بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 كانون الثاني 2021 12:02ص دعوة لاستغلال الانشغال الخارجي وتشكيل الحكومة

كيف تُستَعاد الثقة المفقودة بين الرئيسين عون والحريري؟

حجم الخط
يبدو ان الرئيس سعد الحريري إنشغل عن تشكيل الحكومة بجولات في دول القرار في المنطقة، لإستطلاع مواقفها من التطورات المتسارعة الحاصلة وإنعكاساتها على لبنان، فزار تركيا بعدما تردد انه زار الامارات والمملكة العربية السعودية، وفي مسعى ايضاً للحصول على مساعدات للمساهمة بعد تشكيل الحكومة في إعادة ما هدمه إنفجار مرفأ بيروت، وهذا المسعى يدل على جدّية الحريري في تشكيل حكومة الإصلاحات وإعادة الاعمار بعد تذليل عقبات التشكيل، التي يبدو ان اسبابها الخارجية تتلاشى تدريجياً بعد تثبيت انتخاب الرئيس الاميركي جو بايدن، وانحصرت في عقدتي حقيبتي الداخلية العدل والصلاحيات في التشكيل.

وضع الامين لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمته المتلفزة يوم الجمعة، حدّاً لكل الأعذار والحجج والاسباب التي سيقت لتأخير تشكيل الحكومة، خاصة حجة انتظار الظرف الخارجي  ومفاوضات اميركا وايران، التي لن تحصل حسب معلوماته قبل رفع العقوبات الاميركية الغربية عنها. وهو حَصَرَ المشكلة بوجود مطالب للأطراف السياسية وأزمة ثقة، ومخاوف خاصة حول من يتسلم حقيبتي العدل والداخلية خشية إستخدامهما في فتح الملفات إنتقائياً  او تشفياً. عدا ضرورة توفير ضمانات لأطراف تعتبر انها مستهدفة. وقد اكدت بعض الاطراف الاخرى المعنية بالتشكيل هذا الجو من الشروط والمطالب وفقدان الثقة. 

وزاد التأزم امس، بعد موقف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي كرر قوله انتفاء المعايير الواحدة في تشكيلة الحريري لا بالتوزيع ولا باختيار الوزراء الاختصاصيين، وأكد «عدم جدية الحريري بالتشكيل بسبب الشروط التي يطرحها كل مرة، وعدم الثقة بالرئيس المكلف لتنفيذ الإصلاحات»، ورد تيار المستقبل عليه والذي اوحى بأن الحريري لن يتنازل عن التشكيلة التي قدمها الى الرئيس عون في لقائهما الاخير، حيث قال: الحكومة جاهزة تنتظر عند رئيس الجمهورية، لتكون حكومة مهمة تتولى الاصلاحات المطلوبة حسب المبادرة الفرنسية، وليس حسب المعايير المذهبية والطائفية والعنصرية الباسيلية.

لذلك فالأسئلة المطروحة على صعيد الخارج بعد تنصيب بايدن، هل تتوقف الشروط المفروضة على لبنان سياسياً واقتصادياً ومالياً. وهل تخفف دول الخليج قيودها وتدعم حكومة الحريري ولبنان؟ اما على صعيد الداخل، فالسؤال الاساسي هو: كيف تُستعاد الثقة المفقودة بين الرئيسين عون والحريري وبين الحريري وبعض الاطراف الاخرى؟ ومن ذا الذي سيبادر الى العمل على تخريجة تُطمئِن الطرفين وما هي هذه المعجزة التي سيحققها؟

تبدو الاجوبة مرتبطة بموقف الادارة الاميركية الجديدة من ملفات الشرق الاوسط وضمنه ايران ولبنان، وبموقف دول الخليج من اي تسوية اميركية – ايرانية لو حصلت، ومن توجه حكومة لبنان الحريرية الجديدة من ملف الصراع القائم والذي يزيد الانقسامات، لا سيما بعد بيان القمة الخليجية المتشدد حيال إيران وحزب  الله.

وثمة من تحدث عن مساعٍ جديدة لإحياء التفاوض بين الرئيسين ميشال عون والحريري، إضافة الى مسعى البطريرك الماروني بشارة الراعي، لحل عقدتي الداخلية والعدل والصلاحيات، وسط إصرار من الراعي ومن رئيس المجلس نبيه بري ايضاً على تجاوز العقبات الداخلية الشكلية والاسراع في تشكيل الحكومة، لأن التطورات الخارجية قد تساعد وقد لا تساعد فتعرقل اكثر، ويجب اغتنام فرصة انشغال أميركا والعالم بتنصيب بايدن وترقب تصرفات دونالد ترامب خلال الايام العشرة الفاصلة عن انتهاء ولايته الرئاسية، وانشغال العالم ايضا بمواجهة تفشي وباء كورونا من أجل معالجة خلافاتنا.

ثمة سباق بين معالجة شروط الاطراف، وبين معالجة وضع البلد الذي اصبح في حالة انهيار شبه كامل يقف على رجليه بمبادرات خاصة محدودة ومن اللحم الحي، فيما المعنيون بإنقاذه منشغلون عن هموم الناس بإنقاذ ماء وجوههم.