بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 شباط 2020 12:08ص حكومة دياب تواجه تحديات موروثة من «المُعارِضين الجُدد» لا من صنع أعضائها

حجم الخط
استهلت حكومة مواجهة التحديات بيانها الوزاري بصورة صحيحة ودقيقة للواقع، وبها تستطيع ان تواجه منتقديها في جلسة الثقة النيابية اليوم، بغض النظر عن التفاصيل الاخرى المتعلقة بالمشاريع والخطط والتوجهات وسبل مواجهة الازمة والتحديات التي وضعتها امامها وشخّصتها في البيان الوزاري.

فقد استهلت الحكومة بيانها بجملة مفيدة تقول: «اننا في مرحلة استثنائية مصيرية وخطيرة للغاية ورثناها كحكومة، تماماً كما ورثها الشعب اللبناني بكل فئاته...». وهي جملة تعبّر برأي مصادر وزارية عن ان الحكومة ستواجه وستحاول معالجة تحديات ورثتها عن الحكومات السابقة، وبالتالي عن السياسات السابقة بكل جوانبها: السياسية والاقتصادية والمالية والنقدية والمعيشية والاجتماعية والانمائية والادارية، وهي ازمات ليست من صنع ايادي الوزراء الجدد القادمين إلى جنة الحكم للمرة الاولى من خارج الطبقة السياسية. ما يعني ان تحميل الحكومة مسبقاً وزر هذه السياسات امر غير عادل ولا يقبله منطق، بخاصة ان كل اعضائها بمن فيهم رئيسها جدد «في الكار». فالوزير السابق للتربية حسان دياب، والوزير السابق دميانوس قطار، كانا مسؤولين عن وزارتيهما ويُحَاسَبان على ادائهما فيهما، لا على سياسة وإداء الحكومة التي كانا عضوين فيها، ولا على إداء وسياسات الحكومات التي سبقتها وتلتها.

يتسلح حسان دياب وحكومته ببرنامج، لا بحزب ولا تيار ولا دولة خارجية، وبناء عليه يُفترض ان تتم محاسبته على حسن أدائه وتنفيذه لبرنامجه بعد تنفيذه لا قبله. اما الكلام المسبق من الكتل النيابية التي اتخذت قرار المعارضة سلفاً لأنها خارج الحكومة، فهو تسجيل مواقف شعبوية وسياسية بحكم الخصومات القديمة والمستجدة، لا سيما بين «تيار المستقبل» و«التيار الوطني الحر»، علماً ان بعض رؤساء واركان هذه الكتل لطالما نادى بحكم الاكثرية ومعارضة الاقلية، وصادف ان هذه الحكومة هي حكومة اكثرية، ومن اختار عدم المشاركة فيها عن سابق تصميم وإصرار لدواعٍ سياسية وشعبوية، ولحسابات خاصة، لا يمكن ان يُطلق على نفسه لقب معارضة، بل ربما الافضل اختيار صفة الحياد، طالما انه هرب من درب معالجة الازمة وتحدياتها، والتي صنع هو معظمها خلال توليه مسؤوليات الحكم.

وتقول المصادر الوزارية البارزة، ان منطق الامور يقول ان لا تحمّلوا الحكومة الجديدة اوزاراً لم ترتكبها، بل هي تتحمل المسؤولية عندما تتسلم السلطة وتمارسها وعندما يبدأ عملها وتظهر نتائجه، فيجري تقييم هذا العمل وتتم محاسبة الحكومة على اساس النتائج لا الكيدية السياسية. 

وتضيف المصادر: ان الإتهام السياسي المسبق صار ثقافة سياسية في لبنان. اما المساءلة والمحاسبة المنطقية والعلمية فلا وجود لها غالباً، وكما انه لا يجوز الانتقاد والمحاسبة قبل تقييم الاداء وسير التنفيذ، فلا يجوز عدم طرح البدائل التي تراها المعارضة صحيحة وسليمة وبناءة والاكتفاء بتصويب السهام السياسية!

يبدو من خلاصة مواقف وزراء الحكومة الجديدة وطريقة عملهم وتفكيرهم، انهم لن يقفوا كثيراً عند المماحكة السياسية ولا النكد السياسي، بل الهمّ لديهم كيفية الخروج من الازمات التي ورثوها عن الحكومات السابقة، وعن الطبقة السياسية التي يشكو منها الشعب عموماً، وتشكو من إدائها مجموعات الحراك الشعبي - على قلّتها حالياً - وتطالب بتغييرها، وهو امر لا يتم إلاّ عبر الطرق الديموقراطية الدستورية، اي بالانتخابات، لا بالفوضى وإضافة ازمات جديدة على ازمات المواطنين. وطالما ان هذه الطبقة السياسية ذاتها هي التي تضع قوانين الانتخابات، فيجب محاربتها بسلاحها مهما كان قانون الانتخاب الجديد، الذي تعهدت الحكومة بوضعه اذا تسنى لها الظرف بعد معالجة الازمات المالية والاقتصادية والمعيشية بداية الطريق، وهي التي لها الاولوية في برنامج حكومة مواجهة هذه التحديات.

كما يبدو ان الحكومة تعوّل على تقييم الشارع لها اكثر مما تعوّل على تقييم القوى السياسية المنقسمة حولها بين مؤيد ومعارض، وكما ان الشارع منقسم بين مؤيد ومعارض ومحايد ومستكين بانتظار الفرج، فما على الحكومة سوى العمل بجهد وجدّ لتثبت نفسها وتستحق ثقة الناس قبل السياسيين.