بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 آب 2018 12:02ص رَبْط الحكومة بالسبق الرئاسي إستهداف مباشر للعهد وذراعه الصلبة

العُقَد تنتفي بمجرّد حوار إقليمي ... وأفرقاء يوظِّفون إرهاصات الخارج لتعويم مكتسبات

حجم الخط

كما لم يعد خافياً أن ثمة أفرقاء في الداخل يوظّفون إرهاصات التجاذب الخارجي في سبيل تعويم مكتسبات سياسية سابقة من زمن غابر


يوم أثارت هذه الزاوية (راجع «من يربط التعقيد الحكومي بطموح رئاسي حظُّه في السحاب وعقله في التراب»- 4 آب 2018) سعي جهات الى ربط تأزم المشاورات لتشكيل الحكومة بطموح رئاسي لدى جبران باسيل، لم تكن هذه الحملة قد بدأت فعلاً. بيد أن التحضيرات كانت سابقة للكلام المنسوب الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن السبق الرئاسي والذي جرى تحويره وإخراجه من سياقه، بحيث شكل منصة لإستهداف باسيل ومن خلاله العهد، في مسعى الى تطويق الخيارات الرئاسية الحكومية، والحد من القدرة على المناورة أو التصدي لأي طرح تعتبره بعبدا من شأنه أن يحيد الحكومة العتيدة عن مهمتها المرسومة لها رئاسياً في السنوات الأربع المقبلة.
المهم أن الحملة إنطلقت مع الكلام الرئاسي، ومن المتوقع أن تستمر فترة من الزمن بحيث تكون قد حققت ما أريد منها ولها، مِن إثارة للغبار والتعمية على حقيقة المشكلة ومكمن التعقيد، كل ذلك كجزء من إستهداف العهد وذراعه الصلبة، الى أن تتوفر مادة جديدة تستكمل إستراتيجية الإستهداف هذه، التي باتت بالفعل سلسلة مقفلة تتكرر حلقاتها في كل مرة إنما بمضامين مختلفة ومتجددة!
لم يعد خافياً أن العقد المحلية، على غالبها، هي غطاء وإنعكاس لعقد خارجية ترتبط إرتباطا وثيقا بالتطورات الإقليمية، وتحديدا الصراع الإيراني – الأميركي/ العربي، الذي تتفرّع منه أزمات عدة من سوريا الى اليمن، مرورا بالبحرين وغيرها من ساحات الحرب بالواسطة. بمعنى أن هذه العقد المحلية، وهي المسمّاة قواتية وإشتراكية والى حد ما تلك المتعلقة بتمثيل النواب السنة من خارج تيار المستقبل، تنتفي بمجرّد بدء حوار ما أو تلمّس أي من الأطراف الخارجية ضرورة إعادة ثبيت الستاتيكو اللبناني ضنّاً بمصالح الأفرقاء المحليين المرتبطين بهذه الأطراف، أو بضرورة إعادة الإعتبار الى الإستقرار السياسي (وإستطراداً الإقتصادي والإجتماعي) ربطاً بملف النازحين السوريين. 
كما لم يعد خافياً أن ثمة أفرقاء في الداخل يوظّفون إرهاصات التجاذب الخارجي في سبيل تعويم مكتسبات سياسية سابقة من زمن غابر، أو تحصيل المزيد منها، رغبة في تحضير الأرضية لملاقاة إستحقاقات مقبلة مفصلية تؤسس لما بعد العام 2022، وتحديدا الإنتخاب الرئاسي المقبل، مستلهمين ما إكتسبوه من المقاربة التي إعتمدوها في ملاقاة الإنتخابات النيابية. 
يتبيّن من هذه القراءة أن مختلف الأفرقاء، لا واحدا بعينه (ربما هو الوحيد الذي لم ينخرط بعد)، يخوضون مبكرا السبق الرئاسي:
- القوات اللبنانية العاملة على قطع الطريق على من قال رئيس الجمهورية ان حرباً شعواء تخاض ضده لأنه يتصدّر هذا السبق. ومن الواضح المسعى القواتي الى الإفادة من آليات المواجهة التي خاض بها إنتخابات 2018، بغية توسيع قاعدته الحزبية– الشعبية، وتاليا تعزيز حضوره في المجلس النيابي المقبل (2022) الذي من المفترض أن ينتخب خلف الرئيس عون. 
- تيار المردة الذي لا يفوّت فرصة أو سانحة للإنتقام من خسارته السبق الرئاسي، وتحديدا ممن حرمه الرئاسة، عون وباسيل على وجه الخصوص. بإعتقاد هذا الفريق أن زعيمه الأحق برئاسة 2022، نتيجة قبوله خسارة الرئاسة وبفعل ما يعتبره أخطاء يرتكبها التيار الوطني الحر. 
- الثنائي الشيعي، الواقعي الذي يرى أن من المبكر كثيرا البحث في أي إحتمال رئاسي، مع يقينه ان خيار اي رئاسة هو خيار إستراتيجي لمساره ولا يمكن الإشاحة عنه لحظة. لذا هو يعتبر أن هذا الإستحقاق لا تجوز مقاربته راهناً بفعل عوامل كثيرة ستستجد حكماً وستغيّر المعطيات الحالية، وبما تقلبها رأساً على عقب. لكن أحد جناحيه (حزب الله) معنيّ بنجاح العهد– الحليف في مختلف النواحي، وخصوصا السياسية والإقتصادية، ربطا بالأزمات الكثيرة المحيطة بالبلد.
- الحزب التقدمي الإشتراكي المعني- رئاسيا وحصرا- في قطع الطريق على كل ما من شأنه تصليب العهد الحالي وتفشيله سياسيا وشعبيا، لأنه يعتقد جازما أنه بذلك يضع حدا قاطعا لأي طموح رئاسي لاحق للتيار الوطني الحر. 
- تيار المستقبل الفريق الوازن الذي يعاني عدم اليقين، ربما لأنه لا يزال تحت وطأة التسوية الرئاسية ومتفرعاتها، وتحديدا أزمة تشرين الأول 2017 التي كادت تطيح الرأس. وعدم اليقين هذا هو ما يجعله في حال من عدم التوازن السياسي، ينعكس سلبا على القدرة على إنتاج الحكومة الحريرية الثانية. 
-التيار الوطني الحر الذي يرى في أي إثارة لسبق رئاسي متخيّل إستهداف مباشر للعهد، إذ كيف يجوز لفريق الرئيس ودرعه أن يقتنص من سنيّ رئاسته وأن يجعلها عرضة للإضعاف بمجرّد الحديث عن الرئيس المقبل في بدء ولاية الرئيس الحالي.