بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 تشرين الثاني 2018 12:01ص حكومة الأرباع الثلاثة لا تحمل صواعق ذاتية التفجير ومتحرّرة من أثقال الشعبوية

عون يُشهر إختلافاً تكتياً مع «حزب الله» .. وجواهر تاج الربع الأول أربع

حجم الخط

التكتكة التي تحدث عنها عون تنزع صفة التدخل التعطيلي الخارجي وتفصله عن مطلب توزير سني من المستقلين، لكنها مؤشر الى ضرورة الانتهاء من التأليف

انقضى الربع الأول من ولاية الرئيس ميشال عون. لم يكن التقدّم بقدر المأمول رئاسيا نتيجة ظروف عدة، في مقدمها استعصاء الطبقة السياسية التقليدية على أي تغيير في النمطية الكلاسيكية التي بنت عليها أبراجاً من سلطة وغنائم، الى جانب العامل الخارجي الحاضر دائما على شاكلة تدخلات في أشكال الحكم اللبناني وأصنافه. وليس آخر هذه المظاهر التدخل الأميركي المباشر في المشاورات الحكومية قبل أسبوعين تماما، يوم قطعت السفيرة في بيروت زيارتها الى الإمارات (بالتناغم مع لقاءات سرية لوزير حزبي مسيحي في دبي) بغية الاجتماع بأحد المراجع لتذكيره بضرورة الأخذ في الاعتبار الموقف القواتي من التشكيلة. حينها، تعثّر المسعى الحكومي بعدما كان رئيس الحكومة المكلّف قد حسم التأليف (الجمعة 19 تشرين الأول) رافضا أي مماطلة، من الأقربين قبل غيرهم. وذهب الى حد إبلاغ أحد زواره عصر ذلك اليوم أن الحكومة ستتألف بمن حضَر وقبِل!
ولئن كانت زيارة الرئيس سعد الحريري للسعودية قد أعادت تصويب المسار وحلّت عقدة القوات اللبنانية، فإن كل ذلك يدحض ما بُنيت عليه الأشهر الخمسة الفائتة من نفي للتدخل الخارجي بنوعيه الغربي - العربي والمقاومتيّ. 
على رغم هذا الاستعصاء وكره الطبقة التقليدية أي نوع من أنواع التغيير ولفظها كل داع إليه أو مبشّر فيه، الى جانب تأصّل المؤسسة الحاكمة العابرة لكل اعتبار ما عدا اعتبارات المصلحة الخاصة وتُعرف أميركيا بالـ Establishment، لا يخفى أن مجموعة كبيرة من الإيجابيات تحققت في الربع الرئاسي الأول، في الأمن ومكافحة الإرهاب والتعيينات والتشكيلات، وصولا الى جواهر التاج: قانونا الانتخاب والموازنة والتلزيمات النفطية، جنبا الى جنب مع إعادة لبنان الى الخريطة الدولية من خلال الدينامية غير المسبوقة التي إتبعتها الديبلوماسية اللبنانية في ملاحقة المصلحة العامة.
لكن من يعرف ميشال عون يدرك تماما أن الرجل لا يكتفي بالمعقول من الإيجابيات، خصوصا متى لم ترقَ هذه الإيجابيات (المتحدّية لكل الظروف الداخلية والخارجية) الى خريطة الطريق التي وضعها لحكمه قبل عامين. لذلك تمسّك بقناعة لا تزيح بأن الانتخابات النيابية ستفرز ما قد يسهم في تصحيح الخلل في أداء عدد من القوى التي إما كانت تبحث عن مكسب يعينها في معركتها التمثيلية (ولاحقا في وراثة الحالة!)، وإما كانت تمارس الاستعصاء الذي توّعدت به منذ يوم الاول للعهد. 
هذا الإسهام المأمول رئاسيا يُفترض أن يثمر أولا في الحكومة الثانية، أو حكومة الأرباع الثلاثة الباقية للعهد. لذا لم يكن عون ليتهاون لحظة في مسلّمة إنتاج حكومة قادرة على الحكم، ولا تحمل صواعق ذاتية التفجير، والأهم أن تتحرّر من أثقال الشعبوية التي شابت اداء الحكومة الأولى، وعطّلت معالجات كثيرة ملحة بدءا بالكهرباء ومليارَيْها الضائعين كل عام بفعل عرقلة تنفيذ خطة العام 2010، عبر تعطيل توفير الطاقة البديلة الموقتة (البواخر التركية) في انتظار الفراغ من تعمير المعامل.  
من هنا لم يعل صوت الرئيس طلبا للحكومة ودعما لموقف رئيسها وخصوصا في مسألة توزير ممثل عما سُمّي سنة مستقلين، إلا حين تحقق له زوال غالبية الصواعق الذاتية، فكان أن دعا في إطلالته التلفزيونية مساء الخميس 31 تشرين الأول الى التحذير الرفضي لما سماه «التكتكة التي تضرب استراتيجيتنا الكبيرة»، مشهرا في الوقت عينه اختلافا تكتيا – موضعيا مع «حزب الله»، وليس على طريقة ما صوّره بعض إعلاميّي الممانعة.
«التكتكة» التي تحدث عنها رئيس الجمهورية تنزع صفة التدخل التعطيلي الخارجي (المقاومتي في هذه الحال) وتفصله عن مطلب توزير سنيّ عن المستقلين، لكنها في الوقت عينه مؤشر الى ان الرئيس يطلق نداء أخيرا للفراغ من التأليف. 
أما البهجة التي تلقّفت بها الموقفَ الرئاسيَّ حيال حزب الله، قوى سياسيةٌ طالما اتهمت رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر بالتبعية للحزب، فمسألة تفرض على هذه القوى إعادة تقويم مقاربتها حيال الرئيس والتيار على حد سواء!