بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 شباط 2022 12:02ص خطر بيع الأراضي في بلاد جبيل خطيئة لا تغتفر يا نواب وروحيين

حجم الخط
الأرض هي عرض الإنسان وهي محط رزقه وسكنه وفيها يُمارس معتقداته وكل نشاطاته. والأرض هي رقعة جغرافية وموضوع في غاية الأهمية يتعلق بالكرامة الإنسانية وإحترامها ومنحها الحقوق التي تكفل لها الحماية والأمن والحياة المستقرة. إلاّ أنّ في لبنان الأرض مستباحة وهضمت حقوقها السيادية والمُلكية تحت حجج واهية وغير مبرّرة وغير مقبولة. وبات واضحاً أنّ المجتمع اللبناني وبكل أفراده بحاجة إلى توعية وتثقيف وزيادة المعارف بماهية كرامة الأرض والمحافظة عليها وأنها تأتي في قمّة القيم والمبادىء، لا بل هي التي تتفرّع منها باقي القيم الكريمة والمبادئ النبيلة لأنّ إحترام الإنسان للأرض يعني العدالة معهُ ويعني تقبّله وحمايتهُ لها سيّدة مستقلة لا تعلو سلطة على عذريتها وعنفوانها.

من حيث المبدأ إنّ المجتمع الذي يُعزِّزْ إحترام حرية الأرض وسيادتها والعناية بها ويرعى كرامتها التي هي فوق كل إعتبار هو مجتمع متطوّر ومتقدّم. وهو مثال يُحتذى به في موضوع الكرامة الإنسانية على أرض سيّدة مستقلّة ليس وفق المثل والقيم وحسب بل وفق القوانين السيادية التي سنتّها القوانين الدولية والمحلية وجعلتها جزءاً من منظومة الحياة الإجتماعية العالمية. من هنا نفهم هذا التناغم والإنسجام بين مختلف الإتنيات التي تعيش على الأرض اللبنانية وهذا التماهي والإنسجام والتعامل بهدوء وعفوية للأسف عكّرته سلطة جائرة فاسدة باعت ورهنت الأرض مقابل منظومة سياسية فاسدة حاقدة فاشلة. وكم كنّا نتمنّى منكم يا سادة ويا صاحب الغبطة ويا نائبي بلاد جبيل أن تتحقق السيادة الوطنية على أرضنا ضمن الإطار المتفق عليه عالمياً وهو الإحترام والعدالة والسيادة والتسامح والتعايش الكريم وكل هذه الصفات تؤدّي حتماً للإعلاء من سيادة أرضنا ومن كرامة شعبنا ورعايته وفقاً لما تنص عليه شرعة حقوق الإنسان.

الأرض يا سادة هي الملاذ الآمن التي تضم أبنائها وتصون كرامتهم وعزتهم وتمنعهم من التشرّد والحاجة، الأرض الوطن أكبر من مجرد المساكن والبيوت والشوارع وهما أولى الأماكن بالحب والحنين فيمها دُفِنَتْ أجساد أهالينها، فيهما ولِدَتْ القداسة فحماية الأرض واجب على جميع الأبناء الصالحين، روحيين وعلمانيين، وكل خطأ من الروحيين والعلمانيين فيما خص الأرض هو بمثابة الخطيئة الأصلية أي خطيئة الزنى، والمؤسف أنّ كلا المرجعيتين لم تُقدِّرا طهارة وعذرية وقداسة أرض لبنان وإرتضيا ويا للأسف السكوت والخنوع ولن يعتبرا أنّ الأرض هي أغلى من الروح والدماء والأبناء بل سكتا عن الباطل وبيع الأراضي واكتفيا بالتنظير وتبادل الإتهامات، وتناسيا أنّ الإنسان لا يستطيع العيش دون وطن وأرض تحفظ له كرامته وهيبته، حتى أنّ حب الوطن ممتد من الإيمان بالله والقديسين ولكن الروحيين والعلمانيين نكثوا بالوعد وتقبّلوا وتغاضوا عن بيع الأراضي للغرباء.

الأرض يا سادة أكبر من كل شيء فحمياتها واجب عليكم قبل الشعب، وأتذكّر ما قاله السيد وليد جنبلاط في إحدى إطلالته الإعلامية «إنّ وجودنا في خطر لأنّ أي مجموعة بشرية إذا ما فقدت أرضها فإنها تفقد وجودها. وعندما تبيع أي مجموعة أرضها تفقد وجودها تلقائياً وأقول للبعض الذي يبيع أرضه أيًّا يكن إنه عندما يبيع الأرض إنما يبيع كرامته ووجوده». نعم نتمسّك بأرضنا ونتعلق بها لأننا نريد أن نبقى معاً، مُسلمين ومسيحيين، إذا كنا مجتمعين تحت خيمة واحدة إلا يجب أن نبقى تحتها وأن لا تشُّد إلى طرف واحد أو إذا كنا نجلس معاً على بساط واحد هل يُعقل أن ينسحب البساط من تحت واحد فقط ليجلس الآخر عليه لوحده؟؟!!!

الأرض يا سادة كرامتنا وليس صحيحاً أن العلمانيين والروحيين غير قادرين على مواجهة قضية بيع الأراضي والأصح أنْ يُقال أنّ اللامبالاة والتقصير والصمت هي عنوان هؤلاء في هذه القضية الحيوية. ثمّة قرار يجب أن يتخذه هؤلاء على المستوى الوطني أو على مستوى مجموعات مناطقية بمواجهة هذا الأمر الذي يتهدّد التعايش المشترك ويمُّس جوهر وجود الكيان والدولة والمؤسسات وهذا يحتاج بداية إلى مرجعيات سياسية روحية وعلمانية واعية تأخذ المبادرة الشجاعة إلى طرح هذا الملف الشائك على طاولة البحث ومناقشته بشفافية مع الأطراف الأخرى بشفافية مع كل ما يتضمنه من هواجس وأخطار...

أود بداية أن أسأل نائبي بلاد جبيل وفعالياتها، رؤساء بلديات ومخاتير وكهنة ومطارنة وغيرهم الأعزّاء، عن موضوع إنجاز شق خط الطرق الذي يربط ما بين قضاء جبيل وقضاء بعلبك وبالعكس في خط إنتشار عامودي يقسم قضاء جبيل إلى منطقتين ويقسم جبل لبنان إلى منطقتين منفصلتين في مشهد غير مألوف... والنتيجة هي تبدّل الأحوال والأمور ليست على ما يُرام وهناك ما يصل إلينا بالتواتر من أخبار تسري عن تبدّل الأحوال في الجرد وهناك سماسرة عقارات يبحثون «ع الناعم وبخبث» عن عقارات لشرائها خصوصاً أنّ أخبار موضوع التغيير الديموغرافي بدأت طلائعها تتمدّد وتحتّل حيّزاً على الساحة ونذكّركم بما قام بها أحد الأحزاب التي يعتبرها نائباً «أنها حليفتنا» عن حفل زواج جماعي في منطقة ذات وجه شيعي وللبحث صلة. دونما المرور بقصة مساحات واسعة في خراج بلدة العاقورة وتمتد إلى قناة الري في بلدة اليمونة البقاعية عدا عن المشاعات التي تتعرض للتعدّي من الرعيان الآتين من البقاع والشمال مع قطعانهم.

هل يعلم نوّاب البرلمان وبمن فيهم نائبي قضاء جبيل أنّ حوالي 80% من أراضي أفقاء والجرود المحيطة بها هي أراضٍٍ تملكها البطريركية المارونية والأمر الذي لفتني وقد وثّقه أحد الباحثين بموجب «وثيقة ممهورة بتوقيع رسمي» أنّ المسؤول عن أراضي الوقف هو من آل زعيتر الكرام من أفقا... إنّ الوضعية الحالية لأراضي لاسا والجوار أدّت إلى سيطرة بعض الأشخاص الذين ينتمون إلى مرجعيات حزبية حالية على مساحات واسعة من أراضي بكركي إستناداً إلى شهادات العلم والخبر العقارية التي وقّعها المختار وإذا أضيفت إلى هذه العوامل لامبالاة النائبين العزيزين وبكركي ووقف مار عبدا الماروني فيمكن أن نتصور عبر وثيقة وصلتنا إلى فرنسا حجم العقارات التي جرى وضع اليد عليها... وعندما اطّلعنا على وثيقة كنسية وصلتنا وممهورة بتوقيع كنسي بان لنا أنّ الكنيسة المارونية اشترت منطقة لاسا بكاملها عام 1863 من الشيعة الذين إحتفظ بعضهم بعدد من العقارات. وتذكر وثائق أخرى أنّ الكنيسة قدّمت الأراضي إلى الفلاحين للإفادة من تلك الناحية من الأراضي الخصبة والينابيع الوفيرة وبُنيت كرسي مطرانية... الأمر المؤسف مرحلياً أنّ هناك تعديات مكّنت عدداً من أبناء لاسا وأفقا المدعومين من وضع اليد على قسم من الأراضي وتبلغ مساحتها على ذمّة أحد مكاتب المساحة الذين راجعناهم بالشخصي حوالي مليوني متر وهكذا انتقلت هذه الأمتار إلى هؤلاء من دون وجه حق...

غبطة البطرك، نوّاب قضاء جبيل، النوّاب المسيحيّون، وكل المعنيين، هل تدركون أنّ غير اللبنانيين في قضاء جبيل يملكون 0.12% من مساحته؟ وهل تعلمون أنّ قضاء جبيل من المناطق التي تشهد حركة تملّك عقارات من غير اللبنانيين ولكن بنسبة خفيفة مقارنة بأقضية أخرى ويرتكز هذا التملك بشكل أساسي في بلدات: حالات - البربارة - بلاط - نهر إبراهيم - قرطبون - العاقورة وغيرها. أيُّها السادة للأمانة وإن كنتم لا تعلمون مساحة قضاء جبيل فالمساحة تبلغ 395 مليون متر مربع وهو يُعتبر من الأقضية اللبنانية المتوسطة من حيث المساحة، ويصل مجموع ما تمّلكه غير اللبنانيين في هذا القضاء إلى نحو 486 ألف متر مربع ما يشكّل 0.12% من مجموع مساحة القضاء بما فيها الوديان والجبال والطرقات والأماكن المأهولة. ولا أكشف سراً إذا أطلعتكم على الوثائق الرسمية التي وصلتني والتي أظهرت أنّ المساحات التي تملّكها غير اللبنانيين في قضاء جبيل بموجب مراسيم حكومية كون ما يملكونه على المساحة المسموح بها ويظهر بالوثائق أنّ الإماراتيين يأتون في طليعة الذين حازوا ملكيات إذ وصلت المساحة إلى 66.926 مترا مربعا يليهم القطريون بمساحة 56.160 مترا مربعا ثم الأميركيون بمساحة 54.058 مترا مربعا والسعوديون بمساحة 33.430 مترا مربعا. أما أبرز المناطق التي تم فيها التمّلك فكانت نهر إبراهيم إذ وصلت المساحة إلى 60.748 مترا مربعا ثم العاقورة بمساحة 56.160 مترا مربعا وبلاط بمساحة 52.022 مترا مربعا، قرطبون 49.128 مترا مربعا، البربارة 48.417 مترا مربعا، حالات 46.297 مترا مربعا، ومن الأسماء التي إطّلعت عليها أذكر على سبيل المثال لا الحصر: باسل عمر زياد جعفر العسكري (الإمارات)، محسن مرزوق غازي المطيري (كويتي)، عامر عبد الأمير التميمي (الإمارات)، إبراهيم خليفة محمد الشريف (ليبيا)، خالد سليمان بن عبدالله الخليوي وزوجته فاطمة سليمان الضويان (السعودية).

هذا فيض من غيض لماذا تبيعون أرضكم يا لبنانيّون ولماذا هذا السكوت من قبل من يتولّون السلطة؟ سؤال علّنا نجد الإجابة عليه وللبحث صلة وإلى لقاء في مقالات أخرى عن بيع الأراضي.