بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 تشرين الثاني 2020 12:00ص حسن عنتر «الصيداوي الأصيل» صاحب الاستشارة الراجحة

الراحل حسن عنتر الراحل حسن عنتر
حجم الخط
مَنْ يتعرّف إلى حسن علي عنتر «أبو علي»، يكتشف كم هي مآثره على مُستويات عدّة.

تنطلق من وجهه البشوشة، والابتسامة التي لا تُفارق ثغره، حتى لتزيل أي بوادر للغضب.

هو الصيداوي الطيّب، إبن البلد الأصيل، صاحب النخوة والشهامة، والصديق الصدوق، ونجدة الملهوف، وهو ما تربّى عليه في منزل والديه علي عنتر ونهاد الزعتري، مع إخوته: المرحوم عبد القادر، خالد، وليد، غالب، ياسر وحسام، وزهرتهم رحاب.

كان «أبو علي» صريحاً وواضحاً، يقول كلمته من باب النصح والرشد، ولا يخشى لومة لائم.

امتهن التجارة في قطاع الكهرباء، على مدى عقود عدّة، فأبدع وأدخل عليها كل جديد ومُتطوّر.

هذا ليس نقلاً عن أحد، بل هي حقيقة ناصعة عشتها ولمستها عن كثب، منذ أنْ انطلقت في مشوار حياتي العملية.

كان ذلك بعد إنهائي الدراسة والبحث عن عمل، حيث قصدتُ برفقة والدي، صديقه مصطفى الزين، صاحب المكتب المُتخصّص بالمحاسبة (شقيق قاضي صيدا الشرعي - آنذاك - الشيخ أحمد الزين ووالد المُحامي العام الاستئنافي في الجنوب القاضي ماهر الزين)، الذي أمّن لي العمل لدى حسن عنتر.

كانت البداية في 9 تموز/يوليو 1983، يوم التقيتُ «أبو علي» وباشرتُ العمل سريعاً كمُحاسبٍ وكاتب في «محلات عنتر التجارية»، التي يمتلكها والمُخصّصة للأدوات الكهربائية، الواقعة في شارع جزّين، وسط مدينة صيدا، التي كانت تقبع - آنذاك - تحت نير الاحتلال الإسرائيلي.

كان العمل مُريحاً، وأيضاً لقربه من مكان السكن في حيّ الست نفيسة، في فترة كان قد استفحل عملاء العدو الإسرائيلي بارتكاب اعتداءات ومجازر وخطف.

في العمل لم يبخل «أبو علي» بأي  شيء، أخذاً بيدي، مُعلّماً ومرشداً، كأحد إخوته، ومُوجّهاً بكيفية التعامل مع الزبائن، وقسم منهم من المُتعهّدين، أو «المعلّمين»، لكل منهم طريقته وأسلوبه، التي تحتاج لأنْ تتعامل مع عقليات وأطباع ونفوس مُتعدّدة، بحاجة إلى الاستيعاب مع الساعات الأولى للصباح.

ما زاد من جو الإلفة في العمل وجود شقيقه (المرحوم) الحاج عبد القادر، صاحب الوجه المُشع نوراً وابتسامة، ومع الجلسات الطويلة للوالد الحاج «أبو حسن»، الذي ألمَّ به عارض صحي، فأصبحت جلساته الطويلة بشكل يومي، على مدخل المحل الواقع بالقرب من ساحة النجمة، التي تضجُّ بالحياة والروّاد من المدينة وخارجها، فتستمع إلى حكايا عن صيدا وعائلاتها.

سنوات عدّة أمضيتُها في عملي، الذي كان يسمح لي «أبو علي» بمُغادرته للتغطية الصحفية الرياضية في «مجلة النجوم»، قبل الانتقال إلى جريدة «اللـواء»، وبقي التواصل معه وعائلته.

شهادة حق، إنّ «أبو علي» كان مدرسة بكل ما للكلمة من معنى، بأصالته، ورشده واستشاراته الراجحة، وحتى بصبره على آلام غسل الكلى، ثم إصابته بفيروس «كورونا»، الذي تعافى منه، قبل أنْ تطرأ مُضاعفات على الرئتين، ما أدّى إلى وفاته.

برحيله عن 73 عاماً، نفتقدُ أخاً عزيزاً ومُعلّماً وصديقاً وفيّاً.

آحرُّ التعازي برحيل «أبو علي» إلى عقيلته المُربية هدى دندشلي، وأولاده: علي، حسين، زينة ونهاد، وأشقائه: خالد، وليد، غالب، ياسر، وحسام وشقيقته رحاب، وكل مَنْ عرفه.