بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 آب 2020 10:42ص رحيل المناضلة جوسلين خويري.. حكاية بطولة وفداء

حجم الخط
غابت المناضلة جوسلين خويري لتشرق في رحاب السماوات. حاربت على الارض بقلب طفح حبًا شموليًا وخيرًا وسلامًا وأوغلت الى الاعماق في كل ما فعلت. مقاوِمة منتظمة، تكوّنت من عزيمة الابطال وصلابة القادة والتزام القديسين. عمرها نذرته بالكامل مع ذاتها وفكرها من اجل لبنان والكنيسة. هي نموذج للتكرس العلماني. مثابرة في العمل من أجل الإنسان والعائلة ومنتصرة على ذاتها.

أيقونة مرفوعة على جبين المقاومة، حكاية حرية وفداء وبطولة، تُروى للأجيال الآتية الى وطنٍ بحاجة ماسّة الى إيقونات على مثالها.

بعد صراع طويل مع المرض،رحلت، ويسجى جثمانها في دير الراهبات الكرمليات الحبيسات في حريصا، وللمرة الاولى تفتح الراهبات ديرها للعامة ويسجى في كنيستها جثمان علماني تقديراً لدور المناضلة الراحلة جوسلين خويري الروحي والانساني. وتتم الصلاة عن راحة نفسها في كنيسة مار سمعان العامودي في غوسطا مسقط رأسها.



في السادسة عشرة من عمرها، بدأت عملها النضالي عبر التزامها في مصلحة الطلاب ،وفي عمر العشرين وقفت على خطوط التماس مرتديةً بذّتها العسكرية، مقاتلةً جنبًا الى جنب مع رفاقها الكتائبيين لتؤسس بعدها فرقة من المقاتلات سميت"فرقة النظاميات"وخاضت معهنّ نضالًا عسكريًا وسياسيًا،ثم تبدّلت الظروف فوضعت ورفيقاتها السلاح جانبًا في منتصف الثمانينات وانتقلن الى العمل الانساني والاجتماعي.



في التسعينات،انتسبت خويري الى نقابة المحررين معتبرةً مهنة الصحافة رسالة،كما اجتهدت في دراسة اللاهوت في جامعة الروح القدس الكسليك،وحثّت النظاميات ان تكملن دراستهنّ وتحصيلهنّ العلمي. وداخل مركز النظاميات انشأت مكتب إصغاء،كما أسست جمعيات انسانية وخيرية.



"لم أقاتل مرة من أجل مجتمع مسيحي،أنا مشبعة بفكرة الصيغة، وأنا من جيل اختبر العيش المشترك". كانت تقول دائمًا "الحق لا يموت" وبانّ الوطن حقّ والعدل اقوى من السلاح،والعيش المشترك والتوافق هما وليدا الحرية وانّ الاختلاف ليس عداوة والقمع لا يصنع السلام،وكانت تشدد على الحوار للوصول الى قواسم مشتركة للعيش معًا.

بين رائحة البارود ورائحة البخور آختارت طريق الرب حاملة بيدها المسبحة الوردية بدلًا من الكلاشينكوف، عاشت خادمة أمينة ليسوع المسيح وفعّلت وزناتها الفائضة حبًا وفرحًا الى حلّقت لتعاين وجه الله.