بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 أيلول 2022 08:06ص رئاسة الحكومة في لبنان بين الصلاحيات وشخص الرئيس

حجم الخط
صدر مؤخراً كتاب: صائب سلام أحداث وذكريات، كتاب يعتبر من أهم الانتاجات التي تؤرخ لحوالي قرن من تاريخ لبنان السياسي، والقارئ بمتابعته لحركة الرئيس سلام السياسية من ما قبل عهد الاستقلال، تتوضّح له محورية مقام رئاسة الحكومة في الحياة السياسية اللبنانية.
في عهود ما قبل إتفاق الطائف، كان رئيس الحكومة اللبنانية حينها يعتبر بمثابة الوزير الأول، أما بعد التعديلات الدستورية التي أُقرّت في وثيقة الاتفاق الوطني التي وقّعها النواب اللبنانيون في مدينة الطائف السعودية، فقد تم تعديل مواد الدستور بحيث أصبح تكليف رئيس الحكومة يتم بموجب استشارات ملزمة في نتائجها لرئيس الجمهورية.
رغم الصلاحيات الواسعة لرئيس الجمهورية في الجمهورية الأولى، فقد برز رؤساء حكومات استطاعوا لعب أدوار سياسية مقارنة بصلاحياتهم الدستورية، وتكاد تجربة الرئيس صائب سلام تكون إحدى هذه التجارب، مثله مثل الرئيس رياض الصلح والرئيس رشيد كرامي وإن بطرق متفاوتة في الأداء السياسي لرئيس السلطة التنفيذية، أما في فترة ما بعد اتفاق الطائف فقد اختلف الأمر لناحية صلاحيات مجلس الوزراء مجتمعاً برئاسة رئيسه، أي رئيس الحكومة الذي يملك صلاحية التوقيع أينما وجد مما يجعله المحرّك الأساس لعجلة العمل السياسي في الدولة، فدون توقيعه لا يمكن إصدار أي قرار مهما كان نوعه.
رغم اختلاف صلاحيات رئيس الحكومة بين عهد الاستقلال وعهد الطائف، إلا أن البارز هو شخصية الرئيس وقدرته على لعب دور محوري بمعزل عن صلاحياته الدستورية، فالرؤساء الصلح (رياض) وسلام (صائب) وكرامي (رشيد)، لعبوا أدواراً محورية في الحياة السياسية اللبنانية، وما ورد في مذكرات الرئيس صائب سلام خير دليل على ذلك، أما في فترة اتفاق الطائف، فقد كان لشخصية رئيس الحكومة دور وعامل في لعبه أدوار أساسية في لبنان رغم الدور السوري وإمساكه بمفاصل وتفاصيل السياسة اللبنانية داخلياً وخارجياً، وأبرز مثال على ذلك هو الرئيس رفيق الحريري، الذي شكّل مع الرؤساء رياض الصلح، صائب سلام ورشيد كرامي رؤساء حكومة أقوياء في ممارسة صلاحياتهم الدستورية.
في ظل التشتت النيابي للطائفة السنية في لبنان، يبرز دور دار الفتوى كمرجعية وطنية هدفها حماية لبنان، لكن يبقى دور رئيس مجلس الوزراء نقطة أساسية في انتظام العمل السياسي في لبنان، ولعل المناشدات التي وُجّهت الى الرئيس نجيب ميقاتي بضرورة الاقتداء بالرؤساء السابقين، رياض الصلح، صائب سلام، رشيد كرامي ورفيق الحريري في ممارسة صلاحياته الدستورية خير مثال ودليل على أهمية دور رئيس الحكومة، لكن شخصية الرئيس لها دورها أيضاً.
* كاتب - باحث سياسي