بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 تشرين الثاني 2017 12:00ص رئيس الجمهورية يجهد لإستيعاب الصدمة السياسية

إستقالة الحريري فرضت واقعاًً يتطلب معالجة لتحصين الإستقرار

حجم الخط
فرضت استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري واقعاً سياسياً جديداً لا يمكن التهرب من تداعياته التي كانت أولى ضحاياها التسوية التي يعيش البلد في ظلها منذ ما يقارب السنة، والتي كان الرئيس الحريري أحد أركانها، ما طرح الكثير من الأسئلة عن مصير الأمور بعد الصدمة التي أحدثتها الاستقالة غير المتوقعة، في الوقت الذي كان الرئيس الحريري يدافع وبشراسة عن إنجازات حكومته في الأشهر العشرة الماضية، وهو ما طرح الكثير من الأسئلة عن الأسباب والدوافع التي أملت على رئيس «تيار المستقبل» اتخاذ هذه الخطوة.
ولأن الانعكاسات السلبية باستقالة الرئيس الحريري ستطال الجميع وستفرض معطيات جديدة لا يمكن التهرب من نتائجها، في ضوء الحرائق المشتعلة في الإقليم، والتي جاءت هذه الاستقالة كإحدى إفرازاتها على الساحة اللبنانية، فإن تحصين الوضع الداخلي بعد سقوط التسوية السياسية بإعلان الرئيس الحريري استقالته، يتطلب أعلى درجات المسؤولية من كافة الأطراف التي شاركت بصياغة هذه التسوية قبل ما يقارب العام، وبما يضمن الحفاظ على الإنجازات التي تحققت، حرصاً على الاستقرار الداخلي وتعزيزاً للسلم الأهلي الذي يفرض مزيداً من التلاحم الداخلي ومواجهة أي انقسام محتمل نتيجةً للظروف التي استُجدت بعد قرار الرئيس الحريري بالاستقالة.
ويأتي تريث رئيس الجمهورية ميشال عون في قبول استقالة الرئيس الحريري، كما تقول أوساط وزارية قريبة من العهد، لـ«اللواء»، في سياق المحاولات التي تقوم بها «بعبدا» لاستيعاب الصدمة، بانتظار عودة الرئيس الحريري إلى بيروت، للبحث معه في مبررات ودوافع خطوته التي فاجأت الأوساط السياسية على اختلافها وفي مقدمها الرئيس عون الذي كان على انسجام تام مع رئيس الحكومة لإنجاز الخطة التي وضعها العهد في خطاب القسم والبيان الوزاري، سيما وأن رئيس الجمهورية يأمل من خلال الاتصالات الداخلية والإقليمية التي يقوم بها، في ثني الرئيس الحريري عن قراره بالاستقالة التي لا شك أنها أضرت بمسيرة العهد الذي تمكن في أشهره الأولى من تحقيق مجموعة إنجازات عجزت عنها الحكومات السابقة، لا بل العهود السابقة والتي يأتي في مقدمها قانون الانتخابات الذي طال انتظاره، باعتباره الأول في لبنان الذي يقوم على النسبية.
ولذلك لا تزال الأوساط الوزارية تعوّل على إمكانية أن يعيد الرئيس الحريري النظر بقراره، باعتبار أن رئيس الجمهورية لم يقبل استقالته حتى الآن وهو يتريث في قبولها، بانتظار ما ستحمله تطورات الأيام المقبلة، علّ المشاورات التي تجري على أكثر من صعيد، تقنع الرئيس الحريري بالعودة عن قراره وبما يضمن استمرار التسوية من أجل مصلحة البلد والحفاظ على ما تحقق حتى الآن، تفادياً للمخاطر التي ستترتب عن انهيار هذه التسوية، وفي مقدمها الخوف على الاستحقاق النيابي في أيار المقبل الذي بات في مهب الريح، بالرغم من الدعوات التي صدرت في الساعات الماضية إلى ضرورة التأكيد على أن الانتخابات النيابية ستجري في موعدها، سيما وأنه بإمكان حكومة تصريف الأعمال أن تتولى الإشراف على إجرائها، في ظل وجود فتاوى قانونية تبيح هذا الأمر.
وفي هذا الإطار، لا يريد الرئيس عون الاستعجال في قبول استقالة الرئيس الحريري وسيعطي الاتصالات الجارية فرصةً من أجل التخفيف قدر المستطاع من حجم الأضرار التي نجمت عن خطوة الاستقالة التي جاءت في غير زمانها ومكانها، وهو لأجل ذلك عازم على توسيع مروحة اتصالاته مع الأطراف السياسية لتأمين أكبر قدر من المناعة الداخلية لحماية الاستقرار القائم وإيجاد المناخات الملائمة التي تسمح بالبحث عن المعالجة الفعّالة للأزمة التي طرأت وبما يخفف من تداعياتها، على أن يُصار إلى اتخاذ الإجراءات الدستورية اللازمة في ضوء ما سيقرره رئيس الجمهورية بعد الاستماع إلى وجهة نظر الرئيس الحريري في حال عودته إلى بيروت، أو في حال تعذر عودته وتمسكه بالاستقالة.