بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 آب 2022 08:11ص حين اقترح المفوض الفرنسي غبريال بيو ملكاً أسوجياً بروتستانتياً على لبنان!

أثناء صياغة الدستور اللبناني عام 1926 البعض اقترح ملكاً من أسرة آل بوربون

حجم الخط
مع اقتراب بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للبنان التي لم يعد يفصلنا عنها إلّا تسعة أيام، تكثر الأسئلة والتحليلات والتوقعات حول اسم الرئيس العتيد ومن هذه الأسئلة:
الى متى يبقى اللبنانيون يجهلون اسم رئيسهم المحتمل أو المرشح الأوفر حظا حتى ربع الساعة الأخير؟ أو هل سيدخلون في حالة فراغ كما درجت العادة منذ نهاية عهد الرئيس أمين الجميل وتكررت مرتين بعده؟
الى متى يظل الرئيس المحتمل مرهونا الى التجاذبات الإقليمية والدولية، ورهين ما يطلق عليه «الوحي»؟
والى متى سيظل اللبنانيون يسمعون أن فلانا في سنة معينة نام رئيسا، فانتخب في اليوم التالي بديلا عنه؟.. وغيرها الكثير من الأسئلة..
وفي السيرة الرئاسية اللبنانية، ثمة من اقترح يوما بإقامة نظام أميري أو ملكي في لبنان.

في أواخر العام 1938 حلّ غبريال بيو مفوضا ساميا للانتداب الفرنسي على لبنان، خلفا للكونت دي مارتيل، فرأى ان النظام الذي كان قائما في لبنان ليس ملائما، ولهذا كثرت خلواته مع سياسيي لبنان آنئذ، وصار يقترح عليهم النظام الملكي في لبنان.
حجة المفوض بيو في ذاك الزمان، ان النظام الذي فرضته فرنسا على لبنان، يجعل البلد في حالة فوضى سياسية دائمة، ذلك لأنه اكتشف بسرعة النهم لدى الكثير من سياسيي لبنان للسلطة، وكان يذكر وهو يروّج لمشروعه، بنظام المتصرفية في جبل لبنان، وكيف وفّر هدوءا لمدة نحو سبعين عاما، ومشيرا الى أن نظام المتصرفية كان أقرب الى الملكية، وأن الباشا المتصرف لم يكن لبنانيا، ولهذا كان يقترح في لقاءاته مع السياسيين اللبنانيين آنئذ أن يعلن لبنان نفسه إمارة أو مملكة.
ويؤكد المفوض بيو الذي عاش في فرنسا في عزلة ريفية كتب خلالها مذكراته عن سوريا ولبنان تحت عنوان (سنتان في سوريا ولبنان)، بأنه فكر فعلاً في قلب الجمهورية في لبنان وسوريا، مشيراً إلى أنه كان بالاتفاق مع بعض الأوساط الفرنسية قرر إقامة نظام ملكي، أو على الأقل إمارة لا يعتلي عرشها في لبنان عربي ، ولا حتى باي من تونس.
كان بيو حسب مذكراته يفضّل أن يكون الملك أو الأمير على لبنان بروتستانتياً، وغير لبناني، أن يكون مثلاً أحد أمراء برنادوت الاسوجيين.
بيو وضع فعلاً مشروعاً بهذا الخصوص، نص بأن يتحالف الملك أو الأمير اللبناني المعني مع فرنسا تحالفاً دائماً أبدياً وسرمدياً، ويستعين بالاختصاصيين السياسيين والماليين والعسكريين والفرنسيين لإدارة الحكم.
ويشدد المفوض بيو أنه كان وظل يعتقد أن مثل هكذا نظام هو الطريق الوحيد للاستقرار في لبنان، ويضمن له المستقبل الباهر.
المفوض بيو لم يكن أول من فكر بجعل لبنان يقوم على أساس نظام ملكي أو جعله إمارة، فلبنان أيام كان صغيراً على بعض جبل لبنان كان إمارة زمن الأسرة المعنية التي انتهت عام 1769، وهو كان كذلك في زمن الأسرة الشهابية التي حلّت بدل المعنيين.
حين وضع الدستور
أما حين أعلن لبنان الكبير عام 1920، فقد كان هناك لبنانيون فكروا في الأمر، كان ذلك عام 1926، حينما شكّل المفوض السامي الفرنسي لجنة صياغة الدستور.
آنئذ، أرادت هذه اللجنة التي كان يرأسها موسى نمور وكان مقررها ميشال شيحا استطلاع رأي أكبر قدر ممكن من أصحاب الرأي والمهن اللبنانيين، فوُزعت مئات الاستمارات التي تضمنت عدة أسئلة، كان من ضمنها: ما هو شكل الحكومة.. ملكية أو جمهورية؟
العديد من الإجابات كانت مثيرة ومضحكة، ومن هذه الإجابات كان أن عدداً من أصحاب الرأي والفاعليات المسيحية اقترح أن يكون للبنان نظام ملكي يتبع أسرة آل بوربون، فيما الكثير من إجابات أصحاب الرأي والفاعليات من المسلمين اقترح نظاماً ملكياً يتبع أسرة الشريف حسين، بعدها رمت اللجنة بالردود وعكفت على صياغة الدستور، مستلهمة دستور الجمهورية الفرنسية الثالثة الصادر عام 1875.
لمن سيبيعون؟
في السيرة السياسية اللبنانية قد نجد الكثير من الأمثلة والوقائع عن سيرة البيع والشراء والزبائنية السياسية، وحسابات المصالح الشخصية الضيقة، ففي مذكرات الجنرال الفرنسي دانتز، الذي كان يشغل مركز الحاكم العسكري في لبنان أيام الحرب العالمية الثانية، يقول: «لقد كنت أمثل حكومة فيشي في لبنان وكنت على تواصل مع المخابرات الألمانية، لكنني في السر كنت أخدم تحت قيادة ديغول من أجل أن أحرر فرنسا من الاحتلال الألماني... ولكن ما كان يذهلني هو الطبقة السياسية في لبنان حيث كانوا يتوافدون إلى مكتبي لإعلان الوفاء والتأييد لحكومة فيشي وللألمان، وكانت تقاريرهم تصل إلى مكتبي ومجملها يركز على اتهام بعضهم بالعمالة لبريطانيا وديغول؟، وبالمقابل عندما كان يأتيني البريد السري من ديغول كنت افاجأ أن نفس الأشخاص يراسلون ديغول لإعلان الوفاء والولاء لفرنسا الحرة ولديغول، ويتهمون بعضهم بعضاً بالخيانة والتبعية لحكومة فيشي!».
أضاف دانتز: «لقد كانوا يستلمون المال من الجميع، ويبيعون كل شيء، وعندما نسألهم عن مطالبهم يكون جوابهم نريد لبنان سيداً حراً مستقلاً!».
وهنا اسأل نفسي: إذا رحلنا عنهم فلمن سيبيعون بضاعتهم لكي يقبضوا؟».