بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 أيلول 2020 12:00ص حفيدتي بلغت الـ 18... وأنا أعتذر

حجم الخط
بلغت حفيدتي آية الثامنة عشرة ربيعاً، وبهذه المناسبة أتقدم منها ببالغ الاعتذار والأسف، والأسى والندم، باسمي وباسم أجدادها لأننا جميعاً لم نستطع أن نخلق ونهيئ لها وطناً بقدر طموحاتها وأحلامها، وجُلّ ما أستطيع أن أقدمه لها حالياً هو الدعاء لها بالتوفيق في حال اختارت الهجرة والغربة!

لقد تخاذل اللبنانيون جيلاً بعد جيل وتمادوا في الخنوع، وأصبحوا عبيداً لحُكام أمعنوا فساداً وطغياناً وِجرِّوا البلد إلى قعر هاوية الجحيم السحيق.

تكبّل اللبنانيون بقيود وسلاسل العبودية من الطائفية والمذهبية والمناطقية والزبائنية، ووصلوا إلى قناعة أنه إذا كان زعيمهم وعائلته وزمرته وزبانيته بخير فهُم بخير! ونسوا أن واجبهم الأول والأخير أن يكون الوطن بخير وعائلاتهم بخير.

في إهـداء كتابي «وجع الناس» (الذي صدر عام 2004) الذي وجهته إلى أحفادي، كتبت «مع الأمل بأن يصبح ما في هذا الكرّاس مجرّد ذكريات من الماضي، ومجال طرفة وتندر»، فإذا بالحاضر أكثر مضاضة وقسوة ومرارة وعبثية وخطورة عما كان عليه في العام 2004، وإذا بالسُلطة الفاشلة الفاسدة المجرمة تتقاسم وتنهش بلداً أبناؤه مديونون بألوف الدولارات من قبل أن يولدوا!

المؤلم أنه، حتى برنامج توفير القسط الجامعي الذي سدّدتُه بالدولار على مدى سنوات عديدة، والذي يُفترض أن يؤمّن أقساط الدراسة الجامعية لحفيدتي، تحوّل إلى رهينة مُحتجزة لدى المصرف المُغتصِب!

كان لدينا كلبنانيين فترة 100 سنة لتأسيس دولة، لكننا أمضيناها في النزاع وانحدرنا خلالها من لبنان الكبير إلى مزرعة الصغار والفاسدين!

ولقد تقاعسنا جميعاً عن تحقيق أحلامنا واحلام أبنائنا وأحفادنا... وأنا شديد الأسف يا آية، وخجل منك، وحزين ومُنكسر إلى أقصى الحدود. 

آمل أن تتفادي يا عزيزتي وأبناء جيلك تكرار أخطائنا القاتلة، وأن تكونوا أكثر نضجاً ووعياً واستعداداً وصلابة، وأن تكونوا يداً واحدة ولا تساوموا إطلاقاً على مستقبلكم، وتحاذروا الوقوع في الفخ المُميت الذي أوقعنا أنفسنا فيه!