بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 تشرين الثاني 2020 12:01ص رباب الصدر شرف الدين: وسام على وسام..

حجم الخط
بينها وبين العطاء وعمل الخير علاقة راسخة وصداقة قديمة، وبينها وبين عمل المؤسسات الإنسانية والاجتماعية والثقافية ارتباط وثيق نترك للمؤسسات نفسها أن تتحدث عنه وتسرد الحكاية.

تعمل بصمت وهدوء ولا تغريها أو تجذبها الأضواء على الإطلاق، إنما تهدف دائماً لكي تعمل بالظل دون ضجة أو ضوضاء أو ضجيج. فكيف إذا كان الأمر يتعلق بأعمال الخير والبر والاحسان التي تقوم بها الست رباب في مسيرتها الطويلة في هذا الميدان منذ سنوات وسنوات.

كان لي شرف التعرف على تلك السيدة الفاضلة الجليلة منذ ما يقارب الأربعين عاماً من خلال عملي المهني والإعلامي الذي كنت في بداياته آنذاك، بحيث تابعت نشاطاتها واعمالها الإنسانية والوطنية والثقافية باستمرار، وفي كل مرّة كنت أعمل على تغطية تلك  النشاطات، كنت أنا بفخر واعتزاز، وأحاول أن أنهل واتغذى فكرياًً وثقافياً واجتماعياً من بحر الست رباب الذي لا ينضب ولا يهدأ أو يستكين.

رباب الصدر شرف الدين، مع حفظ الألقاب، إبنة تلك  العائلة العريقة،  إبنة تلك  المدرسة والمؤسسة التي فتحت ذراعيها لرعاية الأيتام والمعوزين وكل من هو بحاجة لمساعدة ودعم وفي كل زمن ومكان، واعمال الست رباب تكاد تشكّل علامة فارقة في أيامنا هذه، لا سيما واننا بتنا نفتش ونبحث عن أرباب أعمال  الخير ورعاية الأيتام لنجد أنهم قد أصبحوا قلة في مجتمع وبلد يُعاني ما يعانيه من انهيار إقتصادي وتدهور مالي وتفكك أسري واجتماعي بسبب الأزمات المتلاحقة والمتراكمة التي يُعاني منها هذا البلد في هكذا ظروف صعبة ومأساوية بكل ما للكلمة من معنى.

إلا أنه وبالرغم من كل ذلك، فإن الست رباب الصدر شرف الدين تمسكت بالقيم والمبادئ والأصول وتابعت أعمال الخير التي طالما عودتنا عليها في مؤسساتها وقد استمرت بالقيام بها فعلاً لا قولاً دون كلل أو ملل، وهي تحاول دائماً أن تتخطى الصعوبات  أياً تكن لتستمر بمد يد العون والمساعدة والدعم لكل من يطرق بابها وباب المؤسسات، خاصة في كل ما يتعلق برعاية الأيتام وتعليمهم وتربيتهم ومدهم بالثقافة والعلم منذ لحظة انتسابهم إلى المؤسسة وحتى تخرجهم منها لكي ينطلقوا في مسيرة الحياة والعمل وتكوين العائلات والأسر، وهذا ان دل على شيء بالمفهوم الاجتماعي والإنساني والثقافي والفكري، فإنه يُؤكّد مجدداً بأن الجذور والينابيع في التربية والعطاء هي العناوين الكبرى التي يُبنى عليها في نهضة المجتمعات والأوطان.

وما منح السيدة رباب وساماً رفيع المستوى من قبل الحكومة الفرنسية مؤخراً الا دليل ساطع على مدى أهمية ودور هذه السيدة الفاضلة بالتعاون طبعاً مع فريق عمل متخصص يؤازر ويدير مؤسسات الإمام الصدر والراعية لها بإخلاص وتجرد ومصداقية وأمانة، ونحن على يقين بأن الوسام الرفيع الذي قدم لها، هو ليس الأوّل ولن يكون الأخير بالتأكيد لأن مسيرتها الطويلة في عالم العطاء والخير تكتب كإسمها بأحرف من ذهب.

لن نطيل الكلام عن الست رباب واعمالها الخيّرة، لأن خير الكلام ما قلّ ودل، ولأن المكتوب يقرأ من عنوانه بوضوح، ودون أي لبس على الإطلاق، إلا أنه لا بدّ من ذكر أهمية ودور هذه السيدة الفاضلة التي رافقت مسيرة شقيقها الامام الصدر  منذ  انطلاقتها وقد نجحت في إبراز الصورة الحضارية عن تلك المسيرة والحقبة ومن خلالها عن المؤسسات التي رعتها وأدارتها الست رباب بإخلاص،أضف إلى ذلك بالطبع انها نجحت أيضاً في تكوين أسرة كريمة تميزت بتقديم كل ما هو خير لهذا البلد من دون أي منّة أو جميل، فمن كرام القوم هي كما أفراد أسرتها وعائلتها وليس غريباً عنهم ذلك، ومن تسنى له التعرف على نجلها الأكاديمي النائب الأول السابق لحاكم مصرف لبنان الدكتور رائد شرف الدين عن قرب يتبين له مدى التربية الصالحة والنموذج الناجح في ميدان الحياة والعمل والخلق الرفيع، إلى جانب سائر أفراد الأسرة بالتأكيد.

لذلك، لا بدّ من القول بتجرد وصدق ان وسام الحكومة الفرنسية هذا الذي قدم للست رباب ما هو الا وسام على وسام، وبالتالي ما هو إلا قيمة مضافة على تلك القيمة الوطنية والانسانية التي تكرست وتجذرت في شخصيتها المميزة، على أمل أن يأتي يوم قريب تتكشف معه حقيقة وملابسات قضية الامام الصدر ورفيقيه وخفاياها على الملأ انصافاً لهم وللعدالة وللإنسانية ولأسرهم الكريمة.

ست رباب لن نقول لك «مبروك» لأنك أنت الوسام بحد ذاته، إنما سنقول لك كما كنا دائماً وسنبقى أمد الله بعمرك لتبقى أيادي الخير والإقدام والعطاء ترخي بظلالها في شتى الميادين الاجتماعية والانسانية والتربوية والثقافية في كل الأزمنة وفي كل مكان.