بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 أيلول 2022 08:09ص رئاسات وسياسيون وحوارات تحت ظلال الأزمات والحروب اللبنانية

من مؤتمر الدوحة اللبناني عام 2008 من مؤتمر الدوحة اللبناني عام 2008
حجم الخط
منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط 2005، واتساع شقة الخلاف بين اللبنانيين، باءت كل المبادرات لرأب الصدع الذي أخذ يتوسع بالفشل، هنا ابتدع الرئيس نبيه بري في 2 آذار الحوار الوطني الذي ضم 14 طرفا سياسيا برئاسة 14 قطبا لبنانيا، واعتبار أن كل كتلة نيابية مؤلفة من أربعة نواب، يحق لها المشاركة، وقد أطلق عليهم الرئيس بري أثناء الدعوة الى الحوار «باب أول»، وكل قطب جاء بالطبع بمعاونين ومستشارين فبلغ عدد الحضور على طاولة الحوار 42 شخصا في الطبقة الثالثة من المجلس النيابي، أما جدول أعمال الحوار كما حدّدها بري فكانت:
موضوع التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ومتفرعاته أي:
- لجنة التحقيق الدولية.
- المحكمة الدولية.
- توسيع صلاحيات لجنة التحقيق.
موضوع القرار 1559 ومتفرعاته.
موضوع العلاقات اللبنانية - السورية ومتفرعاته.
وبعد عدة جلسات، عقدت جلسة في 22 آذار، كان واضحا منذ بدايتها أن الأجواء ليست على ما يرام بالرغم من محاولات إظهار الأمور على عكس ذلك، وهنا كان تأجيل جديد لمتابعة الحوار إلى الاثنين 27 آذار، حيث كانت هناك جلسة قصيرة لم تتجاوز الساعتين ونصف الساعة، أعلن في ختامها الرئيس بري تأجيل الحوار إلى الثالث من نيسان لمتابعة البحث في الملف الرئاسي، لكن مؤتمر القمة العربية الذي عقد آنئذ في الخرطوم، أظهر مدى الانقسام اللبناني، لأن الرئيس فؤاد السنيورة لم يجلس في عداد الوفد اللبناني، وبعدها كان دخل الحوار اللبناني في الممرات الضيقة التي لم تجعله يسير على ما يرام.
مؤتمر الدوحة
وبعد أزمة استمرت 18 شهرا وفراغ رئاسي استمر من 25 تشرين الثاني 2007 حتى 25 أيار 2008، وانقسامات حادّة بين فريقي 8 و14 آذار توّجت بأحداث السابع من أيار، كان اتفاق الدوحة الذي أنجز بين أقطاب الفريقين بضمانات عربية حلّا لانتخاب رئيس للبلاد وتشكيل حكومة وحدة وطنية والاتفاق على قانون انتخابي يعتمد قانون 1960، وجاء في نص هذا الاتفاق:
- «اتفقت الأطراف على أن يدعو رئيس مجلس النواب اللبناني للانعقاد طبقا للقواعد المتبعة خلال 24 ساعة لانتخاب المرشح التوافقي العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية.
- تشكيل حكومة وحدة وطنية من 30 وزيرا توزع على أساس 16 وزيرا للأغلبية، 11 للمعارضة، 3 للرئيس، وتتعهد كافة الأطراف بمقتضى هذا الاتفاق بعدم الاستقالة أو إعاقة عمل الحكومة.
- اعتماد القضاء طبقا لقانون 1960 كدائرة انتخابية في لبنان»، ومناقشة البرلمان «للبنود الإصلاحية» الواردة في اقتراح القانون الذي أعدّته اللجنة الوطنية برئاسة الوزير السابق فؤاد بطرس.
وفيما يتعلق بتعزيز سلطات الدولة وحصر السلاح بيدها أشار الاتفاق إلى أن الحوار انطلق في الدوحة وتم الاتفاق على:
- تعهد الأطراف بحظر اللجوء إلى استخدام السلاح أو العنف أو الاحتكام إليه في ما قد يطرأ من خلافات أيا كانت هذه الخلافات وتحت أي ظرف كان، وحصر السلطة الأمنية والعسكرية على اللبنانيين والمقيمين بيد الدولة بما يشكّل ضمانة لاستمرار صيغة العيش المشترك والسلم الأهلي.
- تطبيق القانون واحترام سيادة الدولة في كافة المناطق اللبنانية.
- يتم استئناف هذا الحوار برئاسة رئيس الجمهورية فور انتخابه وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية وبمشاركة الجامعة العربية وبما يعزز ثقة اللبنانيين».
حوار ما بعد الدوحة
وبعد انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية، شهد عهده 14 جلسة حوار في قصر بعبدا، قامت على نفس الأسس الذي شهدته جلسات الحوار في البرلمان منذ الثاني من آذار 2006، فعقدت الجلسة الأولى في 16 أيلول 2008، وبعد انقطاع عن هذه الجلسات منذ 20 أيلول 2012 كانت الجلسة الأخيرة 31 آذار 2014.
وفي الجلسة الأخيرة لم يتم البحث في الاستراتيجية الدفاعية، ولا في «إعلان بعبدا» الذي تم الإعلان عنه في جلسة الحوار التي عقدت بتاريخ 11 حزيران 2010، وجاء فيها: «انعقدت هيئة الحوار الوطني في مقر رئاسة الجمهورية في بعبدا برئاسة الرئيس ميشال سليمان ومشاركة أفرقاء الحوار وقد تغيّب منهم: دولة الرئيس سعد الدين الحريري والدكتور سمير جعجع، كما تغيّب الوزير محمد الصفدي بداعي المرض.
وبنتيجة التداول تم التوافق على المقررات التي اعتبرت بمثابة «إعلان بعبدا» يلتزمه جميع الأطراف وتبلّغ نسخة منه إلى جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة. خصوصاً البند التالي: تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية وتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والأزمات الإقليمية، وذلك حرصاً على مصلحته العليا ووحدته الوطنية وسلمه الأهلي، ما عدا ما يتعلق بواجب التزام قرارات الشرعية الدولية والإجماع العربي والقضية الفلسطينية المحقة، بما في ذلك حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم وديارهم وعدم توطينهم».
أما في عهد الرئيس ميشال تكررت دعواته للحوار لكن لم يكتب النجاح لها، وفي كانون الثاني 2022، قال مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية اللبنانية في بيان له الخميس «على أثر المشاورات التي أجراها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع رئيسي مجلس النواب والحكومة ورؤساء الكتل النيابية بشأن الدعوة الى الحوار، تبيّن أن عدداً منهم تراوحت مواقفهم بين رفض التشاور ورفض الحوار بما يحمّلهم مسؤولية ما يترتب على استمرار التعطيل الشامل للسلطات، حكومة وقضاء ومجلسا نيابيا».
وأضاف البيان ان «دعوة رئيس الجمهورية للحوار ستبقى مفتوحة، وإذ يأمل أن يغلب الحس الوطني للمقاطعين على أي مصالح أخرى، يدعوهم الى وقف المكابرة والنظر الى ما يعانيه الشعب اللبناني والموافقة في أقرب وقت على إجراء حوار صريح لنقرر مستقبلنا بأيدينا استنادا الى إرادة وطنية ولكي لا يفرض علينا مستقبلا نقيض ما نتمناه لوطننا».
لتطوير آليات الديموقراطية
في الخلاصة العامة، فان الدعوة الى الحوار اللبناني - اللبناني ستبقى مستمرة، لأن عثرات النظام ستبقى، وتستمر تتخذ في كل مرة أشكالا مختلفة: طائفية وسياسية واقتصادية واجتماعية، وبالتالي لا بد من إصلاحه وتطوير آلياته الديموقراطية، وخلق آليات حقيقية للمحاسبة ووقف الفساد والهدر، فالفرقاء المتصارعون في لبنان لن يتوقفوا عن تبادل اللكمات في لعبة التجاذب الجهنمية التي لا تصيب أياً منهم بالخسائر، بل تؤدي إلى مزيد من الإصابات «لجمهور» اللبنانيين الذي تصيبه الضربات كل يوم، على أمل أن لا تقضي عليه الضربة القاضية بحصول الارتطام الكبير في الوضع الاقتصادي والمالي والمعيشي والخدماتي المأزوم والذي يسجل اليوم مزيدا من التفاقم والمآسي.