بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 تشرين الأول 2019 01:03ص رسالة مفتوحة إلى وزير البيئة فادي جريصاتي: «أنا إلي عليك»!

حجم الخط
خلال رعايته اللقاء التنسيقي في مجال إدارة النفايات المنزلية الصلبة في سراي صيدا قال وزير البيئة فادي جريصاتي: «رح قلكن من هون ورايح، كل مواطن ما عم يفرز ببيتو ما يسمّعني صوته .. أوعا إسمعو عم ينُقّ عالنفايات أو عالدولة. اللي عم يفرز إلو عليي .. الـ ما عم يفرز ما يسمّعني صوتو».

أنا من الذين يفرزون في المنزل منذ فترة طويلة، مع معاناة إقناع أفراد الأسرة بالتعاون معي، ومشقة ذهابي يومياً إلى الحاوية المخصصة لإعادة التدوير (باعتبار ان ناطور المبنى يهتم فقط بجمع النفايات العضوية)، عدا عن تجهيز قفاز مطاطي لفتح غطاء الحاوية بسبب قذارتها المتناهية. 

على هذا الأساس يا معالي الوزير «أنا إلي عليك .. وبدّي سمّعك صوتي». 

لن أجادل معاليك بما هو حقّي لديك كمواطن، مثل نشر ثقافة التوعية بخصوص الفرز، بشكل مدروس ودائم وواسع النطاق، وفطن ومؤثر. 

ولن أسأل إذا كان هناك جهوزية للتعامل مع المواد المُفرزة في ظلّ إقفال معظم مصانع الزجاج والبلاستيك والمعادن في لبنان! كما لن اسأل إذا كان هناك معامل لإعادة تدوير وتسبيخ المواد المُفرزة، وأين تقع!

لكنني أودّ أن أسأل: هل تعلم معاليك أننا (في بيروت) بعد أن نضع نفايات إعادة التدوير في الحاوية الحمراء المُخصصة لها، يأتي من يقلب الحاوية على الأرض وينبش فيها ويختار منها الأشياء والمواد التي يُمكنه بيعها، ويرمي ما تبقى على الرصيف أو في حاويات النفايات العضوية. وحين يأتي عمال النظافة لإزالة الفوضى التي عمّت المكان، يقومون بوضع ما يجمعونه في حاويات المواد العضوية!!

وهل تعلم معاليك أن الحاوية «الحمراء» متوفرة في بعض الأحياء وليس جميعها، فماذا يفعل أبناء تلك الأحياء! 

وهل تعلم معاليك أن النفايات العضوية والنفايات القابلة للتدوير تُجمع في الشاحنة ذاتها حيث تختلط ببعضها البعض!

لقد اتصلت مرتين شخصيا بشركة «رامكو» بخصوص النقاط اعلاه، الأولى مع مكتب الإدارة، والثانية مع خدمة الزبائن.

ولمن لا يعلم فإن الشركة يملكها ربيع عماش وشركة «أطلس» التركية وقد فازت بمناقصة كنس وجمع ونقل النفايات في بيروت بسعر 70 مليوناً و875 ألف دولار أميركي. والشركة تتباهى بشعار «بتحرز تفرز» الموضوع على شاحناتها!!

في الاتصالين كانت الردود كالتالي:

الذين ينبشون حاويات إعادة التدوير يكسرون بشكل متكرر السلاسل المعدنية والأقفال الموضوعة على الغطاء، والشركة لفتت نظر البلدية ولم تلاقِ التجاوب المطلوب!

هناك مناطق في بيروت يُحسن سكانها الفرز وأخرى لا يُحسنونه، ولذا يفرّغون النفايات جميعها في الشاحنة ذاتها لإعادة فرزها فيما بعد (أو طمرها والله أعلم)!

على المواطنين أن يصبروا قليلا إلى حين تنفيذ مشروع حاويات النفايات تحت الأرض!

وهذه جميعها ردود وأعذار أقبح من ذنب!! 

ألا تدري شركة «رامكو» أن هناك حاويات لإعادة التدوير ليس لها غطاء علوي ولا يمكن فتحها أو العبث بها مثل تلك التي كانت تستخدمها شركة «سوكلين»، وأين خبرة شركة «أطلس» في هذا المجال!

ألا تدري شركة «رامكو» أن البلدية بالكاد تؤمن حراسة مقرّاتها ومستودعاتها وآلياتها، فكيف يُمكن مطالبتها بتأمين حراسة حاويات النفايات على مدار الساعة؟!

هكذا، وبعد ان يتنكب المواطن عناء الفرز بما فيه تنظيف المواد القابلة للتدوير، يرى جهوده تذهب هباء أمام عينيه عبر جمع واختلاط مختلف أنواع النفايات في الشاحنة ذاتها! وكون الشركة تبنّت شعار «بتحرز تفرز» فأين هي حملاتها للتوعية على كيفية الفرز الصحيح لتحسين نوعية الفرز ونتائجه، بدلا من تصنيف نفايات المناطق والغمز من وعي سكانها!!

أما بخصوص حاويات النفايات تحت الأرض فقد أطلقها رئيس بلدية بيروت جمال عيتاني في 22 حزيران 2018، في ساحة الشيخ صبحي الصالح في منطقة ساقية الجنزير، حيث تم تركيب ستة حاويات بقيمة 33800 دولار (علماً أن أحجامها صغيرة ولا تلائم عادات السكان في استخدام أكياس كبيرة وصناديق كرتون لجمع النفايات المنزلية)، وأمام عدد من وسائل الإعلام، توجه إلى أهالي بيروت للمساهمة بإنجاح ما اعتبره «خطوة أولى لحلّ مشكلة النفايات في بيروت الحبيبة».

ولفت عيتاني إلى أنّ المقاول الذي لزّم المشروع بداية أيار 2018، تعهّد بتنفيذ 250 موقعاً للنفايات تحت الأرض خلال السنة الأولى من توقيع العقد من أصل 700 موقع، وبالقدر الذي تسمح به البنى التحتية. 

ولقد أوقف محافظ مدينة بيروت القاضي زياد شبيب المشروع .. «وهيدا وشّ الضيف .. وعيش يا كديش».

الأنكى، أن هناك من أشار إلى أنه من الأفضل أن نترك الذين ينبشون حاويات إعادة التدوير وشأنهم، بدلاً من ان يلتفتوا الى السرقة والنهب والإخلال بالأمن!! 

إذن يا معالي الوزير جريصاتي نحن نقوم بواجبنا ودورنا كمواطنين صالحين متعاونين، نهتم بالبيئة، فماذا أنتم تفعلون غير انتاج الخطط الورقية، والتنظير علينا، وربما توبيخنا؟!



* كاتب وباحث.