بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 آذار 2021 12:00ص رحيل د. خير الدين حسيب العربيّ المؤسساتيّ المقاوم

حجم الخط
حكيم من حكماء هذه الأمة الذين أصبح وجودهم نادراً، غادرنا بقلب مفعم بالحزن على ما أصاب هذه الأمة من وهن، وتخلّف، وفرقة، وتشتّت، وجهل، وبطالة وفقر، إنه المغفور له الراحل الكبير د. خير الدين حسيب.

آمن بعروبته وعمل لها من المهد الى اللحد، واعتبر ان كل فرد من أفرادها مسؤولٌ عن وحدتها، ونهضتها، وحريتها. وان على أهل الفكر منهم مسؤولية وضع الرؤى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية مع آليات تنفيذها التي تخدم الأمة وتقدّمها، فكان لهم مع الراحل شرف المساهمة في كل ذلك.

إنطلاقاً من هذا الإيمان لدى هذا القائد القومي الفذّ، عمل على إنشاء المؤسسات والمنظمات الفكرية العابرة للدول العربية من المحيط الى الخليج باعتبارها الطريق الأكيد للوحدة إذا لم يكن أحد عناصرها الرئيسة.

استطاع الراحل العزيز تجميع القامات والمرجعيات الفكرية العربية الوحدوية التي تتطلبها هذه المسيرة وما تتطلبه أيضاً من أمور مادية وفّرها رجال الأعمال العرب رفاق الدراسة والمؤمنين بقضايا أمتهم، وإن نتائج الأعمال شاهدة على ما نقول في مشروع النهوض العربي، وما عقد من مؤتمرات وندوات ومحاضرات وما نشر من كتب هذا عدا ما قام به الراحل من اتصالات لصالح القضايا العربية، وهذا النوع من الرجال قلّ نظيره لأسباب متعددة لا بد من معالجتها حتى لا يقع العمل الوطني والقومي فريسة المال المشبوه الذي يخدم مخططات أعداء الأمة.

بإختصار وبفخر كان المغفور له من صنّاع النهضة العربية، وحماة الحق الفلسطيني بإستعادة الأرض السليبة، وصوت الأحرار في الأمة، وكان من مَنْ يعتبر نفسه مسؤولاً عن الأمة في كل يوميات عمله، والقيادة عنده أساسها الأخلاق، والنزاهة والالتزام والأصالة والاستقامة، واحترام القانون والنظام، وحب العمل والدقة، والاتزان في التفكير الموضوعي، وحمل المسؤولية وحسن التخطيط والتنفيذ، وصلابة الإرادة، والمثابرة، والعمل المؤسساتي  للوصول للانجاز المطلوب.

مقاومٌ على كل المستويات، شخصيةٌ لا تقبل بالتقصير أو التسويف أو الغلط، المساءلة والمحاسبة عندها لأقرب المقرّبين قبل الأبعدين في كل الشؤون العامة والخاصة.

«كان العقل حُسام» عند الراحل الكبير كما جاء على لسان أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب، «ولم يكن يقنع بدون النجوم» كما جاء على لسان المتنبي.

هذه المواصفات دعت الزعيم جمال عبد الناصر لاختياره أحد الأمناء لتنظيم الطليعة العربي الذي انشأه قبل رحيله الى دنيا البقاء.

تغمّدك الله أيها الراحل الكبير برحمته، وأنزلك منزلة الصدّيقين والأبرار، نمْ قرير العين، وسنتابع المسيرة التي أرسيتها مع القامات الراحلة التي عملت بقيادتك، وسنتابعها مع المناضلين المؤمنين برسالتك العروبية الوحدوية المقاومة. 

نرجو الله أن يلهم عائلتك الكريمة برحيلك جميل الصبر والعزاء.

  

* الأمين العام السابق لإتحاد المحامين العرب