انشغل العالم على مدى خمسة أيام بقصة الطفل المغربي ريان أورام (5 أعوام)، الذي سقط في بئر عميقة، وتابعت وسائل الإعلام محاولة إنقاذه ورجاء إعادته حيّاً إلى عائلته، لكن مشيئة الله أن يكون هذا الطفل من عصافير الجنّة.
من المعتاد أن يهتم الناس بالأفراد، وخاصة الأطفال، كمثل احتياج طفل إلى عملية جراحية دقيقة لا يستطيع والداه تحمّل تكاليفها، فيتبنّى هذه الحالة شخص أو مجموعة أو جمعية أو صفحة على وسائل التواصل الاجتماعي، لتتدفق التبرعات المالية بشكل هائل.
لذا فإن التعاطف الذي رافق عملية إنقاذ الطفل ريّان، ثم رحيله الذي ترك حسرة في قلوب الجميع، خلق ردّات فعل إنسانيّة، هذا بعضها:
أعلن لاعب كرة القدم المغربي عبد الرزاق حمد الله القيام بحملة استهلّها بإعلانه أنه سيهدي منزلاً مجهّزاً بالكامل لأسرة الطفل ريان.
وقرّر الأمير عبد العزيز بن فهد أن يتبرع بمليوني ريال سعودي (535 ألف دولار) لوالديه.
ودشّن نجوم وفنانون مغاربة حملة تبرعات لفائدة عائلة الطفل، استهلّتها الفنانة المغربية دنيا بطمة وأختها ابتسام بالتبرع بمبالغ نقدية.
كما أعلن مركز ADAMS وهو مركز إسلامي مقرّه في الولايات المتحدة الأميركية، وتنشط فيه الجالية المسلمة من مختلف الجنسيات، انه جمع لحدود يوم الاثنين 7/2/2022، تبرعات بقيمة 130 ألف دولار لفائدة أسرة ريان.
وتبرّع الصحفي الكويتي المختص في عالم الجريمة، أبو طلال الحمراني، بمبلغ 3 آلاف دولار.
وأعلنت إحدى وكالات السفريّات المغربية إهداء عمرة لوالدي الطفل ريان، وكذلك «مجموعة حسين محمد حجازي» السعوديّة لخدمات الحج والعمرة تبرّعت بعمرة مجانية مدفوعة التكاليف لوالدي الطفل. كما أعلن الـ«يوتيوبر» السعودي أحمد البارقي، عن تقديم عمرة وإقامة شهر بمكة والمدينة لوالدي ريان.
وأطلقت منصة «إحسان» للعمل الخيري (السعودية) حملة تبرعات ستُخصص صدقة جارية عن روح ريان رحمه الله، في مجال الرعاية الصحية.
وأعلنت مجموعة من المواقع الإلكترونية المغربيّة عن التبرع بمداخيلها من موقع «يوتيوب» لعائلة الطفل ريان من أجل التخفيف من معاناتها. وأعلن أحدها عن تخصيص شقتين مجهّزتان، واحدة لعائلة الطفل ريان، وأخرى للشخص الذي أشرف على عملية الحفر من أجل إخراج الطفل ريان من داخل البئر الذي علق به. كما أعلن موقع «هبة بريس» عن التبرع لسائقي الجرافات الذين ساهموا في إنقاذ الطفل ريان. وقررت مواقع أخرى التبرع لمن ساهم في توفير الطعام لعمال الإنقاذ.
وللأسف، استغلّ البعض مأساة هذا الطفل وعائلته للقيام بالنصب على الناس وجمع المساعدات والتبرعات الماليّة بحجة أن تلك التبرعات ستذهب لوالد الطفل ريان.
لماذا أكتب هذا المقال؟
أولاً، لأقول أنّ أمّتنا خيّرة معطاءة كريمة، وغرس الخير فيها لن ينقطع إلى قيام الساعة، بإذنه تعالى.
وثانياً، لأذكّر أنه مع روعة الاندفاع للمساعدة في المحن والصعوبات والكوارث والشدائد، فإن هناك ضرورة ماسّة، على مدار السنة، للاهتمام بأعمال الزكاة والصدقات، ونفع الناس وتيسير أمورهم وقضاء حاجياتهم، والإصلاح والتكافل والإعمار، و«تبسّمك في وجه أخيك، لك صدقة»، و«إماطة الأذى عن الطريق صدقة». وهي أمثلة من العبادات الاجتماعيّة التي تعنينا وتهمّنا. طبعاً إن صلاة الأفراد ونوافلهم وصيامهم وحجّهم والعُمرة، يُحمدون عليها بدون شك، لكنها عبادات فرديّة حسابها بينهم وبين ربّ العالمين.
نهدف في هذا المقال إلى الإضاءة على ما ينفع الناس على مدار الزمن ويقيهم (بإذن الله) من غدر الدهر، وقد قال المؤرخون أن الناس قد اغتنت في عهد عمر بن عبد العزيز (رضي الله عنه)، وأن أموال الزكاة فاضت حتى أنه لا يوجد من يأخذها، فقيل إنه أمر بشراء القمح بفائض أموال الزكاة، ونسب إليه القول: «أنثروا القمح على رؤوس الجبال حتى لا يقال جاع طير في بلاد المسلمين».