، كما تخطط الصين لتجديد بعض سكك الحديد أيضاً في إعادة لخط بغداد - برلين، كما قامت الصين ايضاً بتوسيع شبكة استثماراتها في القارتين الآسيوية والأفريقية، وكان لافتاً التركيز الصيني على المفاصل الأساسية القريبة من البحار والمضائق والمحيطات، في حركة تبرز الإهتمام الصيني بالسيطرة على المفاصل الأساسية المرتبطة بطرق التجارة البرية والبحرية، حتى أضحت الصين المستثمر الأول في القارة السمراء.

إمتد الإهتمام الصيني الى أوروبا، خاصة مع شراء الصين لحصص كبيرة في ميناء بيرايوس اليوناني، في خطوة بارزة بإتجاه إحدى دول الإتحاد الأوروبي، مما أثار خشية الأوروبيين من نوايا التنين الصيني الذي وصل الى دولهم مستغلاً أزمات بعض دول الإتحاد الأوروبي المالية.

وبالعودة الى الشرق الأوسط، برز الإهتمام الصيني بمرفأ حيفا، الأمر الذي أغضب الأميركيين، ناهيك عن الإستثمارات الصينية في الإمارات العربية المتحدة، وآخر الزحف الصيني نحو غرب القارة الصفراء، كان بتوقيع الإتفاقية مع إيران، التي وجدت فيها طوق النجاة للخروج من العقوبات الأميركية التي أرهقتها.

مع إستلام إدارة بايدن لمهامها الدستورية، ثبت أن مواجهة المد الصيني من أولويات الإدارة الجديدة في البيت الأبيض، خاصة أن الدولة الشيوعية في الظاهر تشكل أكبر منافس إقتصادي للولايات المتحدة، بل قد تكون قد تفوّقت عليها إقتصادياً، مما عجّل في بدء إدارة بايدن سياسة الإحتواء تجاه المدّ الصيني.

الحرب الباردة الجديدة القائمة بين الصين والولايات المتحدة قد تكون معقدة ومتشعبة، يختلط بها الشق التجاري والإقتصادي بالشق العسكري مؤخراً بعد التوقيع على الإتفاقية مع إيران، خاصة لجهة الشق العسكري التي تضمنته، وهذه العوامل تقود الى أن الصراع مقبل على آفاق جديدة، وتشخص الأبصار الى موقف روسيا من الصراع، وما هو موقفها من الصعود الصيني ومنافستها في ساحاتها وبين حلفائها، وهل سيقبل الروس الإلتحاق بالركب الصيني المتفوق عليهم إقتصادياً، في مواجهة الخصم الأميركي الطبيعي.

كما أن دول المنطقة أمام إمتحان تحديد أهدافها، مع فترة تشهد رسم خرائط جديدة قد تكون الأولى من نوعها منذ ما بعد تقاسم تركة الدولة العثمانية، وهنا تبرز مقولة التوجه شرقاً، وهي تعبير عن إلتحاق بمحور غير مكتملة صورته حتى الآن، مما يجعل الساحات الداخلية عرضة لمزيد من الخضات بانتظار تبلور الأمور أو سلوكها مزيد من التعقيدات.