بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 تشرين الأول 2020 12:00ص س.ج.. قراءة بين السطور

حجم الخط
بين سيبويه ومتابعيه وعشاقه نقاط وحروف، وبين التعبير بالفصحى و«الحكي بالدارج» فواصل واشارات ونقطة على السطر.

قد يسأل سائل لماذا س. ج. وأين تكمن اهميتها في المعادلة اللبنانية الحالية.. س تعني السؤال، وج تعني الجواب بالطبع، وما هذه الأُحجية المعقدة التي نحن بصددها اليوم في هذا البلد انما هي وبفصيح العبارة وبالسهل الممتنع السين تعني سعد والجيم تعني جبران- مع حفظ الألقاب للرجلين معاً.

اذا كان الخلاف الحاد بينهما قد بلغ ما بلغ حتى وصل الى الذروة واللارجوع، او تنازل احدهما للآخر ولو بالشكل وليس بالمضمون، ومن خلال انقطاع اي اتصال بينهما ولو عبر رنين جرس الهاتف إما في بيت الوسط او في اللقلوق لا سيما بعد ان تم تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة العتيدة في لبنان بأغلبية 65 صوتا مقابل 53 صوتا لم يسموا احداً وبغياب 2 من النواب. مما يطرح سؤالا كبيرا في هذه المرحلة يشكل هاجساً عند الناس ألا وهو كيف ومتى وهل سيشكل الشيخ سعد حكومته قريباً ام انها ستبقى في دائرة المد والأخذ والرد، تخضع للعبة شد الحبال بين هذا الطرف في لبنان وذاك مع ما ستترك من تداعيات سلبية على اللبنانيين والبلاد والعباد فيها بشكل عام.

كم كان بودّ معظم اللبنانيين ان يسمعوا خبرا مفرحا عن جمع الرجلين معا في هكذا ظروف صعبة ومصيرية يعيشها لبنان واللبنانيون جميعاً، لتذليل الصعوبات التي تعيق وتعترض عملية التشكيل، الا ان الخلاف بينهما والذي وصل على ما يبدو الى حد السيف، ولم يترك «للصلح مطرح» يجعل كُلاً منهما يشمخ برأسه عاليا ويسير على رؤوس الاصابع منعا لتنازل احدهما للآخر.

وقصة السين جيم تذكرنا بما كان يحصل في الماضي بين كميل وكمال وبين صائب بك ورشيد افندي وغيرهم وغيرهم من السياسيين اللبنانيين حيث يحتدم الخلاف على ابسط الامور، الا انهم كانوا يلتقون عندما يتعرض لبنان للخطر عند اول مفترق للطريق،وهذا إن دلّ على شيء فإنه يؤكد على ضرورة لا بل على وجوب ايجاد قاسم مشترك يلتقي عليه الشيخ سعد ورئيس التيار الوطني لما فيه مصلحة لبنان العليا.

وما كلام وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان مؤخرا امام لجنة الشؤون الخارجية حين دق جرس الانذار بشأن الوضع الخطير في لبنان، اذ قال انه في حال عدم تشكيل حكومة جديدة في لبنان قريبا فإن الوضع يسير نحو المزيد من التأزم لا بل نحو الانهيار وان المركب سيغرق. إلا انه قد نسي او تناسىان يقول للسياسيين في لبنان بوضوح ان المركب سيغرق بمن فيه ومن عليه من دون استثناء. وهنا يجب اخذ كلامه بعين الاعتبارلانه لن يكون هناك حبل نجاة لأي من المسؤولين والسياسيين في لبنان ولا للبنانيين جميعاً.

كل تلك التطورات المتسارعة تزامنت مع كلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الاربعاء في 21 تشرين الاول الجاري حيث طرح في كلمته 22 سؤالا يتعلق كل واحد منها بالوضع اللبناني ماضياً وحاضراً ومستقبلاً. الا اننا نستميح فخامة الرئيس عذراً لإلقاء الضوء على بعض ما جاء في كلمته التي كانت اصغر من خطاب واكبر من كلمة. وانطلاقاً من كون الرئيس عون- كما يقول هو نفسه- «بي الكل» يجب القول بصراحة ووضوح ان الوضع في لبنان كان منذ اربع سنوات وقبل تسلمه مقاليد الحكم، فيه «مغارة علي بابا والاربعين حرامي»، اما اليوم فنصارحكم القول بمحبة وتجرد واحترام اننا بتنا امام مغارة فيها اكثر من400.. بابا، وماما واخ واخت وابن وابنة وحفيد وصهر وجار وصديق، وهذا الامر زد عليه التوريث السياسي في هذا البلد الذي اوصلنا الى ما وصلنا اليه في هذه الايام الحالكة على مختلف المستويات دون ان يجد الفاسدون في هذا البلد من يحاسبهم ويحاكمهم ويضعهم في السجون.

اما في ما يتعلق بموضوع الخلاف المستحكم بين السين والجيم فلا بد من وضع حد جذري للخلافات السياسية برمتها، رحمة بالبلاد والعباد لان اللبنانيين جميعاً سئموا من المهاترات والخلافات السياسية وباتوا ينشدون الحلول لمعاناة لبنان الاقتصادية والمالية والمعيشية والاجتماعية ولن يبقىلهم من امل وفرصة للخروج من هذا النفق المظلم الا تشكيل حكومة وحدة وطنية تجمع بين اطيافها كل المكونات في لبنان تحت سقف التوافق على مصلحة لبنان العليا رحمة به وباللبنانيين جميعاً.