بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 تشرين الأول 2018 12:03ص حرب لـ «اللواء»: البلد لا يُمكن ان يستمر «بالتناتش» و«التدفيش»

حصة رئيس الجمهورية غير دستورية ولم تكن قبل الدوحة

حجم الخط
عشية الذكرى الثانية لانتخاب الرئيس ميشال عون رئيسا للجمهورية وبعد مرور خمسة اشهر بالتمام والكمال على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل حكومة العهد الثانية والتي من المتوقع ان تكون حكومة وفاق وطني كما يريدها الرئيس الحريري, تبقى مراوحة التشكيل سيدة الموقف في ظل سيطرة هبات باردة واخرى ساخنة على المشهد السياسي اليومي في البلد, التي تحدث عنها بيان كتلة «المستقبل» أمس الأول.
واللافت في عملية المشاورات والاتصالات المستمرة منذ خمسة اشهر اصرار البعض على التمسك ببعض الحقائب ومطالبة رئيس الجمهورية بحصة وزارية في الحكومة، كذلك تدخل واضح من قبل رؤساء الاحزاب والكتل النيابية في الصلاحيات الدستورية للرئيس المكلف، وكل هذه الامور تصب في اطار الاعراف المخالفة للدستور، التي تحدث عنها بيان كتلة «المستقبل» أمس الأول.
وللاطلاع على دستورية التدخلات  السياسية في عملية التشكيل، كان لا بد من الوقوف على رأي دستوري قانوني حول هذه المخالفات الطارئة على اتفاق الطائف، فسألت «اللواء» احد ابرز الدستوريين الذين ساهموا بشكل اساسي بوضع اتفاق الطائف وأحد حراس الدستور اللبناني النائب والوزير السابق بطرس حرب الذي شارك في صياغة اتفاق الطائف، الذي اصبح المرجعية الأولى التي يستند إليه اللبنانيون كمرجع نهائي يستمدون منه وفاقهم الوطني وسلمهم الأهلي بعد الحرب الأهلية التي استمرت قرابة 15 عاما وتم التوصل اليه بوساطة من المملكة العربية السعودية في 30 ايلول 1989 وصدق عليه في جلسة مجلس النواب بتاريخ 5/11/1989.
يقول حرب: الحقيقة هي أن الدستور في مكان والبلد في مكان اخر، لان كل طرف يحاول تفسير الدستور بما يناسب توجهاته تحت شعار حماية حقوق الطوائف، ولكن في الواقع اذا استمر الوضع على ما هو عليه، واستمرينا عاجزين عن تشكيل حكومة وفقا لاحكام الدستور، فربما قد ينهار البلد ويدفع المواطن اللبناني ثمن الصراعات القائمة حول المكاسب الشخصية والحزبية والعائلية والفئوية على حساب الوطن ومصالحه.
وحول ما اذا كان هناك خوف على الدستور، يرى حرب أن المسألة ليست مسألة احكام دستورية قدر ما هي عقلية السياسيين الحاكمين والاطراف الذين يتنافسون على السلطة، ويعتبر ان الدستور فيه تعقيدات لأن النظام اللبناني قائم على المشاركة بين الطوائف في السلطة، لذلك هناك صعوبات، ولكن الحل مرتبط بنفسية واخلاقية الحاكمين وحكمتهم ووطنيتهم وقبولهم للاخرين وعلى عدم محاولة ابتزازهم لكي يحققوا مكاسب شخصية على حساب غيرهم في البلد، الذي لا يمكن له ان يعيش «بالتناتش» ولا «التدفيش»، ويشير الى انه يجب الاقرار بان لا بديل لنا عن بلدنا، والاقتناع بأنه لا يمكن ان نعيش بمفردنا.
ويحذر حرب من استمرار هذا الامر الذي في حال بقائه سينهار البلد سياسيا  واقتصاديا ودستوريا واجتماعيا، وحينها نصبح في وضع تصعب فيه معالجة المشاكل ويسقط النظام، وعندها لا ينفع الندم. ويلفت الى ضرورة ان نتعلم من التجربة  القاسية التي مررنا بها في العام 1975 بسبب عدم خبرتنا بالحياة السياسية  حينها، حيث كنا نرى ان البلد يسير باتجاه مواجهة بين ابنائه، ونشبت الحرب التي طالت جميع ابناء الوطن، ونحن اليوم نعيش نفس الظروف ونرى ان الامور تعاد من خلال اثارة النعرات الطائفية وهذا الامر لا يحل المشكلة.
ويدعو حرب لتطبيق صادق لاحكام الطائف قبل فوات الاوان، لأن ليس هناك صيغة بديلة عنه مشددا على ضرورة تقديم التضحيات من خلال وعي المسؤولين واتباع الدستور وانقاذ البلد والمحافظة عليه، والترفع عن المصالح الشخصية الضيقة.
وحول ما اذا كان هناك فريق يسعى لتعديل الطائف يقول حرب، الهدف من ما يجري هو من يريد السيطرة على البلد وزيادة نفوذه وصلاحياته من خلال «التناتش» على الحقائب الوزارية التي اصبحت للاسف ملكا للطوائف، وهذا اكبر خرق للدستور.
ويعتبر ان الكلام بأن رئيس الجمهورية يريد تقوية موقعه من خلال كتلة في مجلس الوزراء يفقد رئيس الجمهورية دوره الموجه لمجلس الوزراء، ويشدد على ضرورة ان يكون جميع الوزراء من حصة رئيس البلاد، فهو عندما يطالب بأن يكون لديه ثلاثة يعني ان اعضاء الحكومة ليسوا من فريقه وقد يكونون ضده، وهذا الامر يعطل الحياة السياسية والنظام ويُسقط صلاحيات.
ويقول حرب قبل اتفاق الدوحة  لم يكن هناك شيء اسمه حصة الرئيس، ولكن بسبب الظروف الاستثنائية حينها، كان للرئيس ميشال سليمان حصة في الحكومة، ولكن هذا الامر غير مدرج في الدستور، فصلاحية رئيس الجمهورية اقتراح الاسماء والاشخاص الذي يريدهم من اصحاب الكفاءة العالية ليكونوا اعضاءً في الحكومة، ولكن اليوم اختلف الموضوع  حيث اصبحنا نبحث عن من يخضع لاوامر الرئيس.
ويجزم حرب بأن تشكيل الحكومة حسب الدستور هي من صلاحية الرئيس المكلف حصرا بالتشاور مع رئيس الجمهورية وليس رؤساء الاحزاب والكتل هم من يشكلوا ويقرروا كما يجري حاليا، وهذا يعتبر اكبر خرق  لصلاحيات الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية. ويلفت النائب السابق حرب الى انه اذا خرجنا من تطبيق الدستور نتخبط ببعضنا البعض.
وحول موقع نائب رئيس الحكومة يقول حرب عادة كان تُكلف لهذا الموقع شخصية ذات خبرة سياسية كبيرة، فلا صلاحيات دستورية لنائب رئيس الحكومة، غير ترؤسه بعض اللجان التي باستطاعة اي وزير القيام بهذا العمل، من هنا فهو يعتبر اننا اصبحنا امام هرطقة دستورية كبيرة ترتكب حاليا وخرق لروحية الدستور وللعيش المشترك، لذلك لا يمكن الاستمرار بتلك المسيرة.