بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 نيسان 2022 12:00ص رسالة مفتوحة إلى الناخبين المُستنكفين

حجم الخط
أقدّر غضبكم، وأتفهم إحباطكم ويأسكم، وأنا منكم ومعكم، وأكتب منذ عقود عن وجع الناس وهي قضيتي الأولى وتكاد تكون الوحيدة.

لكن أيها الأعزاء، لكي نزلزل قلعة الفساد نحتاج إلى جرافة كبيرة أو قنبلة ضخمة، وفي المفهوم النيابي نحتاج إلى حدّ أدنى 80% من أصوات المجلس النيابي كي نتمكن جذرياً من تغيير وإصلاح القوانين السائدة الفاسدة البائدة.

إذا كنّا قادرين على تحقيق هذا الطوفان والتسونامي الانتخابي العارم على صعيد لبنان ككل، أقول أهلاّ وألف مرحباً، أما إذا لم يكن هذا متوافراً في الوقت الحاضر فهل نيأس ونستسلم ونستنكف وننأى بأنفسنا عن المواجهة؟

بسبب تشرذم قوى «الثورة» وأنانيتها، ومراهقتها السياسيّة، فإن الانتخابات المقبلة لن تحدث تغييراً جوهرياً، و«مش رح تشيل الزير من البير»، مع ذلك فإن ضرر الاستنكاف والعزوف عن المشاركة أكبر بكثير من المشاركة ومحاولة التغيير مهما كان بسيطاً.

هذا الوضع الذي نعيش فيه لم ينشأ في أيام معدودات، بل هو صنيعة عقود طويلة مريرة من تآكل القيم والمبادئ وتغلغل الفساد، ولن نخرج منه بطريقة فورية عجائبية ومعجزة مفاجئة.

علينا ان نهدّ قلعة الفساد ولو بدأنا بخلخلة حجر واحد منها ... انظروا إلى صبر أمواج البحر كيف تنحت صخور الشاطئ وتجعلها تتآكل ذرة بعد أخرى.

لا بدّ أن هناك من بين المرشّحين الذين يخوضون المعركة الانتخابية من يتحلى بسجل ناصع من المواقف ونظافة الكفّ، ولا بدّ أن بين المرشحين مَنْ تتوسَمون فيه الخير ويُلبّي ولو جزئياً بعضاَ من طموحاتكم ويُمثّل طرفاً من أفكاركم ... انتخبوا هذا المرشح بصوتكم التفضيلي، وساهموا في تحريك عجلة التغيير فعلاً لا قولاً، وصُدقاً وليس عبر النقّ! 

بل سأقول ما هو ليس من طبعي ولا تفكيري ... أيها المستنكفون اقترعوا ولو من باب النكاية بمَنْ أوصلنا إلى هذا الدرك الأسفل! 

ورجاء، لا تطلبوا من المرشحين التغييريين أن يأتوا بما لم يأته الأوائل! ليس مهماً أن يكون لديهم برنامجاً مُنمّقاً ولا وعوداً انتخابيّة ... المهم أن تثقوا بأنهم لن يساوموا على توكيلكم لهم حين يفوزون بالنيابة، وأن تثقوا بأنهم سوف يكونون عينكم وأذنكم في المجلس النيابي وفي العمل العام، وأنهم (على الأقل) سوف يضعونكم فوراً في جو المُستجدات كي لا تُذبحوا على حين غرّة كما حدث ويحدث!

أيها الناخبون المستنكفون، جابهوا الأمر الواقع بأقصى ما يُمكن، وعبر سلاح الصوت التفضيلي، لخلخلة النتائج التي تتوقعها الطُغمة الحاكمة وتسعى لتحقيقها، لأنه من المُمكن جداً للمفاجآت أن تقع، وأن يقلب حجم الإقبال الشعبي العارم على الاقتراع «السحر على الساحر»، وأن يؤكّد بالتالي صحّة المثل «طابخ السمّ آكله»!