هذا النداء عمره حوالى 20 سنة، ولقد نُشر هذا المقال أول مرّة في صحيفة المستقبل بتاريخ 15/9/2003، ثم في صحيفة اللواء 19/2/2013، اللواء 24/6/2015، مجلة الدبور 26/6/2015، اللواء 21/8/2017، اللواء 30/1/2018 ... وها أنا أنشره مرّة أخرى، ولن تكون الأخيرة.
نحن البيارتة، فاض بنا الكيل، ونتمنّى على المسؤولين كافة أنْ ينقلوا العاصمة إلى المكان الذي يرغبونه ويرتأون، ربما ننتهي من الإشكالية الكامنة في نظرة بعض اللبنانيين إلى بيروت على أنّها للجميع لأنّها «العاصمة» (حين يرغبون في العمل والاستثمار والسكن والاستشفاء والدراسة والترشح للنيابة)، ثم بقدرة قادر تنقلب نظرتهم فتصبح بيروت «مُجرّد مدينة» (حين يُطالب البيارتة باستقلالية بلديتها، وحق إعادة إعمار ما تهدّم وتعويضهم عن الأضرار وإنهاء مُشكلة المهجّرين ومُعالجة النواقص وغيرها من الخدمات والأمور الحياتية ومشاكل البنى التحتية وتوفير الكهرباء والماء ومواقف السيارات وحلّ معضلة السير وحلّ مشكلة النفايات...).
بيروت للجميع ... لأنهم شركاء في الغِنْمْ فقط، بينما أبناء بيروت شركاء الغِرْمْ وحدهم!
بيروت للجميع ... وفيها يُمارسون احتفالاتهم، وينشرون راياتهم وشعاراتهم وصورهم ولافتاتهم ويذيعون أناشيدهم بطريقة استفزازية، ويُصَفّون حساباتهم السياسية وخلافات المُحاصصة في شوارعها وأزقّتها بالزعران والسلاح، دون أي مُراعاة لرأي وشعور أبناء العاصمة ومصالحهم.
وحين تأخذون العاصمة بعيداً عنّا أيها السادة (هنيئاً مريئاً لكم)، ونستعيد مدينتنا المخطوفة المنكوبة بيروت، يُمكن (أسوة بباقي المُدن والبلدات)أن يُنفّذ مجلس بلديتها (المُنتخب) قرارته فوراً دون وصاية محافظ العاصمة (الموظف)، وربّما حينئذ، تتوفر للبيارتة فُرصة للعمل في مدينتهم، وتُتاح لهم الحصريّة في وظائف بلديّة بيروت ومصلحة مياه بيروت، وأولويّة العمل في الشركات والمؤسسات والجمعيات الأهلية المُسجّلة في بيروت، دون أي مِنَّة من أحد!
حين تعود إلينا بيروتنا، سيتمكن البيارتة وأبناؤهم وأحفادهم من السكن في مدينة بيروت بعد أن أصبحوا مُهجّرين ونازحين عنها ... لأنه إذا استمر هذا المنوال المُمنهج الظالم، ففي القريب العاجليُصبح من بقي فيها غُرباء طارئين مُضطهدين، بل وغير مرغوب بهم!
حين تعود إلينا بيروتنا، سيترسخ أحقيّة وحصريّة تمثيل البيارتة لنبض بيروت، وفكر بيروت، وتاريخ بيروت، وتراث بيروت، ومواقف بيروت، ورأي بيروت ... أسوة بأصغر ضيعة وقرية ودسكرة في لبنان، من دون أي ادّعاء أو تطفل أو مُصادرة من الآخرين.