يشكل وصول بعثة تحقيق إيرلندية إلى بيروت، لكشف ملابسات مقتل الجندي الإيرلندي في بلدة العاقبية على أيدي البيئة الحاضنة ل"حزب الله"، مساراً جديداً في عملية التحقيقات الجارية بشأن هذه الحادثة، توازياً مع التحقيقات التي تجريها الأجهزة الأمنية والقضائية اللبنانية . وإن كان هناك من يرى أن وجود لجنة التحقيق الإيرلندية في لبنان، يمكن النظر إليه على أنه لا يعطي الأجهزة القضائية اللبنانية كامل المصداقية المطلوبة، في كشف ملابسات ما جرى، وتحديد الجهات الفاعلة والمتورطة في هذه الجريمة التي تضاف إلى سلسلة الجرائم التي استهدفت عناصر القوات الدولية في المراحل السابقة .
وفي حين بدا أن هناك اهتماماً رسمياً بمعرفة الملابسات كاملة، إلا أن هناك في الوقت نفسه مخاوف من تأخير التحقيقات في هذه الحادثة، أو التعمية على ما جرى، وأخذ الأمور إلى مكان آخر. وهذا التخوف عبرت عنه السلطات الإيرلندية وأوساط قريبة من القوات الدولية، نتيجة الإرباك الحاصل على صعيد التحقيقات التي تجريها السلطات اللبنانية، على أن كل المعطيات المتوافرة للمحققين، تشير إلى أن إطلاق النار على الدورية الإيرلندية لم يكن وليد ساعته، وإنما كان مخططاً له، في إطار التحريض المستمر في بيئة الحزب ضد عناصر قوات "يونيفيل" . ولذلك لم يكن مستبعداً ما حصل، والذي يدخل في إطار الرسائل الدموية التي يراد إيصالها للقوات الدولية .
وتكشف معلومات "موقع اللواء"، أن القوات الدولية تنظر بكثير من القلق إلى ما جرى، كونها المرة الأولى منذ وقت طويل، والتي تتعرض إحدى دورياتها لإطلاق النار، ومقتل أحد عناصرها. الأمر الذي طرح علامات استفهام كبيرة عن الأهداف والأبعاد وراء ما حدث. وهذا ما دفع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، إلى الدعوة لعدم الاستخفاف بما جرى، كونه يدرك أن العمل الإجرامي هذا، يحمل الكثير من الرسائل التي لا يجب تجاهلها أو تجاوزها، ما يحتم على الأجهزة الأمنية والقضائية، كشف الحقيقة بتجرد، لمحاسبة الفاعلين الذين يقفون وراء حادثة الاعتداء، سواء كانت مدبرة أو وليدة ساعتها، باعتبار أن هناك تداعيات لا يستهان بها على لبنان، في حال تبين أن هناك جهات تقف وراء هذا العمل الإجرامي .
وأشارت المعلومات، أن رسائل دبلوماسية تلقاها لبنان في الأيام القليلة الماضية، بوجوب التعامل بكثير من الواقعية والشفافية في إطار التحقيقات الجارية مع حادثة العاقبية، باعتبار أن سمعة لبنان ومصالحه على المحك . ولا يجوز تالياً أن يكون هناك أي تأثير للحزب على مجريات التحقيق، بهدف حرفه عن مساره . كذلك الأمر فإن من الأهمية بمكان أن يحصل تعاون شفاف مع لجنة التحقيق الإيرلندية، لتبيان الحقيقة وكشف كل الملابسات التي تحيط بهذه الواقعة . في وقت تعهد وزير الدفاع موريس سليم لقائد القوات الدولية، بأن التحقيق حريص على الوصول إلى النتائج التي تكشف كل الوقائع المتصلة بالحادثة .
وتشير أوساط متابعة، إلى أن "حزب الله مطالب بالمساعدة في تسهيل التحقيق، بما يساعد على كشف هوية مطلقي النار وتسليمهم إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية، سيما وأن هذه الخطوات أساسية في إماطة اللثام عما جرى، وأي إجراء خلاف ذلك، سيكون بمثابة ذر للرماد في العيون، ومحاولة مكشوفة لتشويه الحقائق، وأخذ التحقيق إلى مكان آخر، لا يخدم الكشف عن الحقيقة المتوخاة من الداخل والخارج" .