بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 تشرين الثاني 2020 06:19ص «سوق أبو رخوصة» «يسترد» وسط بيروت من «سوليدير»!

سوق أبو رخوصة في وسط بيروت سوق أبو رخوصة في وسط بيروت
حجم الخط
عندما خرج رئيس «جمعية تجار بيروت» نقولا شماس قبل خمس سنوات ليهاجم مشهد السوق التجاري في وسط العاصمة رافضا أن يتحول الى سوق «أبو رخوصة»، كان بذلك يعلن ولادة مبادرات شعبية أسست لصعود طابع ذلك السوق ليتخذ منحاه المُنظم وليصبح محط أنظار معظم الفئات اللبنانية التي تنحسر دون الطبقة الوسطى شيئا فشيئا. 

مذّاك وفي ظل انتفاضة شعبية اندلعت في العام 2015 من رحم أزمة النفايات، شكلت كلمات شماس تحديا لمجموعات شبابية تعتبر في أساس الانتفاضة الشعبية التي اندلعت بعدها بأربع سنوات. 

دأبت مجموعات شبابية على تنظيم «سوق أبو رخوصة»، على ما استطاعت وفي سعر الكلفة، في ظل الظروف الصعبة التي هبت على البلاد. والأهم بالنسبة الى تلك المجموعات كان عدم الاستسلام للطابع الطبقي «الميسور والمتكبر» الذي يُراد لبيروت أن ترتديه.

حاول هؤلاء قدر الامكان الاستمرار في المكان الذي انتقل من ساحة رياض الصلح الى ساحة الشهداء، الاكثر رمزية وارتباطا بانتفاضة 17 تشرين. اليوم، قررت المجموعات إعادة فعاليات السوق بعد انقطاع قهري تحت عنوان كسر احتكار «سوليدير».

في المكان، يستعيد المرء أجواء «الثورة» حيث القبضة المرفوعة التي أُحرقت مرتين والتي تحولت «حرقة في قلب» حارقيها، وحيث يحضر أيضا شعار مأساة المرفأ «فنحن لن ننسى ولن نسامح».

ورغم إخفاق «الثورة»، يتجسد هناك احد إنجازاتها وسط الفرحة والارتياح الشعبي لصمود السوق على مقربة أمتار من مشهد مؤسف يجسده الإقفال وقفر المكان الذي كان يضج قبل أشهر بالناس.

واكيم: لا ثورة تبقى في الطريق

يشير أحد المنظمين عمر واكيم، الى أنه خلال السنتين والنصف الماضيتين «حاولوا أن يمنعوا النشاط والسوق، لكنهم خضعوا للأمر بعد الضغط الشعبي وهدفنا اليوم أن نقول إننا تمكنا من الانتصار على السلطة واسترداد المكان للناس، وهي أول معركة ناجحة عبر استرداد أملاك الدولة المنهوبة من سوليدير وإليسار ولينور».

ويبدو واضحا أن الفئات المختلفة من اللبنانيين باتت اليوم أكثر حاجة من أي وقت مضى الى المكان بعد الأزمة الاجتماعية والاقتصادية. يلفت واكيم النظر الى ان «الفكرة تمثلت في تقديم المكان للناس مقابل بدل رمزي أو حتى من دون أي مقابل، ونحن مضطرون لذلك كوننا نسدد إيجارات الخيم لكن المكان حصلنا عليه في شكل مجاني، وهي رسالة لتشجيع الناس لكي يأتوا ويستعملوا أرضهم وضرب الفكرة التي أوهموهم إياها كونها ملك للذين سرقوا البلد».

وفي ذكرى «الثورة»، يرى القيادي في حركة «الشعب» أنه من الطبيعي أن تكون المرحلة الاولى دائما هي مرحلة إطلاق صرخة الوجع والمعاناة، قبل أن تتحول رويدا رويدا الى الأفضل، مع بعض الصعوبات والعقبات لكي تنتج قياداتها وبرنامج عمل يحاكي المرحلة المقبلة. إذ ليس هدف الثورة أن تبقى في الشارع، ففي النهاية الناس في حاجة لأن تعمل وتعالج مشاكلها ومهما كانت الظروف ليس هناك من ثورة في العالم تبقى على الطريق».

.. وفي المكان تتنوع إغراءات العروض التي يفخر بها شباب ورجال من مختلف الانتماءات. يقول بسام جواد فارس من كفركلا الذي عاصر الوسط التجاري حين كان شابا قبل الحرب الاهلية، إن المكان الذي كان يُعرف بساحة النجمة والساعة، كان يجمع الطبقات كافة، الفقير والغني والمتوسط.

مُربي النحل الذي قدم من منزله المجاور الذي لم يترمم حتى الآن بعد إنفجار المرفأ، يشير الى ان المكان عادت إليه الروح رغم سرقة البلد. هو أتى لبيع منتجات زراعية و«مونة». «كلنا في العائلة نعمل لكي لا نحتاج أحدا، وأنا أتنقل في أكثر من مكان وفور سماعي بهذا النشاط حضرت سريعا».

تتنوع المنتجات المعروضة في السوق من قبل حرفيين ومزارعين وعارضي الكتب والقرطاسية والألعاب وإكسسوار وأنتيكا وأشغال يدوية وحتى مستحضرات تجميل وكثير مما يمكن أن يخطر على البال. وثمة نية، حسب المنظمين، للتوسع في ساحتين نزولا ويتم التواصل مع محافظ بيروت مروان عبود لذلك وهو الذي يشير إليه هؤلاء بكونه الداعم الكبير للسوق حيث تم تنسيق الأمن مع شرطة بيروت واتخذت اجراءات مناسبة مع وباء «كورونا المستجد».

وبعد أن انطلق المؤسسون في ساحة رياض الصلح عبر خيم عدة، ثم وصلوا الى نحو 50 خيمة، هم اليوم يعودون في نشاطهم عبر نحو 100 خيمة، على أمل الوصول الى رقم 150 المأمول وتحويل المعرض الى نشاط شهري وهو ما سوف يبحثونه مع المحافظ. ففكرة الأسواق الشعبية باتت مطلوبة وسط كارثة معيشية تذهب نحو الأسوأ كل يوم، وسيدفع نجاح النشاط ليوم واحد الى محاولة تجديده مع كل أحد من كل شهر وسط إقبال متزايد وتطوير ذاتي للمعرض نفسه من قبل المنظمين الذين يؤكدون أن «هون إسمو البلد».